قديماً قالوا: «من يشرب من نيلها لا بدّ أن يرجع إليها»، واليوم يقول زائروها: «من يسهر ليل القاهرة، يعزّ عليه ألا يكرّر التجربة ولو مرّة في السنة!». «سيدتي» تحطّ في مشوارها لهذا العدد في قلب القاهرة، وتنطلق بدعوة من فندق «سوفتيل الجزيرة»، لتعرّفكم على أبرز معالم المدينة: الأهرامات والمتحف المصري والقلعة وخان الخليلي.
في سطور
القاهرة هي عاصمة جمهورية مصر العربية وأهم مدنها، يبلغ عدد سكانها حوالي 8 ملايين نسمة، في حين يبلغ عدد سكان القاهرة الكبرى 20 مليوناً ونصف مليون نسمة. وقد سميّت تاريخياً ب «مدينة الألف مئذنة» لتعدّد مساجدها، وعرفت في التاريخ أيضاً باسم «مدينة مصر المحروسة» و«قاهرة المعز».
وكان القائد المعز لدين الله الفاطمي أسّس القاهرة كعاصمة، وقام جوهر الصقلي في عام 358 هجرية ببناء سور حول ثلاث مدن، قام بتسميتها على الشكل التالي: القاهرة التي تضمّ مدينة الفسطاط، أسّسها عمرو بن العاص سنة 20 هجرية، ومدينة العسكر التي أسسها صالح بن علي العباسي سنة 132 هجرية، ومدينة القطائع التي أسّسها أحمد بن طولون سنة 256 هجرية، بالإضافة إلى الأحياء التي طرأت عليها بعد عهد صلاح الدين وحتى الآن.
تقع القاهرة على جوانب جزر نهر النيل في شمال مصر، حيث ينقسم الى فرعيه: دمياط ورشيد داخل منطقة الدلتا.
وفي الغرب من هذه المدينة، يوجد جزء من مقبرة ممفيسِ القديمة على هضبة الجيزة، حيث توجد أهرامات الجيزة الثلاثة. وعلى بعد 11 ميلاً من جنوب القاهرة، توجد مدينة ممفيس ومقبرة مُجاورة لسقارة.
بدأت العمارة الإسلامية في القاهرة بجامع عمرو بن العاص بالفسطاط، كما تحفل هذه المدينة بمئات من المساجد العتيقة، كالحسين والأزهر والسيدة زينب وأحمد بن طولون والسلطان حسن وقايتباي وسنان باشا ومحمد علي وأبي العلا. ويعتبر الأزهر أكبر جامعة إسلامية في العالم.
كما تحفل القاهرة بمجموعة من القصور التاريخية، مثل: قصر الأمير محمد علي في المنيل، وقصر البارون إمبان مؤسّس حي مصر الجديدة، بالإضافة إلى القصور الرئاسية.
وهي من أكثر مدن العالم التي تشهد ازدحاماً مرورياً، خصوصاً في ساعات الذروة!
لا تفوتوا زيارة
من بين أشهر وأجمل معالم القاهرة، سلسلة من أهم الفنادق العالميّة التي تضم أيضاً سلسلة من المطاعم الشهيرة، ولعلّ أكثرها جمالاً هي تلك المطلة على النيل في مشهد بانورامي بديع، خصوصاً في المساء، مثل: «فور سيزنز»، «غراند حياة»، و«سوفتيل الجزيرة». ويعدّ فندق «سوفتيل الجزيرة» واحداً من أكثر الفنادق جاذبيةً للسيّاح والزوّار، لدرجة أن البعض يصفه بأنه «جزيرة في قلب النيل»! وهذه لمحة عن أبرز مميّزاته:
ـ يقع فندق «سوفتيل الجزيرة» على جزيرة، بعيداً عن الضوضاء، و يحتلّ في نفس الوقت قلب القاهرة، مما يتيح لضيوفه مشاهدة مناظر خلابة، وإطلالة على النيل من كل غرفة أو جناح أو مطعم.
