60% من مصابي "الروماتيزم" يخسرون وظائفهم!

 لمرض التهاب المفاصل علاقة مباشرة بارتفاع معدّلات الطلاق! وإذ يغيب العلاج الذي يقضي عليه نهائياً، ويقتصر هذا الأخير على عقاقير تسيطر عليه وتقلّل معاناة المصابين به، يعدّ هذا الداء حسب عدد من الاختصاصيين أخطر من أي نوع سرطاني إلا أنّه لا يحظى بالدعم والأهمية اللازمين، كما أن نسبة الوعي به لا تزال مخجلة ودون المستوى المطلوب في العالم العربي.

 

 

لعلّ أكثر الأمور إيلاماً للمصاب بالتهاب المفاصل ليس الألم الجسدي فحسب، بل تحوّل يومه إلى سلسلة من التحدّيات التي يواجهها عند محاولته القيام بأبسط الأمور والتي كان لا يعيرها اهتماماً في السابق!

"سيدتي" شاركت في احتفال اليوم العالمي لالتهاب المفاصل والذي استضافته "مؤسسة الإمارات لالتهاب المفاصل" في ردهات فندق "بارك ريجيس كريس كين" بدبي، حيث ذهب اختصاصيون إلى أن تجمّعاً كهذا من شأنه أن يعمل على تشجيع المابيت على المضي قدماً لمواجهة فاعلة لمعاناتهم والتسلّح بالإرادة أمام تحديات الحياة.

ويؤكّد رئيس "جمعية الإمارات لالتهابات المفاصل" والتي تأسّست العام 2006 محمد الهاشمي، في هذا الإطار، غياب الوعي المتعلّق بطبيعة المرض وخطورته على المدى البعيد، خصوصاً لدى الإماراتيين، ويلقي باللائمة على الإعلام الذي يصف دوره بـ "القاصر" في هذا المجال!

 

 

بين 40 إلى 80 ألف مصاب في الإمارات


 

يفيد الاستشاري في أمراض المفاصل والروماتيزم الدكتور وليد الشحي "أن التهاب المفاصل يصيب ما بين 40 إلى 80 ألف شخص على مستوى الإمارات"، وقد التقته «سيدتي» في لقاء على هامش المؤتمر، وسألته: 

* هل لالتهاب المفاصل علاقة بأمراض أخرى؟

_ ثمة علاقة وثيقة بين أمراض "الروماتيزم" وأمراض شرايين القلب حيث يقارب تأثيرها تأثير التدخين على القلب، كما أنه إذا أصاب الأطفال يسبّب مضاعفات خطرة للعين تتمثّل في التهاب الجزء الأمامي منها (العنبية)، وهذا الأخير غشاء رقيق يغلّفها ويحتوي على الأوعية الدموية، وإن لم يكتشف ويعالج يؤدّي إلى أضرار جسيمة فيها.

* ماذا عن تأثيره على النساء العاملات؟

_ يجمع الأطباء والاختصاصيون أن هذا المرض الذي لم يتم التوصّل إلى السبب الرئيس المسؤول عن الإصابة به يتسبّب بخللٍ في جهاز المناعة الذي يقاتل الفيروسات والبكتيريا، ما يؤدّي إلى مهاجمته أعضاء الجسم المختلفة. وبالطبع، يعيق الموظفات عن الاستمرار في أعمالهن. فقد يهاجم الرئة وشرايين القلب والكلى والدم مسبّباً تكسّراً فيه. وتختلف حدّة المرض بناءً على درجته، ويتسبّب في تيبّس وتورّم الأطراف بشكل قد تعجز فيه المريضة على النهوض من سريرها لممارسة حياتها الطبيعية والذهاب إلى عملها، الأمر الذي يترك آثاراً وخيمة تتعدّى الجانب الصحي، لتشمل الجانبين النفسي والاجتماعي فتضطرّ إلى الإقلاع عن العمل والدراسة والزواج في بعض الأحيان.

* لالتهاب المفاصل أنواع، ما أخطرها؟

_ يعدّ "الويغنارز" أخطر أنواع التهاب المفاصل، وهذا الأخير يتجاوز خطورة أي مرض سرطاني لأنه يسبّب حفراً بالرئة والكلى ونزيفاً في المخ، علماً أن ثلث مرضى الصدفية معرّضون للإصابة بالتهابات المفاصل وأكثرهن من النساء، فالمرض رفع نسب الطلاق بسبب عدم قدرة الطرف المصاب على تأدية واجباته الزوجية وحتى العملية!

