أمام الصورة النمطية للعلاقة بين الحماوات، والأزواج -أو الزوجات- والتي نسمع، ونقرأ عنها بكافة الثقافات العربية، والغربية، نحن أمام فريقين: الأول لم يستطع الإفلات من شكلها، وسلوكها المعتاد في أفلام الأبيض والأسود، والأمثال الشعبية، والنكات الكاريكاتورية. وفريق ثان يجاهد للحصول على ودها، محاولا «التطبيع» في علاقته معها!
وما بين الرأيين أُعدت دراسات، واستطلاعات رأي، وتكلم مختصون، وفضفض-أيضًا- المتزوجون.
بداية كلنا يعرف أن أولى الهزات التي يتعرض لها الأزواج هي سوء العلاقة بين الأزواج، والحماوات، وهو صراع تقليدي أبدي، ومسلسل درامي لا تنتهي حلقاته قدر ماتتعدد أزماته، وفي أسوأ الظروف يتحول التعايش بينهما إلى حرب باردة.. ساخنة، والتي تؤدي في أحيان كثيرة إلى خلافات زوجية، وحالات من الطلاق، وما يتبع من تشريد للأطفال.
الزوجة المنافسة
حول هذه القضية القديمة المتجددة تقول الدكتورة «عزة كريم» المستشارة الاجتماعية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: إن أول خلاف بين الزوجة وحماتها -أو الزوج وحماته- إنما هو مؤشر على وجود أزمة مقبلة بين المرأة وزوجها؛ فطبيعة العلاقة بينهما -المُشاكسة- مترسبة على مدى التاريخ الإنساني كله!
وتوضح: «الزوجة تعامل أم زوجها على أنها امرأة أخرى، والحماة تعامل زوجة ابنها على أنها منافسة جديدة لها على قلب ابنها، وهو أغلى ما لديها، وهذا مايردده الإعلام، وأشبعتنا به النكات، والأمثال الشعبية؛ فمن منطلق التخويف قالوا: (لو العمة حبت الكنة كان إبليس دخل الجنة)، ومن باب التحذير: «مصيرك يا زوجة أن تصبحي حماة». !
إحساس بالانهزام
بينما ترى الدكتورة «فاطمة الشناوي» خبيرة العلاقات الزوجية بمركز شعلان الطبي: أن ما يحدث من صراع بين الأزواج والحماوات ما هو إلا غيرة على الابن من امرأة أخذته منها، وكما تقنع نفسها «ربي يا خايبة للغايبة» متناسية أنها سُنة الحياة؛ فهي ربت، وتعبت ثم أخذته منها الزوجة على الجاهز!
وتشتد، وتزداد هذه الغيرة إذا كانت الأم «ترملت عليه»، وأمضت عمرها في تربيته، أو ربما شقيت، والأب لم يكن مسؤولاً، ثم ينفصل الابن، ويتزوج بعيدًا عنها، مما يشعرها بالانهزام.
وتضيف: وفي مقابل هذا الشعور من الأم «الحماة» تتضايق الزوجة، وتحس بما لا يريح، فيبدو الوضع وكأن اثنين يتنافسان على قلب واحد، وهو قلب الزوج، وهنا يأتي الدور الكبير للزوجة في تهدئة هذه الغيرة من جانب الحماة تجاهها، مع تقدير لتعب الأم، ورحلة كفاحها؛ بهدف أن تسير الأمور، هنا ستكسب الزوجة الكثير، ويطمئن قلب الزوج، وتصبح «الحماة» أمًا للزوجين معًا.
دراسة عربية
في استطلاع للرأي أعده المركز القومي للبحوث الاجتماعية على عينة من 2282 زوجًا وزوجة مضى على زواجهما أكثر من 15 عامًا، صرح أكثر من %60 منهم بأن وجود الحماة بالبيت يُعد سببًا للدفء العائلي! بينما اعترفت %30 من العينة ذاتها: أن الحماوات سبب المشاكل، وحوالي%8 اعتبروا الحماة سببًا للرعب، بل الدمار العائلي!
دراسة بريطانية
بالأمس كانت من أولى الوصايا التي تسمعها الفتاة قبل ذهابها لبيت الزوجية: هي طاعة الحماة، وضرورة معاملتها كأم ثانية لها، اليوم بدأ الآباء يحذرون من الحماة، ويوصون بالابتعاد عنها، ووضع الجسور! وهذا ما أيدته الدراسة البريطانية التي أفردت صفحات تحذيرية تقول: إن الحياة مع الحماة تقصر العمر؛ فالعيش معًا يسبب أمراضًا قد تكون قاتلة، فالضغط النفسي يجعل احتمال إصابة الزوجة بارتفاع في ضغط الدم، وأمراض القلب؛ بل إن الفرق كبير بين التي تعيش مع أبويها، أو والدي زوجها، وأطفالها فهي معرضة لأمراض القلب ثلاث مرات عن نظيرتها التي تعيش مع زوجها، وأطفالها فقط.