احتل الغناء الملتزم أخيرا مكانة بين شرائح المجتمع المختلفة في العالم العربي، وبات ذلك واضحاً من خلال ما يبث من فيديو كليبات لبعض الفنانين في القنوات الفضائية، بالإضافة إلى مشاركتهم في العديد من المهرجانات العالمية، وعلى الرغم من ذلك فإن الغناء الملتزم ما زال يسير بخطى متثاقلة، وذلك لما يعترضه من تحديات وصعوبات تحد من انتشاره.
"سيدتي" التقت بعدد من الفنانين الملتزمين من دول مختلفة لدى قدومهم إلى جدة للمشاركة في إحدى المناسبات، وطرحت عليهم تساؤلات حول الاتهامات التي توجه إليهم والتحديات التي يواجهونها، ومدى الإقبال الذي وجدوه كفنانين ملتزمين، وتقبل المنتجين لهم ولأعمالهم.
بداية يقول المنشد محمد العزاوي من العراق: نحن كفنانين ملتزمين واجهنا وما زلنا نواجه العديد من العقبات خلال مسيرتنا الفنية، ومن الصعوبات التي واجهتني تحديداً عدم قدرتي على التنقل بين العديد من الدول كوني عراقي الجنسية.
ويشاركه في الرأي المنشد أسامة الصافي من الإمارات قائلا: ما زالت فلسفة مصطلح الغناء والإنشاد هي التي تثير الجدل وتعوق نوعاً ما سير الفن الملتزم، وذلك لوجود موضوعات بأسلوب غنائي بخلاف ما عرف في الوسط الغنائي، لكن بأساسيات الغناء، وهو ما أدى إلى هذه النقلة ووعي الناس، وقد اخترنا طريقنا وسنسير عليه.
وعن تقبل الناس لمفهوم النشيد الإسلامي يقول المتحدث باسم فرقة إبداع السعودية: إن إقبال الناس على مثل هذا النوع من الفن الملتزم في تزايد مستمر بعيداً عما هو معروف حالياً في الساحة الغنائية، فهو فن تلتقي فيه جميع المستويات الثقافية ومختلف شرائح المجتمع، وغالباً ما يستعين المنشدون بكتَّاب وشعراء يهتمون بالفن الإسلامي وبما يلامس قضايا المجتمع أمثال الدكتور أحمد بلغصون، سليم عبد القادر، بدر الأبنوي وعجلان ثابت، كما تتم الاستعانة في بعض الأحيان بكتب الأدب واختيار أبيات معينة.
وفيما يتعلق بمسألة إنتاج الأعمال يعقب الفنان أيمن حلاج من الأردن على ذلك بقوله: يعد الإنتاج من أكثر العقبات التي تواجهنا، فأين المنتج الذي يقبل بفكرة العمل ككل واقتناعه بالفنان نفسه وإيمانه بأنه سيستطيع أن يقدم من خلال هذا الفنان ما يستحق.
يقول الفنان أسامة الصافي فيما يتعلق بالتقنيات الحديثة وتعديل الأصوات: هناك مدرستان بداخل الصف الإنشادي، الأولى لا تستخدم الآلات الموسيقية، والثانية تستخدم كل الوسائل المتاحة بما فيها الآلات، بالإضافة إلى عدم استخدامها للمصطلحات، سواء الإنشادي أو الإسلامي، وتهتم فقط بالكلمة، ومما لا شك فيه أن التقنيات الحديثة تعطي إخراجاً أفضل من الأداء الطبيعي.
من جانبه يرد الفنان موسى مصطفى من سورية على التعاملات مع شركات الإنتاج قائلا: نعاني كفنانين كثيراً في تعاملاتنا مع شركات الإنتاج، وقد حاولنا الدخول في بعض شركات الإنتاج التي تنتج الأغاني، إلا أن ذلك لم يكن ممكناً، بحجة أننا، كفنانين ملتزمين، غير معروفين في الوسط الغنائي.
الفنان التركي مسعود كورتس يرى أن الفيديو كليبات التي تعرض على القنوات الفضائية عموماً ما هي إلا فقاعة صابون، وأن الكليبات الملتزمة ستطغى على الغنائية، لأن الأصل هو ما يحتاج إليه الناس، والناس حالياً بحاجة إلى الفكرة الهادفة والكلمة الجميلة، بالإضافة إلى أن العائلة تأمن على أفرادها بمشاهدة مثل هذه الكليبات، إلى جانب ما تتناوله في مضمونها من معانٍ جميلة للأم والطفل وكل ما يلامس قضايا المجتمع.
وفيما يتعلق بالتهم الموجه للفنانين الملتزمين باستغلال الدين لتحقيق أهداف ربحية يقول سلمان علي، من فرقة أمواج البحرين: مصدر التهمة يأتي من أناس طلبوا الفنانين الملتزمين للمشاركة في إحياء مهرجانات أو لإصدارات وتفاجأوا بعد ذلك بمطالباتهم المادية، والسبب يعود في ذلك إلى أن الجهات الداعية لا تستثمر هذه الأعمال التي تطلبها.