قد تجلسين وراء كمبيوترك طيلة ساعات عملك؛ لتعودي إلى البيت، وتجدي زوجك يتابع ما كان يفعله مثلك في المكتب، ساعات طويلة يقلّب فيها صفحات الإنترنت.
وفي غرفة ثانية ابنك المراهق وربما ابنتك المراهقة تدرس، ولكن من خلال مواقع «الشات» و«الفيس بوك»، والنتيجة دعوات خاصة للاجتماع على العشاء، قد يلبيها بعضهم، وقد يرفضها آخرون لانشغالهم، وبعد فترة يتطور الأمر ليتحول إلى انعزال أسري فاكتئاب، ما سر هذا الاكتئاب وما أسبابه؟ هذا ما يطلعنا عليه صاحب الدراسة، التي تحذر من مغبة إدمان الإنترنت، الاختصاصي في طب الأسرة والمجتمع بمستشفى القوات المسلحة بالرياض الدكتور مشهور بن ناصر الحنتوشي.
حذرت الدراسة، ، من خطر إدمان الإنترنت خصوصًا على طلاب وطالبات الثانوية، وأكدت أن هناك علاقة عكسية بين استخدام الإنترنت والرقابة الأبوية، وطالبت بضرورة إيجاد مختصين نفسيين في علاج إدمان الإنترنت.
الدكتور الحنتوشي الذي التقته «سيدتي» خلُص في دراسته إلى أنّ معدل انتشار إدمان الإنترنت بلغ 5.3 بين طلاب وطالبات المرحلة الثانوية بالتعليم العام خلال الفصل الدراسي الماضي مع أغلبية للذكور، وأنّ نسبة 94.7 من المدمنين تم تشخيصهم بالاكتئاب، بينما وصفت الدراسة 47 من العينة بأنهم مقبلون على خطر الإدمان.
وتابع الدكتور الحنتوشي: «نسبة إدمان 5 % من أفراد العينة للإنترنت تعتبر كبيرة قياسًا بالأضرار الخطيرة المردودة على نمو وصحة المراهقين النفسية والجسدية، وقياسًا بعدم توفر الإمكانيات العلاجية لهذا النوع من الإدمان في السعودية.
وواصل الدكتور الحنتوشي تفصيله لـ«سيدتي»: عينة الدراسة شملت 770 طالبًا وطالبة في المرحلة الثانوية في مدينة الرياض «الفصل الدراسي الثاني العام الماضي»، وشارك 391 طالبًا و325 طالبة، بينما أظهرت الدراسة أن 52 طالبًا وطالبة بنسبة 7.3 % لم يسبق لهم استعمال الإنترنت من قبل.
مقياس "يونغ"
عن المقاييس العالمية التي اعتمدتها الدراسة أوضح الدكتور الحنتوشي أنه استخدم مقياس «يونغ» لإدمان الإنترنت ذا العشرين سؤالاً، ومقياس مركز الدراسات الوبائية للاكتئاب عند الأطفال والمراهقين CES-DC مع أسئلة متعلقة بالعوامل المراد فحص صلتها باستخدام الإنترنت، وتشمل هذه العوامل:
1 - السن والجنس والأداء في المدرسة في آخر فصل دراسي.
2 - متوسط الوقت الذي يتم قضاؤه في استخدام الإنترنت كل يوم.
3 - مقدار ساعات النوم اليومية المعتادة.
4 - نوعية مواقع الإنترنت المقصودة عادة.
5 - درجة الرقابة الأبوية.
6 - عدد أيام الغياب عن المدرسة في الشهر قبل الدراسة.
نتائج سلبية
الدراسة أوضحت أن إدمان الإنترنت مرتبط بانخفاض درجة الأداء الدراسي، حيثُ إن 21 فقط من مدمني الإنترنت لديهم درجات أكثر من 90 في الفصل الدراسي الماضي مقارنة بنسبة 38 % من غير المدمنين، وأن الطلاب الذين كان معدل أدائهم الدراسي أقل من 70 كان لديهم معدل أعلى في اختبار إدمان الإنترنت مقارنة مع غيرهم من الطلاب، بالإضافة إلى أنه لوحظ على مدمني الإنترنت ارتفاع معدل الغياب عن المدرسة حيث إن 29 منهم كان لديهم أكثر من 5 أيام غياب في الشهر مقارنة بـ23 ممن هم مقبلون على خطر الإدمان، و17 من غير المدمنين، وأن 65 من مدمني الإنترنت يستخدمون شبكة الإنترنت أكثر من 5 ساعات يوميًّا، مقارنة بنسبة 11.7 % فقط من غير المدمنين، وكذلك 8 من مدمني الإنترنت ينامون أقل من 3 ساعات في اليوم مقارنة بنسبة 1.7 % فقط من غير المدمنين.
علاقة عكسية
توصلت الدراسة كما أبان الدكتور الحنتوشي إلى أن هناك علاقة عكسية بين إدمان الإنترنت، ومستوى الرقابة الأبوية على استخدام الإنترنت في المنزل فنسبة 44.7 من مدمني الإنترنت يؤكدون أن آباءهم لا يعلمون شيئًا أبدا عن أنشطة الإنترنت الخاصة بهم، بينما تقل تلك النسبة لتصل إلى 18.4 ممن هم مقبلون على خطر الإدمان، و11.7 لغير المدمنين.
وبيَّنت الدراسة المواقع التي يفضلها المدمنون، وهي مواقع التواصل المتبادل، وعلى قائمتها غرف الدردشة بنسبة 26.3، تليها المواقع الاجتماعية بواقع 21 في حين أن منْ هم على خطر الإدمان كان منهم فقط 15.4 و3.1 من غير المدمنين يفضلون غرف الدردشة.
9 نصائح للتخلص من إدمان الإنترنت
يضعها الدكتور مشهور بن ناصر الحنتوشي للأبوين لحماية أولادهما من الإنترنت:
تعاونا مع الشاب أو الشابة، وذلك بالتعامل عن طريق فتح مجال الحوار بين الأب وابنه، أو الأم وابنتها لمعرفة أكثر الأشياء التي تشد الانتباه في الإنترنت، وما المواقع التي يزورونها للتعرف على حجم المشكلة وتحديدها.
لا تتجاهلا رغبات الشاب أو الفتاة أثناء الحوار مع أحدهما، حتى ولو كانت معارضة لأفكاركما، وخذا بها وناقشا كل نقطة تهمكما.
أشبعا وقت المراهق بهواية مفيدة يحبها.
تعاونا مع المدرسة، فتعاملهم مع الشاب أو الشابة بالتوجيه بشكل دوري للتعامل مع الإنترنت بالطرق الصحيحة أمر ضروري.
أوجدا مراكز ثقافية وتربوية ورياضية ومعاهد ودورات في الأحياء تشغل أوقات الشباب.
حثا وزارة التعليم العالي، وهيئة الاتصالات، ووزارة الشؤون الاجتماعية لعمل أبحاث وإيجاد الحلول.
قدمَا لأبنائكما قائمة ببعض المواقع التي قد تعود بالفائدة عليهم، ويكون ذلك بأسلوب الترغيب وليس الفرض أو الإكراه.
أبديا اهتمامًا بالإنترنت وأنكما لستما ضد إقبال أبنائكما عليه ولكن في حدود المعقول.
حددا ساعات معينة تسمحان فيها بالجلوس على الإنترنت، ومن ثم اقترحا على أبنائكما أن يعرضوا عليكما نتاج جلوسهم طوال تلك الساعات، وادعماهم بعبارات التشجيع لأي عمل هادف يقومون به.