كثيرات هن الزوجات اللاتي يشعرن بالحب واللهفة لعدة أشهر من الزواج، ثم يزول كل هذا ويتبدل مع دخول موسم جديد؛ مما يصيبهن بالخوف والإحساس بالتقصير أو الذنب!! السؤال: وهل للحب مواسم وفصول؟! وهل نستطيع القول إن هناك «ربيعًا للحب، وصيفًا للحب، وخريفًا...، وشتاءً للحب؟» وكيف للأزواج أن يحتفظوا بعلاقة زوجية ناجحة خلال الفصول الأربعة من العام؟
بداية علينا أن نعترف أن من الأشياء المُحيرة في العلاقة الزوجية؛ أن تجري الأمور على خير ما يرام؛ فتشعر الزوجة بأنها محبوبة ومفضلة لدى زوجها، وبعد أشهر أو سنوات قليلة ـ ومن دون أسباب ـ تجد نفسها تعيش حالاً غير الحال، مبتعدة عاطفيًّا عن زوجها ومنْ تحب، وكأن العاطفة تبدلت، لماذا؟ وهل من تفسير؟
حول هذه الظاهرة كان للدكتور«جون جراي» خبير العلاقات الزوجية والأسرية بأمريكا دراسة مفصلة ضمت فكرًا جديدًا في تصوير العلاقة الزوجية وحلولاً عملية لمشاكلها، حيثُ يقول: «العلاقة الزوجية تشبه الحديقة، فإذا كان لها أن تزدهر فيجب أن تُسقى بانتظام وأن تُعطى اهتمامًا خاصًّا، مع أخذ تبدل الفصول، وكذلك أي طقس لا يمكن التنبؤ به بعين الاعتبار، لهذا يجب رش البذور الجديدة بين الحين والحين ـ ويتابع ـ وحتى نُبقي على سحر الحب حيًّا، يجب علينا أن نفهم فصوله ونرعى حاجاته الخاصة».
الحب: فيض الحياة
قديمًا قال أحد الحكماء «إن الربيع حب، والحب نور، وإذا خفي معنى النور بعض الخفاء، فلنقل إن الربيع هو الشعاع، وإن الشعاع يملأ الحياة فتفيض، وليس الحب في حقيقته غير فيض الحياة»، وكأنه يربط بين الحب والربيع والشعاع الذي يملأ الحياة ويفيض!
وعلى هذه المقولة تعلق الدكتورة «ألفت المليجي» الباحثة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية قائلة: على الزوجين إنْ أرادا العيش في سلام وأمان طوال رحلتهما؛ فليحاولا على الدوام المحافظة على بريق الحب في عينيهما وقلبيهما معًا، والتسليم بأن الحب قبل الزواج غيره بعده؛ يظل جميلاً، لكنه دون اللهفة التي كانا يشعران بها، فالحب يتحول إلى إحساس بالأمان والاستقرار، حب يشع منه الدفء والود، ويرمي الدكتور«فؤاد زهران» الطبيب النفسي والأستاذ بالجامعة بالمسؤولية ـاستمرار الحب- على الزوجة وحدها، فهي القادرة على بث الاستقرار وبعث روح المحبة والألفة بين أفراد الأسرة،، كما أنها بأسلوب تعاملها مع الزوج تعكس مدى رضاها وقناعتها بوضع الأسرة اجتماعيًّا كان أو اقتصاديًّا، كما تشير ـ من غير تعمد ـ إلى طبيعة علاقة المرأة ـ الزوجة ـ بالرجل ـ الزوج ـ في عيون أبنائها، إنْ شبوا عليها، متشبعين بها، كانت علاقتهم طيبة وسوية بالجنس الآخر.
ربيع الحب
عنه يقول«جون جراي» في دراسته: الوقوع في الحب يمثل فصل الربيع، فنشعر بأننا سنكون سعداء إلى الأبد، ولا نتخيل ألا نحب شريكنا، براءة الحب في عيوننا، تصوِّر لنا الحب أبديًّا، ينجح بلا عناء، وشريكًا ملائمًا بشكل كامل، فنبتهج بحظنا السعيد.
صيف الحب
وخلال الصيف،كما يقول«جون جراي» خبير العلاقات الزوجية، ندرك أن شريكنا ليس كاملاً إلى الدرجة التي ظننا أنه عليها، وعلينا دور كبير، شريكنا ليس من كوكب آخر فحسب، بل إنه إنسان يخطئ ولديه نقص في نواحٍ معينة!
