تُعد العطور جزءاً لا يتجزأ من الهوية السعودية، حيث تمتد جذورها في الثقافة والتقاليد العريقة للمنطقة. لم تكن العطور مجرد منتج تجاري، بل كانت رمزاً للضيافة والكرم والتقاليد الاجتماعية. ومع مرور الزمن، شهدت صناعة العطور في المملكة تطوراً ملحوظاً؛ بدءاً من الطرق التقليدية لصنع العطور، وصولاً إلى دخول التكنولوجيا والابتكار في هذا المجال. في هذا الموضوع، نستعرض تاريخ صناعة العطور في السعودية منذ بداياتها حتى يومنا هذا.
إعداد: ولاء حداد
يمكنكم حجز التذاكر لحضور أسبوع العطور في جدة عبر الإنترنت عن طريق زيارة موقع webook.com
العطور بين التراث والاحتراف
بدأت صناعة العطور في السعودية منذ القدم، حيث اعتمد سكان الجزيرة العربية على الطبيعة الغنية بالموارد العطرية. وكانت العطور تُستخلص يدوياً باستخدام أساليب تقليدية؛ تعتمد على النقع والتقطير البسيط.
ومن أبرز المواد الخام التي كانت تستخدم في السعودية لصناعة العطور هي المسك والعود والزعفران والعنبر واللبان والورد، خاصة الورد الطائفي، وعدد من المكونات الطبيعية الأخرى.
الانتقال إلى الحرفية والتجارة
في القرن الـ 19، بدأت العطور تأخذ طابعاً احترافياً؛ حيث ظهرت العائلات المتخصصة في خلط العطور الشرقية؛ مثل عطور العود، والمسك، والعنبر.
وفي بداية القرن العشرين، كانت العطور تُباع في الأسواق التقليدية؛ مثل سوق الزل في الرياض، وسوق البدو في جدة، حيث كان التجار يجلبون المواد الخام من الهند واليمن وبلاد فارس.
الطفرة الاقتصادية وصعود العلامات التجارية المحلية
مع الطفرة النفطية في السبعينيات، شهدت صناعة العطور تحولاً كبيراً؛ حيث زاد الطلب على العطور الفاخرة، وبدأت الشركات المحلية في تصنيع العطور بكميات تجارية، وخلال هذه الفترة، بدأت العلامات التجارية السعودية في التوسع خارج المملكة، لتصل إلى الأسواق الخليجية والعالمية، مما جعل السعودية لاعباً رئيسياً في سوق العطور الفاخرة.
التكنولوجيا والثورة الرقمية
مع دخول الألفية الجديدة، بدأ التحول نحو الاستخدام المكثف للتكنولوجيا في تصنيع العطور، حيث ظهرت عدة اتجاهات جديدة:
- العطور المخصصة حسب الطلب: بدأ بعض المصنّعين في تقديم خدمة تصميم العطور بناءً على تفضيلات العملاء، مما أتاح تجربة شخصية فريدة.
- التجارة الإلكترونية وانتشار العطور السعودية عالمياً.
- ظهور متاجر إلكترونية أسهم في توسيع وصول العطور السعودية إلى أسواق دولية.
- انتعاش سوق العطور النيش (Niche Perfumes)، حيث بدأت العلامات السعودية بإنتاج عطور فريدة تستهدف عشاق التميز.
- استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة العطور: بعض العلامات بدأت في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحليل التفضيلات العطرية، وصنع خلطات متطورة بناءً على بيانات العملاء.
ووفق "الاقتصادية"، دخلت صناعة العطور السعودية منافسة محمومة مع أشهر أنواع العطور العالمية؛ بصادرات بلغت قيمتها 416 مليون ريال خلال عشرة أشهر من 2023، مقابل واردات أغلبها من الدول الأوروبية؛ بلغت 1.1 مليار ريال خلال الفترة نفسها.
واغتنم المستثمرون السعوديون الفرص الاستثمارية المتاحة أمامهم في قطاع صناعة العطور، حيث لم تَعُد السوق المحلية وبقية الأسواق الخليجية، بل حتى العالمية، حكراً على ماركات تجارية عالمية بعينها، بل أصبح المنتج السعودي منافساً قوياً لهذه الماركات المستوردة."
نظرة مستقبلية
مع رؤية 2030، تسعى المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح مركزاً عالمياً لصناعة العطور الفاخرة، حيث يتم تشجيع الاستثمار في التصنيع المحلي، مع التركيز على إنتاج العطور الصديقة للبيئة والمستدامة، وكذلك ظهور جيل جديد من صانعي العطور السعوديين الذين يمزجون بين العراقة والتقنيات الحديثة لصنع عطور تنافس العلامات العالمية، ومن ثم دخول السعودية سوق العطور النيش بقوة، حيث بدأ بعض الشركات الناشئة في تصنيع عطور بمكونات نادرة ومحدودة الإصدار.
ختاماً، مرت صناعة العطور في السعودية برحلة طويلة من الاعتماد على المواد الخام الطبيعية إلى التحول نحو الابتكار والتكنولوجيا. ومع ازدهار العلامات التجارية المحلية والتوسع العالمي، تبدو المملكة في طريقها لأن تصبح واحدة من أبرز القوى في صناعة العطور الفاخرة عالمياً، محافظةً على تراثها العطري الأصيل، مع مواكبة أحدث التطورات في المجال.
في سياق متصل: أجدد العطور النسائية الفاخرة 2025.. نفحات عطرية فواحة تأسر الحواس