ـ للفندق مدخل خاص لتسهيل مرور السيارات. ويقع الفندق على بعد كيلومترين من المتحف المصري، 15 كيلومتراً من الأهرامات و19 كيلومتراً من مطار القاهرة الدولي.
ـ هو أحدث فندق خمس نجوم مجدّد بتصاميم فخمة، تجمع بين الطراز العصري ودفء الترحيب والخدمات المتميزة.
ـ يضم 433 غرفة وجناحاً، تتفاوت في تجهيزاتها ما بين: «برستيج»، «أوبرا»، «لوكسري» و«امبريال». وتتوافر في جميع الغرف خدمات الانترنت والكابل التلفزيوني. ويوفّر الفندق الخدمات المصرفيّة والترفيهية والمواصلات لدرجة تجعلك لا تحتاجين إلى أي شيء من الخارج.
ـ يمكن اختيار الوجبات من أحد المطاعم الثمانية الموجودة داخل الفندق، علماً أنّ كلاً منها يتميز ب «ترّاس» خارجي على واجهة النيل مباشرة، مثل: «البودا بار» الذي يقدّم أفخم المأكولات و«الكبابجي» الشهير بالمازات والمشاوي الشرقية «الفاندوم» الفرنسي الطابع و«مراكش».
دار الأوبرا، والقرية الفرعونية.
الجامع الأزهر ومسجد عمرو بن العاص والكنيسة المعلّقة. حدائق الحيوان بالجيزة، وحديقة الأسماك، وحديقة الأزهر.
المتحف الحربي بالقلعة، وبانوراما حرب أكتوبر، والمتحف الإسلامي. مدينة الإنتاج الإعلامي، ومدن الملاهي في 6 أكتوبر.
اليوم الأول
إنطلقنا من مطار دبي إلى ميناء القاهرة الجوي، لنصل في السابعة مساءً، ثم قطعنا المسافة إلى وسط القاهرة في حوالي 40 دقيقة، مع أنها لا تزيد عن 15 كيلومتراً. وفي صباح اليوم التالي، تحرّكت سيارة الوفد الصحفي من قلب النيل في فندق «سوفتيل الجزيرة»، إلى أهرامات الجيزة، حيث صعدنا إلى غرفة الملك وشاهدنا التابوت الحجري، وإلى جانبها غرفة الملكة...إنها تجربة ممتعة لدخول الهرم، وإن كانت نسبة الرطوبة في داخله عالية!
وعلى بعد مئات الأمتار، يجثم تمثال أبو الهول لحراسة مقابر الأهرامات وملوكها المدفونين فيها، وما يزال ذقنه وأنفه مفقودين ولا مجال لترميمهما لأن خبراء الآثار يرون المصلحة في الحفاظ على كل أثر تاريخي كما هو من دون تجديد حتى لا يخسر قيمته.
على الجناح الأيمن لأبي الهول، تقع غرف تجهيز الموتى للتحنيط والدفن، حيث كان يتم تجفيف الجثث في أحواض تحت أشعة الشمس لتدفن لاحقاً في المقابر المجاورة.
إلى الجنوب من الأهرامات، توجد مقابر سقارة، وهرم زوسر المدرج الذي يعدّ من أقدم الأهرامات في مصر، ومن خلال الرسوم الموجودة بالمقابر، يتعرّف الزوار على المعتقدات التي عرفها قدماء المصريين، حيث رسموا مشاهد لما كانوا يتصورونه ليوم العرض والحساب وميزان الحسنات والسيئات، وتحويل الميت إما إلى الجنة وإما إلى النار!
وفي الشوارع القريبة من الأهرامات، توجد معامل لتجهيز أوراق البردى والألوان الطبيعية، والتي لا تزال تستخدم حتى اليوم في الرسوم والكتابات الفرعونية. وتتفاوت الأسعار حسب حجم وطبيعة اللوحة ومهاراتك في التفاوض على السعر، ويمكنك أيضاً التعرف على صناعة العطور لدى قدماء المصريين في معامل توجد في المنطقة ذاتها.
