كان الإعتقاد سائداً حتى وقت قريب أن الإكتئاب حالة تصيب الراشدين حصراً، إلا أن علماء النفس يؤكّدون أن الكآبة قد تصيب الطفل، علماً أن خطورتها على هذه المرحلة العمرية أشدّ وأخطر!
الإختصاصية في علم النفس مي أحمد تعرّف قارئات «سيدتي» على اكتئاب الأطفال ومظاهره.
الاكتئاب حالة انفعالية سيّئة تسبّب تغيّراً في المزاج، فتسيطر على المصاب بها مشاعر البؤس والحزن وكره الحياة. وتكمن أسباب اجتماعية ونفسية خلف اكتئاب الطفل والذي قد يصيبه بعد وفاة أحد والديه أو فقد شخص عزيز على نفسه أو نتيجة لمشكلة عائلية (طلاق والديه أو العنف الأسري أو إدمان أحد الوالدين أو تمييز الوالدين في المعاملة بين الأبناء) أو تعرّضه للإهمال والنبذ والعقاب القاسي والعنف اللفظي والبدني. كما قد ينتقل شعور الإكتئاب من الوالدين للطفل، إذ تعتبر الوراثة عاملاً هاماً ومسؤولاً، في هذا الإطار.
وإذ تشير الإحصائيات إلى نسبة تبلغ من 1 إلى 2% من الأطفال ممّن تتراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات تصاب بالإكتئاب، تظهر هذه الحالة بصورة واضحة لدى الأطفال في سنّ العاشرة، كما تصاب بها الإناث أكثر من الذكور، وتكثر في صفوف من يعانون من أمراض مزمنة أو إعاقات.
وبالطبع، غالباً ما يكون الإكتئاب لدى الطفل سبباً خفياً لكثير من الأمراض العضوية والتي يطلق عليها إسم «الأمراض النفسجسمية»، فتنتابه اضطرابات تترجم على هيئة شعور بمغص أو صداع أو آلام في الصدر أو فقد الشهيّة إلى الطعام وبالتالي خفض وزنه أو الأكل بشراهة وازدياد وزنه أو الإمتناع عن الكلام)الخرس الإختياري( .
علامات الإكتئاب
يمكن للأم أن تكتشف مرور طفلها بالإكتئاب عن طريق ملاحظة سلوكه جيداً، إذ ثمة علامات تشير إلى إصابته بهذه الحالة، وهي:
يتعامل مع الأمور بلا مبالاة وقلّة حيلة، مع انعدام الحماسة لديه.
يشعر بالذنب ويحتقر ذاته.
يفضّل
الوحدة ويتجنّب الإحتكاك بالآخرين.
ينتابه
شعور بالتشاؤم وفقدان الأمل ولا يتطلّع إلى المستقبل.
تنتابه
حالة من شرود الذهن وعدم التركيز عند أداء الواجبات والأعمال المدرسية أو حتى عند مشاهدة التلفاز أو قراءة كتاب، مع صعوبة في تذكّر الأشياء.
يشعر
بالتعب والإرهاق وعدم الراحة معظم الوقت.
ينام
لفترات طويلة، لكن متقطّعة وغير كافية.
يتمنّى
الإختفاء ويفكّر في الموت أو الإنتحار.
لديه
الرغبة في البكاء في أي وقت، وبدون سبب.
أكثر خطورة!
ومن الملاحظ أن الأطفال الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن غضبهم يتوجّهون بغضبهم نحو ذواتهم ويميلون إلى التقليل من قيمتهم ويلجؤون إلى الإعتداء على أنفسهم بطريقة ما. وقد يكون الإنتحار إحدى هذه الطرق! ولكن، لا يتفاقم الموضوع إلى هذه المرحلة سوى عندما يقتنع الطفل أنّه لا يستطيع أن يتوافق مع الظروف المحيطة به. ولعلّ الحقيقة المفزعة أن 25% من الأطفال المصابين بالإكتئاب يفكّرون جدياً في الإنتحار، وخصوصاً خلال المراهقة.
عـلاج الإكـتـئـاب
لدى التأكّد من إصابة الطفل بالإكتئاب، هناك مراحل عدّة للعلاج تتفاوت وفقاً لدرجة الإصابة، ويكمن المفتاح في التشخيص المبكر الذي يساعد في السيطرة على هذه الحالة قبل تفاقمها. ويتمّ هذا العلاج عن طريق الإرشادات التي ينصح بها المتخصّص والتي يمكن أن تقوم بها الأم في المنزل بالتعاون مع أفراد الأسرة، وتهدف إلى تصحيح سمات شخصية الطفل ليبثّ فيه الطموح والنشاط والأمل.
كما يجب أن يمتدّ العلاج نحو أفراد الأسرة، وخصوصاً تحسين علاقة الوالدين ببعضهما وتبصيرهما بكيفية معاملة أبنائهما وتوجيههما نحو كيفية إظهار الحب للطفل وإبعاده عن أي مصدر خوف ورعب.
ويجدر بالأمّ تحسين سلوكها أمام طفلها والإمتناع عن مقاربة الأحداث اليومية من منظور اكتئابي ومعاملة الطفل بكثير من الحب والرعاية والإهتمام ومحاورته كثيراً ومنحه الثقة بنفسه أكثر.
وإن لم تفلح كل هذه الإجراءات في خروج الطفل من هذه الحالة، لا منـاص من العـلاج بواسطة مضادات الإكتئـاب المخصّصة للأطفال، بإشـراف الطبيب المتخصّص. وبالطبع، تقتصـر هـذه المرحلة عـلى حـالة الإكتئاب الشديدة.
يصيب الإكتئاب الأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة و إعاقات
10 خطوات
يستبعد عدد كبير من الآباء والأمهات تماماً فرضية إصابة طفله بالإكتئاب، إلا أنّه يجب أن يعي أن الأطفال والشباب، بشكل عام، يمكن أن يصابوا بأمراض نفسية تماماً كما يصاب البالغون. ولكن، ثمة وسائل وقائية، تكمن في الخطوات التالية:
1 السماح للطفل التعبير عن انفعالاته، وتقبّله والإهتمام به والإنصات له.
2 توعية الآباء والمدرّسين الطرق السليمة للتعامل مع الأطفال والحالات المرضية.
3 تقوية مفهوم الذات عند الطفل من خلال الإتصال بالآخرين ومدحه وتشجيعه.
4 تعليمه التواصل مع الآخرين.
5 تنويع المهارات التي يمكن للطفل أن يقوم بها، مما يعزّز ثقته بنفسه.
6 إتاحة الفرصة إليه للتعبير عن مشاعر الرفض والغضب وتقبّلها منه، كما محاورته.
7 الإعتدال والمساواة في المعاملة بين الأبناء.
8 إبتعاد الوالدين عن الحزن والإكتئاب، حتى لا تتعزّز عند الطفل هذه المشاعر، عن طريق التقليد والمحاكاة.
9 ضرورة الإنسجام العائلي داخل الأسرة.
10 توفير الألعاب للطفل وتشجيعه على اللعب، سواء كان وحده أو وسط جماعة.