جمالها وهّاج كأشعة "اللايزر"، ريفيّة، ضبابيّة وباردة، تأسر كلّ من يزورها وتشهد سنوياً على تقدّم في الخدمات، ما يرفع عدد سيّاحها... إنها "السودة" أو منطقة "تهلل" البهية الجبلية ذات المناخ البارد نسبياً مقارنة مع ذلك السائد في أرجاء المملكة العربية السعودية، والتي نجحت في أن تخلب ألباب آلاف من زوّارها.
"السودة" منتجع جبلي ذو إطلالة آسرة على التلال والوديان، يرتاده عشّاق الطبيعة والتأمّل واستنشاق الهواء العليل في جزيرة العرب! و"السودة" تعني لدى أهالي عسير "الصخرة الكبيرة"، وقد أطلق عليها هذا الإسم بسبب احتضانها لمنتزه ذي أحجار كبيرة، علماً أنّها كانت تسمّى قديماً بـ "جبل التهلل".
وتضمّ "سودة" عسير بين أحضانها رحابة السهول الممتدّة وشموخ الجبال التي تعانق السحب، بالإضافة إلى نقوش أثرية، حيث يختلط الماضي بأمجاده مع الحاضر بإنجازاته الفريدة!
وينهمر أعلى معدّل للأمطار على مستوى المملكة فيها، وبذا تحظى السهول والمدرجات الجبلية على نصيب وافر من المياه اللازمة للزراعة.
في سطور...
تشكّل "السودة" أعلى نقطة في عسير، وترتفع 2500 متر فوق سطح البحر، وتقع على بعد 20 كيلومتراً شمال غرب مدينة أبها، وتضمّ منتزهاً تبلغ مساحته 883 هكتاراً، يشمل منشآت سكنية سياحيّة ومنطقة مركزية ومنطقة ترفيهية، ما يجعل الإقامة فيها متعةً حقيقيةً!
و"السودة" هي أحد مواقع منتزه عسير الوطني، ما يجعلها تحظى بطرق معبّدة ومواقف للسيارات وممرّات للمشاة ومرافق عامّة. وقد قامت "الشركة الوطنية للسياحة" بإنشاء أحد مشاريعها في هذه المنطقة لتوفير الخدمات السكنية السياحية، التي تأتي مكمّلةً لمشروع منتزه عسير الوطني، علماً أنّه تمّت الإستفادة من طبوغرافية الموقع واستغلالها في توزيع الوحدات السكنية، من خلال الإطلالة المباشرة على السهول والوديان.
عناوين هامّة
- المنطقة المركزية: تضمّ المسجد والإدارة والإستقبال، فضلاً عن مركز تجاري ومطعم ومركز للخدمات السريعة.
- الإسكان السياحي: يتألّف من 60 فيللا مجهّزة، تتخلّلها الحدائق، يمكن بلوغها عبر استئجار سيارة. وهي تزخر بملاعب الأطفال والحدائق، كما تضمّ مطاعم وجلسات ومطلات على حافة القطوع الصخرية والمنحدرات.
- المنطقة الترفيهية: تحتلّ مساحة 10000 متر مربع وتشمل أنشطةً ترفيهيةً متنوّعةً. وقد خصّص هذا المشروع بمنطقة للجلسات الخارجية المفتوحة، كما إنه يشمل كذلك مواقف سيّارات وحدائق وممرّات مرصوفة تؤدي إلى أجزائه المختلفة، بيسر وسهولة.
مناخها...
تعتبر "السودة" إحدى أهم المناطق السياحية في المملكة العربية السعودية، وذلك لما تمتاز به من خصائص طبيعية فريدة، لعل أبرزها المناخ البارد نسبياً بصورة مغايرة لحرارة المملكة المرتفعة، ما يتطلّب من الزائر ارتداء معطف استعداداً لرحلة مثيرة فيها، في ظلّ أجواء ضبابية أحياناً، تغطّيها الثلوج في أحيان أخرى، فضلاً عن الأمطار الصيفية المتّصلة، إذ لا يكاد المطر أو الرذاذ يتوقّف يوماً واحداً فيها!
وفي الشتاء، يقلّ الإقبال عليها نظراً إلى أن درجة الحرارة تلامس الـ 10 درجات مئوية، أمّا في الصيف فتشهد على البرودة، ليلاً.
أبرز النشاطات
يعتبر مشروع "العربات المعلّقة" من أكثر نقاط الجذب للزوّار، إذ تلعب دور الرابط بين مرتفعات السراة وتهامة، علماً أنّه يبلغ طول الحبل الحديدي الذي تتّخذه العربة 7 كيلومترات، ليصبح أطول مساراً للعربات المعلّقة، ثم تنحدر هذه الأخيرة نحو تهامة بعمق يصل إلى 1800 متر. ولا يقتصر دور هذه الأخيرة على السياحة والترفية فقط، بل يمتدّ دورها لتتحوّل إلى وسيلة مواصلات ناجحة بين السودة في السراة وتهامة عسير، ويرتفع عدد هذه العربات إلى 14 عربة.
وقت مثالي
يعتبر فصل الصيف الوقت المثالي لزيارة "السودة"، نظراً إلى اعتدال الجوّ. ورغم ذلك، يبدو ارتداء الملابس الشتوية ضرورةً، خصوصاً للأطفال.
ولعلّ أجمل المناظر الحيوية التي يمكن الإستمتاع بها في الطريق إلى "السودة"، يكمن في مشهد انتشار بائعي الفاكهة من أبناء عسير على مفارق الطرق لبيع فاكهة عسير الملوّنة والعسل والسمن، فضلاً عن المحطات الجانبية لبيع الفخار وشتلات المزروعات والمنتجات التراثية من ثياب وقلائد فضيّة ومطارح (نوع من المفارش المصنوعة من الخوص). وتنظّم سوق شعبيّة وسط المنتجع لبيع هذه القطع التراثية التي يحملها زوار المنطقة كتذكار.