اليوم الثاني
وسط ميدان التحرير، يستقبل المتحف المصري هواة الآثار من شتى أنحاء العالم، علماً أنّه لا يكفي يوم واحد للتعرّف على كل محتوياته، وإن كانت مجموعة توت عنخ آمون هي الأكثر غنى وإثارة: توابيت ضخمة متداخلة وأغطية محلاة بطبقة من الذهب المنقوش والملون بالأزرق وتحف فنية تاريخية تستوقف الباحثين أمام مهارة وإبداع المصري القديم!
وعلى الصعيد الأسري لدى الفراعنة، يشاهد الزائر في المتحف زوجة الفرعون وهي تضع يدها خلف ظهر زوجها والعكس، تعبيراً عن المودة والألفة والمساندة والتعاضد، وكذلك الاحتفاء بالأطفال والحنو عليهم.ولعلّ الغريب أن المرشدة السياحية أشارت إلى قطع أثرية عبارة عن جراب من القماش، وشرحت أنّ هذا الأخير كان يشكّل العازل الطبي لتنظيم النسل، اخترعه قدماء المصريين منذ آلاف السنين، ناهيك بأدوات العمليات الجراحية وصور لعملية الختان للأطفال الذكور.
اليوم الثالث
تشرف قلعة صلاح الدين الأيوبي على معالم القاهرة، ويعدّ مسجد صلاح الدين تحفةً معماريةً عالميةً، حيث القباب الفخمة العالية ونقوشها الزاهية التي تضاهي في عمارتها فنون روما. وعلى مقربة من المسجد، يقع قصر الجوهرة الذي يخضع حالياً لعملية ترميم عقب حريق شب فيه مؤخراً، وكان قبل الحريق يحفل بمقتنيات محمد علي وصور لأبنائه الذين حكموا مصر حتى العام 1952، ويقال إن صلاح الدين قد بنى قناةً مائيةً تجلب المياه من نهر النيل إلى القلعة، وما تزال بئر يوسف موجودة في الصحن المجاور للميضأة في الساحة المواجهة لمسجد محمد علي.
ومن أعلى نقطة في الجهة الشرقية للنيل إلى أعلى نقطة في الجهة الغربية له، ثمة رحلة مميّزة صاعدة إلى قمة برج القاهرة، يمكن التقاط صور بانورامية من خلالها، تجمع بين الروعة والجمال. ولكن! حذار من الازدحام أمام المصعد الوحيد، سواء في القاع أو القمة، إذ يبدو أن عبقرية خبراء السياحة في مصر لم تلتفت بعد إلى تسخير تكنولوجيا المصاعد في تسهيل استقبال زائري البرج الشهير، وبطريقة لا تؤثر على الشكل العام له، وحتى يتم حل مشكلة المصعد. وإن كنت سريع الملل من الانتظار، فلا داعي لزيارة برج القاهرة هذا العام. وتقول المرشدة السياحية «أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شرع في بناء هذا البرج بعد إطلاعه على واقعة تورّط أحد المسؤولين في عهده بقضية رشوة، فقرّر بناء البرج رمزاً للنزاهة والأمانة للحكومة المصرية حينذاك».
مساء خان الخليلي
على مدار الساعة، لا تكاد تخلو ساحة مسجد الحسين ومنطقة الموسكي وخان الخليلي من السيّاح. وفي قهوة الفيشاوي، كانت سهرة الوفد الصحفي القادم من الإمارات. هنا، سمعنا حكايات عن أمسيات أدباء وشعراء مصر.
واللافت هو طوابير السيّاح الذين ينتظرون أدوارهم للجلوس بسبب حجز غالبية الكراسي، فضلاً عن مشهد الباعة الجوالين والمهرجين والشحاذين والسيدات اللواتي يعرضن رسوم الحناء على مرتادات المقهى، وهي صورة مصغرة للطبقات المهمشة في حارات القاهرة ومناطقها الفقيرة. وكان السؤال الذي يتردد على لسان زائري المقهى للمرّة الأولى: أين شرطة مكافحة التسوّل في هذه المنطقة؟