معلوم أنّ الأهل قد يستخدمون أنواعاً مختلفةً في عقاب أطفالهم عندما يرتكبون الأخطاء التي تمّ تنبيههم عليها من قبل، إلا أن الملاحظ أنّ بعضهم يقوم بعقاب والديه لإبداء اعتراضه على بعض الأمور أو كردّ فعل تجاه عقاب قاس كان قد تلقّاه. «سيدتي» تسلّط الضوء على هذا السلوك، من خلال معلومات استقتها من الإختصاصية في علم النفس الدكتورة نيفين جلالة في المستشفى السعودي الألماني.
ثمّة عدد من التصرّفات الخاطئة التي يقترفها الأطفال هي عبارة عن عقاب للآباء أو ردّ فعل على تصرفات تزعجهم. ويتخذ هذا العقاب الأشكال التالية: التبول والتبرز اللاإرادي والعناد والحركات الاستفزازية والكذب. ومما لا شك فيه أنّ هناك عدداً من الأسباب التي تدفع الطفل إلى اللجوء إلى هذه الأفعال، أبرزها: تحقيره والحطّ من شأنه، القسوة في التعامل معه وعقابه، المضايقة والتهديد المستمر والتضارب في أساليب التربية.
1- الكذب والفتنة
يكذب ويفتن العديد من الأطفال، عناداً وتحديّاً لوالديهم الذين يعاقبونهم بشدّة، وذلك بهدف الهروب من العقاب القاسي الذي يحطّم نفسيتهم أو عدواناً وانتقاماً من أحد الوالدين أو الاخوة. فعلى سبيل المثال، قد يحكي الطفل إلى أبيه عمّا ارتكبه أخوه لكي يقع العقاب على هذا الأخير، بدون أن يكون قد ارتكب أي ذنب!
ولعلاج هذه الحالة، يجب أن يشعر الطفل دائماً بعطف الأبوين عليه بدون إكراه أو سخرية، وذلك من خلال إشباع حاجاته النفسية (العطف والحنان) وتبصيره بأهمية الأمانة والصدق فيما يقوله ويفعله، وتشجيعه على ذلك.
2- افتعال المشكلات
يعكس عناد الطفل وتشبّثه نوعاً من أنواع عقابه لوالديه، وذلك بهدف تحقيق حاجة معيّنة قد تمّ رفضها من قبل. وفي هذا الإطار، يجدر بالأبوين إدراك أنّ ثمة حدّاً «معقولاً» للعناد يجب ألا يتجاوزه الطفل، علماً أن هذا الأخير يختبر البيئة المحيطة به، وذلك من خلال الاعتراض والقيام بما يريد. ولكن إذا ازدادت هذه الحال بشكل كبير، تأتي مهمّة الوالدين في تهذيب الطفل ووضع الحدود التي يجب
ألا يتجاوزها.
ولعلاج مشكلة العناد، يحب أن يشعر الطفل بالدفء الأسري والعاطفي، حيث إنّ إهمال الوالدين لشؤون طفلهما يؤدي إلى تحوّله، تدريجياً، إلى شخص معاند وكثير الإلحاح، كما أنّ الحرمان بأي شكل من الأشكال يولّد حالات العناد وخصوصاً الحرمان من حنان الوالدين. ولعلّ القسوة على الطفل تؤدي إلى تكوين ميول عدوانية.
3- التبرز اللاإرادي
هو عبارة عن الانسياب التلقائي للبول أو البراز ليلاً أو نهاراً لدى طفل تجاوز عمره الأربع سنوات أي السن التي يتوقّع فيها أن يتحكّم الطفل بمثانته. وقد يكون هذا التصرّف نابعاً من الطفل في غالبية الأوقات لمعاقبة والديه، وذلك إذا لم يكتشفا أنه يعاني من مشكلة عضوية.
وهناك أسباب عدّة مسؤولة عن لجوء الطفل إلى هذا العقاب القاسي، أبرزها:
- إنتهاج القسوة والعنف البدني من قِبل الوالدين.
- التفكّك الأسري (الطلاق والانفصال وتعدّد الزوجات وازدحام المنزل وكثرة الشجار أمام الطفل).
- بداية دخول الطفل للمدرسة والانفصال عن الأم.
- الحرمان العاطفي من جانب الوالدين.
ولعلاج هذه المشكلة، لا بدّ من:
- توفير الأجواء الهادئة في المنزل، وذلك لإبعاد التوتر عن الطفل.
- الالتزام بــــالهــدوء والتحلّي بالصبــر فــي مواجهة هذه المشكلة.
- مساعدة الطفل على النوم ساعات كافية ليلاً، على أن ينام ساعة واحدة خلال النهار، لأنّ ذلك يساعد في التغلّب على مشكلة عمق النوم.
- توفير ملابس داخلية بقرب الطفل وتشجيعه على القيام بتبديلها بمفرده، في حال التبوّل حتى يشعر بالمسؤولية.
- استخدام أساليب التشجيع اللفظي والمادي.
- عدم اللجوء إلى الضرب لأنه سوف يزيد المشكلة سوءاً.
4- الحركات الاستفزازية
يمارس بعض الأطفال أفعالاً استفزازيةً لعقاب الوالدين، لعلمهم أنها تثير غضبهما. وقد تتمظهر هذه الحركات الاستفزازية أمام الغرباء أو أثناء الخروج من المنزل، وقد تكون أيضاً نوعاً من أنواع لفت النظر والانتباه، فالطفل يريد أن يهتم به الآخرون وينجذبوا إليه.
ولعلاج هذه المشكلة، على الوالدين إدراك الأمر الذي يتطلّع الولد الى تحقيقه من جراء سلوكه الاستفزازي، فهل يريد أن يحصل على انتباه الوالدين أم أنه يتفادى شيئاً
لا يحبه أو لا يجيد القيام به أم أنّ هذا التصرف ناتج عن شعوره بالغضب؟ ولدى الإجابة عن هذه الأسئلة، يتوصل الأبوان إلى ما يريده الطفل وسيتمكّنان من مساعدته في الحصول على ما يريد، بطريقة تربوية سليمة.