 

التفاهم هو الأساس

 

أمّا الخبيرة السويدية المتخصّصة في العلاقات الزوجية آنا إيجبيرغ والتي أجرت مجموعة من الدراسات على مرضى التهاب المفاصل، وخصوصاً الروماتيزم ومدى تأثيره على العلاقة بين الزوجين، فخلصت إلى وجود رابط بين توتر الحياة بين الزوجين اللذين يعاني أحدهما من المرض بل وارتفاع نسبة الطلاق بسبب عدم القدرة على المعاشرة الحميمية، بصورة طبيعية. وإيجبيرغ مصابة منذ صغرها بمرض التهاب المفاصل، لذا فإنها تعرف الكثير عن المرض من وجهة نظر الطبيب والمريض على حد سواء. وتقول بدورها لـ "سيدتي"، في هذا الإطار: "يقيّد داء التهاب المفاصل غالباً الحياة الحميمة بين الزوجين والتي تتوقف على الارتكاز على المصارحة وتقبّل الآخر ومحاولة التعايش مع المشكلة للحفاظ على كيان الأسرة من التمزّق!..". وتضيف: "أقول للمصابات بكل صراحة إنه لا يوجد نهج صحيح أو خاطئ يجب اتّباعه في العلاقة الزوجية، بل إن مناقشة القضايا المتعلّقة بهذا الأمر تعزّز الثقة المتبادلة وتزيد الوعي، فضلاً عن تعزيز القدرة على التفهّم والتفاهم".

 

إعاقة...


من جهتها، تشرح مديرة العمليات ودعم المرضى لدى "مؤسسة الإمارات لالتهابات المفاصل" كاثرين ثورنيلي لـ "سيدتي" أن "هذا المرض يصيب واحداً من بين كل 5 إماراتيين، ويعتبر الفحص المبكر له هاماً للغاية لضمان علاج ناجح"، مضيفةً أنه "خلافاً للاعتقاد الشائع، فإن المرض لا يقتصر على البالغين حصراً، بل يصيب الأطفال والمراهقين أيضاً ويكون أكثر حدّة ضمن النطاق العمري الأصغر!". وتذكر "أن خطورة هذا المرض تكمن عندما يهاجم نظام المناعة داخل جسم الإنسان خلايا المفصل الداخلية، مسبّباً آلاماً مبرّحةً للمفصل، بالإضافة إلى التيبس والتورم والفقدان الوظيفي الذي يصيب المفصل المعيّن". وتشير إلى "أن التهاب المفاصل الروماتيزمي هو السبب الرئيس للإصابة بالإعاقة، وفي حال ترك شاب أو شابة مصاب بدون علاج، تزداد احتمالية الإصابة بالإعاقة في غضون سنوات خمس بنسبة 50 %".

 

لا إحصائيات دقيقة


 

وإذ توضح الاستشارية في أمراض الروماتيزم والعضوة المؤسسة ل "مؤسسة الإمارات لالتهاب المفاصل" هميرا بادشا غياب الدراسات الرسمية الدقيقة لعدد مرضى التهاب المفاصل في الإمارات لأن هناك فئة لا تُراجع الأطباء سوى في حالات متأخرة، تقول إنه بشكل تقريبي، هناك ما يربو على 20 % مصابون بالتهابات المفاصل على اختلافها والتي تصل إلى 100 نوع مرض أخطرها تلك التي تجعل المصاب عاجزاً عن الحركة خصوصاً في ظلّ تدنّي مستوى الوعي والاهتمام العام به.

وحسب الدكتورة بادشا، فإن 1% من سكان الإمارات يصيبهم المرض، وإن عدم المباشرة في العلاج يجعل من الشباب اليافعين عُرضة للعجز خلال فترة 5 سنوات، ما يعني وجود حاجة ضرورية إلى المزيد من حملات التوعية.

 

خسارة الوظيفة


يخسر 60% من المصابين بـ "الروماتيزم" وظائفهم بسبب عدم قدرتهم على الإيفاء بمتطلّبات العمل، ويضطرّ البعض إلى البقاء في سريره لـ 6 ساعات في حال التيبس التام أو الشلل المؤقّت.