لا تخلو الحياة من الخسارات ومن مرات الفشل، ولذلك فعلى الإنسان أن يستعد لذلك لأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، وعلى الأم أن توصل هذه المفاهيم لطفلها الصغير الذي سرعان ما سيكبر ويصبح تلميذاً في المدرسة وتبدأ أمامه مجالات السباق والتنافس، وعليه أن يعرف أنه لن يفوز دائماً.
تلعب الأم دوراً كبيراً في زرع الروح الرياضية لدى طفلها وتخليصه من الأنانية في اللعب أو الرغبة في السيطرة واللعب بروح الفريق، وهذه الآداب أو المبادئ الحياتية هامة جداً في بناء شخصية الطفل، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، وفي حديث خاص بها، بالمرشد التربوي عارف عبد الله، حيث أشار إلى طرق ونصائح تستطيع من خلالها الأم تشجيع الطفل على المنافسة والتحلي بالروح الرياضية ومساعدتهم على تقبل نتائج أي عمل مهما كان في حال عدم الفوز، فالمسابقات مثلاً تتيح الفرصة للشخص للظفر بصداقات جديدة وتجدد العلاقات بين زملاء المهنة الواحدة، وفائدة أخرى غير الفوز بمعناه المحدد في الآتي:
أسباب تؤدي بطفلك لعدم تقبل الفشل والخسارة
- يتسبب الإفراط في تدليل الطفل من قبل الوالدين إلى أن يتحول إلى كائن أناني يرغب بكل شيء لنفسه، ويريد أن يكون محور الكون، ولا يستطيع أحد أن يسرق منه الأضواء وبالتالي فهو لا يتقبل الخسارة على الإطلاق.
- تتسبب الأم التي لا تتمتع بروح التسامح ولم تكن قدوة بأي حال من الأحوال لأطفالها بأن تنشئ أطفالاً لديهم روح الانتقام وعدم تقبل تفوق الآخرين عليهم، ويكون الأطفال مراقبين لتصرفات الأم مع الزملاء والجارات مثلاً، ويقلدونها ثم يصبحون نسخاً صغيرة عنها.
- يؤدي وجود الطفل في بيئة مضطهدة وتوقع به العقاب على أي خطأ أن يصبح طفلاً لا يبحث إلا عن الفوز لكي لا يعاقبه الكبار، وبالتالي فالفشل بالنسبة له هو نهاية الحياة لأنه يعرف أنه يعني أن عقاباً كبيراً سوف يقع عليه من الأم أو الأب أو كليهما.
- يتسبب الطفل الذي يكون وحيداً مثل أن تكون بنتاً واحدة بين أولاد أو العكس في الشعور بالتفوق وبأنها يجب أن تنال معاملة خاصة من المحيطين بها لتميزها، وتضرب على الوتر الحساس بأن البنت تكون ضعيفة، ويجب أن يتنازل لها الأولاد أو الذكور تحديداً، ولذلك يرى أخصائيو التربية أن البنت المراهقة تكون أكثر عناداً من الولد في فترة المراهقة؛ لأن لديها إصراراً على الفوز وإبراز شخصيتها، والأمر نفسه ينطبق على الابن الوحيد الذي يعامل على أنه سيد البيت منذ صغره، وبالتالي فيجب أن ينصاع الجميع له وأن يكون هو الفائز دائماً.
ما المقصود بالروح الرياضية؟
- يندرج معنى وتعريف الروح الرياضية تحت قائمة آداب تعامل الأطفال مع الآخرين، حيث يقصد بالروح الرياضية التي يجب أن يتحلى بها الطفل أن نعلمه بأنه على الإنسان أن يتحمل الفشل والنجاح، أو أن يتقبل كل النتائج ما دام واثقاً بأنه قد بذل أقصى ما لديه، وتعرف الروح الرياضية بأنها الطموح أو روح الجماعة، حيث يمكن لمجموعة من الأشخاص الاستمتاع بممارسة فن أو هواية أو رياضة أو نشاط معين، مع وضع عدة شروط لذلك، منها الإنصاف؛ أي العدل والأخلاقيات والاحترام المتبادل ووضع إحساس الزمالة والرفقة مع المنافسين الآخرين في الاعتبار.
- تشمل الروح الرياضية مصطلحين مهمين يجب على من يرغب أن يتحلى بهذه الروح أن يعرفهما؛ وهما مصطلح الخاسر السيئ، والذي يجب أن يتحول من الشخص الذي لا يتقبل الخسارة بصدرٍ رحب إلى مصطلح آخر؛ وهو أن يكون رياضياً؛ بمعنى أن يكون «فائزاً جيداً»، أو أن يكون «خاسراً جيداً»؛ بمعنى أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك.
قد يهمك أيضاً: كيف تعلمين طفلك أن يكون زميلاً جيداً في الفريق؟
نصائح لكي يتحلى طفلك بروح المنافسة
- علّمي طفلك، في حال دخوله في سباق ما أو حتى مسابقة تعتمد مثلاً على إلقاء الشعر أو حل تمارين ومسائل حسابية وعدم تحقيقه الفوز، أنه من الضروري احترام المتنافسين معه، وتشجيعه على مد يده ومصافحتهم وتهنئتهم عند الفوز.
- عوّدي طفلك ألا يلقي باللوم على الآخرين عند إخفاقه أو فشله، بل عليه أن يراجع نقاط ضعفه وقوته، ويبحث عن الأسباب التي جعلته لا يفوز، ويحاول تصحيحها في المرات القادمة، وأن يعرف أن الإخفاق أول مرة ليس النهاية، فدائماً ما يأتي النجاح بعد الفشل.
- عوّدي طفلك أن يلعب بروح الفريق لضمان الفوز؛ لأن الطفل حين يلعب مع فريق ويكون كل همه أن يحقق الفوز لنفسه أو يستأثر مثلاً بالكرة أو أداة اللعب بين يديه، فهو سوف يمتنع عن سماع النصائح والتعليمات، وبالتالي فسوف يجلب الفشل والخسارة للجميع.
- علّمي طفلك أن يكون زميلاً محترماً وخلوقاً مع باقي الزملاء مهما بلغت شدة المنافسة بينه وبينهم؛ لأن اللعبة والمنافسة سوف تنتهي، وسوف تبقى المواقف عالقة والانطباعات دائمة لدى الآخرين عنه.
- قومي بتأديب طفلك على الآداب الإسلامية الحميدة التي تربينا عليها، وذلك لكي لا تتولد لدى الطفل الرغبة في الانتقام والحقد والكراهية في حال فشله وعدم فوزه، فهذه المشاعر ليست من شيم وأخلاق الطفل المسلم الذي يحب لغيره ما يحبه لنفسه.
- شجعي طفلك على اللعب الجماعي؛ لأن هناك فوائد كثيرة لهذه الطريقة في اللعب، ويمكن حصر ما لا يقل عن 10 أسباب لممارسة طفلك للرياضات الجماعية ومن بينها أنه يتخلى عن الأنانية والغرور والاعتداد بالرأي، حتى لو كان على خطأ، ويتحرر من الخجل والانطواء وأسباب أخرى كثيرة، يجب أن تبذلي قصارى جهدك؛ لكي يحصل عليها طفلك.