ومع الإحساس بالإحباط وخيبة الأمل نشعر أن علينا اقتلاع الحشائش الضارة من جذورها، وأن النباتات تحتاج إلى سقاية إضافية تحت الشمس الحارة، و بذل الحب لا يعني الحصول على الحب الذي نحتاجه، ويكتشف الزوجان خلال هذه الفترة أنهما ليسا سعداء دائمًا،.
خريف الحب
ومازال «جون جراي» يصوِّر الحب في دراسته وكأنه حديقة، وتتغير العلاقات تبعًا لتبدُّل الفصول، فيقول متابعًا: ونتيجة لرعايتنا للحديقة خلال الصيف، فسنجد نتائج عملنا الجاد؛ فالخريف قد أتى وهو وقت ذهبي، غني ومشبع،تعيش فيه حبًّا أكثر نضجًا، تفهم وتقبل نقائص شريكك ونقائصك أيضًا، وهو وقت للشكر والمشاركة، وما دمنا عملنا بجد خلال الصيف فيمكننا أن نسترخي ونستمتع بالحب الذي صنعناه.
شتاء الحب
ومع أشهر الشتاء الباردة الجرداء، تنكفئ كل طبيعة داخل ذاتها، فهو وقت للراحة والتأمل والتجديد ـ كما تقول الدراسة ـ فترة تعيش فيه العلاقات آلامها غير المحلولة، ومع ذاتنا التي في الظل، هو فصل ينقشع فيه غطاؤنا وتبرز مشاعرنا المؤلمة، فصل للنمو الانفرادي، ننظر فيه إلى أنفسنا وليس إلى شريكنا في بحثنا عن الحب والإنجاز، إنه وقت للشفاء.
عودٌ على بدءٍ
وتختتم الدراسة كلامها بنصيحة للزوجين: بأنهما إنْ استثمار شتاء الحب في معالجة أنفسهم، فسيعود الربيع لا محالة، وتطل الرحمة والأمل والحب والوفرة في الاعتبارات الممكنة، ونتيجة للشفاء الداخلي والبحث الروحي للرحلة الشتوية، يصبح الزوجان قادرين على فتح قلبيهما، والشعور بربيع الحب مرة أخرى.
6 توصيات للتأقلم مع الفصول!!
أعدتها الدكتورة «فادية عبد الوهاب» الباحثة الاجتماعية بمعهد الدراسات الإنسانية بجامعة عين شمس.
إن اقتنعت بفكرة تغير الحب وتبدل أشكاله ودرجة الإحساس به من فترة لأخرى، ستشعرين بالأمل وتمتلكين القدرة على التحمل بشكل جيد عبر فصول العام.
لا عيب أن تعيدي تشكيل علاقتك بزوجك بين يوم وليلة؛ بعد قراءة كتاب ممتع أو قصة رومانسية، أو ربما بعد الاستماع إلى ندوة معنية بالعلاقة الزوجية.
الحب ليس سهلاً دائمًا، فهو يتطلب ـ أحيانا ـ العمل الجاد تحت الشمس الحارة، يحتاج إلى رعاية لحاجات شريكنا، أن نطلب الحب ونحصل عليه.. لا يحدث آليًّا.
لا تنسي أنكما كأزواج قد تم برمجتكما من قبل على يد والديكما، وبالثقافة التي نشأتما عليها وبخبرات ماضيكما الأليمة، وتنظيمكما لكل هذا إنما هو التحدي الجديد.
تذكرك الدائم لاختلافك عن زوجك سيساعدك على أن تكوني أكثر حبًّا وتفهمًا لما يحدث، ويحررك تدريجيًّا من أحكامك السلبية ولومك وطلبك لما تريدين بإلحاح.
لكل زوجة أحلام ونجاحات أكثر تتطلع إلى تحقيقها، تنحصر في مجملها في نجاح العلاقة الزوجية، ودوام استمرارها، ولن تكون إلا بحب أكبر ووعي وتفهم أكثر لعلامات تغيير الحب وفصوله المختلفة.
هل تعتقدون كما قالت الدراسة أن للحب مواسم أو فصول؟ شاركونا آراءكم من خلال مساحة التعليقات..