الطفل المنبوذ من رفاقه: حالة تستدعي القلق


عندما يشكو الطفل إحجام زملائه عن اللعب معه ورفضهم مشاركته في ألعابهم الجماعية وتحدّثهم فيما بينهم بينما يتجنّبون الحديث معه، تعتريه الوحدة والمشاعر السلبيّة، ممّا يستوجب من والديه الاهتمام بهذا الأمر.  

الاختصاصيّة في علم النفس وتعديل السلوك في «معهد الصحوة للتأهيل» خديجة الراشد توضح لقارئات «سيدتي» الأسباب المسؤولة عن هذه المشكلة وكيفية تطويقها ومنعها من أن تتحوّل إلى حالة نفسيّة.


 

تبدو مشكلة الطفل المنبوذ من قبل رفاقه حالة نفسية واجتماعية تستدعي القلق من قبل الوالدين، وتدفعهما إلى إدراك حجم الألم الذي يعانيه صغيرهما ومحاولة تقديم المساعدة له لتــخطّي هذه المشكلة، تلافياً لأن تتضاعف حالة التأزّم النفسي لدى الطفل ويصبح سلوكه انطوائياً في المستقبل.

وممّا لا شك فيه أنّ «شعبيّة» الطفل أو تقبّل رفاقه له مرتبطة بشخصيته، فإذا كان يتمتع بروح اجتماعية ودودة ترتفع نسبة هذه «الشعبيّة»، فيما العكس صحيح. لذا، يفضّل أن يعلم الوالدان مدى تقبّل الآخرين لطفلهما قبل أن يشعر بالحزن لافتقاده الرفاق. ويمكن لهما قياس «شعبيّة» صغيرهما، من خلال إحصاء عدد الأصدقاء المقرّبين منه ومن يتبادلون معه الزيارات المنزلية أو من يتحدثون اليه عبر الهاتف أو يدعونه إلى حفلاتهم.

 

أسباب مسؤولة

يجدر بالوالدين، من خلال التدقيق والبحث والتحدّث مع المدرّسين وتوجيه أسئلة للطفل نفسه، الاستدلال على الأسباب التي تجعل أقرانه يتجنّبونه. وإذا كان السبب يعود إلى سوء سلوك الطفل واتصافه بالعدوانية أو المشاكسة أو الاستبداد أو الدلال في تعامله معهم، ينبغي التوضيح له أنّ انسجامه مع الآخرين يتطلّب تعديل سلوكه أولاً، وتذكيره بأنّ سيئ السلوك غير مرحّب به وسط جماعة الأطفال. 

ولكن، قد يكون الوالدان أو أحدهما هو المسؤول عن نبذ الطفل من قبل زملائه، إذا كانا يشعلان نار المنافسة بينه وبينهم أو يوبّخانه إذا لم يحقّق النجاح والتفوّق عليهم أو يدفعانه إلى المنافسة في مجالات لا يمتلك الموهبة والمقوّمات الكافية لتحقيق النجاح فيها... عندها، سيتخذ الطفل موقفاً عدائياً من رفاقه، لأن الأهل  يضربون له أمثالاً سيئةً تتنافى مع الروح الرياضية التي يجب أن يتّسم بها مع رفاقه.

وثمّة خطأ آخر تقع فيه بعض الأمهات عندما «تكبّل» طفلها بألعاب باهظة الثمن أو ملابس فخمة أو حلي ومجوهرات في مدرسة يرتادها تلامذة متوسّطو الحال يلبسون ملابس عادية ولا يمتلكون هذه الأشياء، فيصبح طفلها «شاذّاً» وسط الجماعة! وبالتأكيد، سوف ينفرون منه لأنه يشعرهم بالإحباط. ولعلّ المشكلة تتعاظم حين يدرك الطفل أنه مميّز نتيجة لهذه العوامل (الأمور الماديّة)، فيقوم بالتباهي بالأغراض التي يمتلكها أو بالنقود التي ينفقها.

بالمقابل، يشكّل خجل الأطفال عائقاً كبيراً أمام كسبهم الصداقات. فإذا لاحظت أن طفلك خجول، بادري إلى معالجة الأمر عن طريق دمجه أكثر بالمجتمع ومع أقرانه، إضافة إلى تدعيم شخصيته وتقوية ثقته بنفسه من خلال أسلوب تربوي متخصص في هذا المجال.

 

يجدر بالوالدين البحث عن السبب
الذي يدفع بالأولاد إلى تجـنّب صغيرهما

 

أهميّة الصداقة

للصداقة دور لا غنى عنه في بناء شخصية الطفل، فتبادل الأصدقاء تجاربهم وخبراتهم الحياتية المختلفة، وإن كانت محدودة في سنّ صغيرة، يلعب دوراً في