سؤال القاضي روبير رزق عن تاريخ بناء هذا القصر، يحمل إجابةً مفاجئةً تتمثّل في أنه حديث العهد نسبياً إذ بدأت الأعمال فيه عام 1990، إلا أنه أراده بطابع لبناني قديم، يشكّل حلماً راوده منذ حداثته! ومن منزل صغير موروث عن والده أُنجز في عام 2004 بعد أن تمّ توسيعه وشراء الأراضي من حوله، ليتحوّل من مساحة 150 متراً إلى 4000 متر يتوزّع بناؤه على طوابق أربعة. وقد أشرف المهندس المعماري جورج رزق على الأعمال فيه، فجاء بطراز لبناني تقليدي بامتياز!
لدى ولوجه، يبدو رواق كبير مزدان بالقناطر يقسم ركن الإستقبال إلى جزءين يضمّان الصالونات التي تتوزّع بين قناطر حجرية وغرفة جلوس زجاجية فسيحة للغاية مطلّة على الوادي. وفي ركن الجلوس الأحمر، تكثر جلسات العائلة حيث يتمركز تلفاز يرتفع فوق صندوق مكسو بالفضّة رائع الجمال ومزدان بالصور الملوّنة التي تعود لأيام هارون الرشيد، يعلوهما سجّادة حريرية. وتضمّ الغرفة أعمالاً حديديةً على الواجهة، مماثلة لتصاميم تحضر في قصر بيت الدين اللبناني التاريخي السياحي.
الطراز الأوروبي
ويبدو الطراز الأوروبي، خصوصاً لويس الخامس عشر والسادس عشر في الصالونات، وتركن مدفأة كبيرة من الرخام الأبيض في أحدها. وبعد أن رسمت المالكة تصميمها بالورود والخطوط، أوكلت إلى نحّات خاص هذا العمل، فأبدع! وتتوزّع فوقها ثلاث قطع ثمينة من البرونز اشتراها المالك من مزاد أوروبي، وهي تتوسّط كرسيين ينتميان إلى طراز لويس السادس عشر تمّ تنجيدهما بقماش وردي.
ويكثر استخدام لوني الأحمر والذهبي في هذا الطابق، كما تتوزّع على الجدران لوحات تاريخية هامّة، إضافة إلى مرايا كبيرة بإطارات مذهّبة وستائر مشغولة من السجاد...
ولعلّ أكثر ما يجذب انتباهنا يتمثّل في الطاولات المطعّمة بالفضة والمضروبة يدوياً، تتخلّلها رسوم شرقية ملوّنة.
ويطلق المالك إسم «حراس القصر» على قطعتين كبيرتين من البرونز تجسّدان شابين يرفع كل منهما مشعلاً يضاء كهربائياً، ويعلو كلّ منهما طاولة أنيقة الجمال.
أما الاكسسوارات فتزيد من فخامة المكان، وتنقسم إلى مقتنيات شرقية كالفوانيس ومجموعات أوروبية، ولعلّ أفضلها لديه هي مجموعة «الكاراف» المشغولة والمرسومة يدوياً ومعظمها من قصر العضم في دمشق.
وتنسدل ثريات قديمة من البرونز والكريستال من الأسقف، فيما تشي الستائر الشرقية الشبيهة بالسجاد بجرأة المالكين، علماً أنهما لم يجداها سوى بعد بحث طويل. ويفترش السجاد العجمي الثمين الأرضية.
وتشغل غرفة الطعام مساحةً رحبةً، وقد اشتراها المالك في عام 1966 وعمد إلى ترميمها وتجديد قماشها، بعد أن انتقل لهذا القصر، يوازيها على الجدار لوحة كبيرة أصلية من «الغوبلان» الفرنسي. كما، يشارك هذه الغرفة «كونسول» مذهّب رائع مع مرآة كبيرة، اشتراه المالك من مزاد علني ليرفع فوقه مجموعته النادرة من «الكاراف».
الزخارف وأوراق الذهب
يعلو الصالونات جناح خاص بالمالك وزوجته يمتدّ على مساحة 150 متراً، تملؤه الزخارف المتمثّلة في الحفر على الأعمدة والخشب والتعتيق بأوراق ذهبية.
وتتوزّع المساحة على أقسام ثلاثة، هي: صالون تطغى عليه مندرجات اللونين الأحمر والذهبي وقليل من الأزرق يمتدّ في القسم الأول، فيما يشغل القسم الثاني سريران مشغولان بدقّة فنية، تفصلهما مرآة كبيرة ملائمة للمكان. وتبرز عند السقف لوحة تجسّد سماءً زرقاءً تحوطها إضاءة رائعة، أما القسم الثالث فيتألّف من مطبخ صغير خاص لإعداد قهوة الصباح.
وفي الطابق الثاني من هذا البناء الذي ينقسم إلى جزءين، تتوزّع ستّ غرف نوم على كامل مساحة الطابق. أما في الطابق الثالث، فثمّة صالونان كبيران وثلاث غرف نوم ومطبخ وغرفة طعام.