يعلم الكثيرون أنّ شبح العنوسة يطارد المبتعثات السعوديات أينما كنَّ، فإما أن يتزوجن قبل السفر إلى بلد الابتعاث، وإما أن يحاولن اتخاذ الحيطة والحذر من الوقوع في فخ العنوسة الذي وقعت فيه كثيرات من اللاتي فضّلن التعليم على العريس.
بعضهنّ تعللن بأنّ الشهادة هي التي تجلب العريس المناسب في الوقت المناسب، وليس العكس، لكن تبقى المشكلة هاجسًا في عقول الكثير من المبتعثات السعوديات.
«سيدتي» استطلعت آراء عدد من المبتعثات السعوديات إلى خارج السعودية؛ لمعرفة ماذا يمثل لهنّ هذا الهاجس، وما احتياطاتهنّ لتجنبه. والتفاصيل في هذا التحقيق.
بعض المبتعثات رفعن شعار الشخص المناسب أهم من الوقت المناسب، منهنّ ليلى خوجة، طالبة مبتعثة إلى بريطانيا، التي أكدت لـ«سيدتي» أنّ الأمر بالنسبة لها ليس الوقت، وإنما الشخص، وقالت: «بالنسبة لي لا يهمني وقت الارتباط، سواء أثناء البعثة أو قبلها أو بعدها؛ لأنني أؤمن بأنّ الارتباط يكون عندما يوجد الشخص المناسب، وليس الوقت المناسب، فقد تقدم لي البعض أثناء البعثة، ولم يكن عندي أي مانع في الارتباط. لكن لم يكن في أي منهم الشخص المناسب، فالارتباط أثناء البعثة والدراسة من الممكن أن تكون له إيجابيات وسلبيات على حسب الشريك نفسه، إذا كان داعمًا ومحفزًا أو كان العكس».
لا وقت للزواج
وعن مخاوف بعضهنّ من الوقوع في فخ العنوسة، قالت خوجة: «لكل إنسان طريقته في الحياة يراها مناسبة، وإذا كانت بعض الفتيات يخشين التأخر في الزواج، ويرين أنّ الابتعاث السبب، فكان من الأولى للفتاة منهن أن تترك فرصتها في الابتعاث لغيرها،
الشهادة أولاً
دارسة الدكتوراه في التعليم العالي وإدارة الأعمال بالولايات المتحدة الأميركية المبتعثة كوثر خلف حامد ترى أنّ أهم ما يمكن أن تحصل عليه الفتاة المبتعثة التي لم تتزوج هو الحصول على الشهادة التي سافرت من أجلها، أما عن مسألة الارتباط والزواج فهي آتية آتية، المهم أن يكون الإنسان المناسب في الوقت المناسب. وعن تأخير سن زواج طالبة العلم، قالت: «مما لا شك فيه أنّ كثيرات ينسين موضوع الزواج، أو يتناسينه؛ وذلك بسبب الانشغال الدائم في البحث والدراسة التي تأخذ كل الوقت، إلى أن تفاجأ الفتاة بأنّ عمرها قد تقدم، وقد يقال عنها وسط عائلتها وصديقاتها إنّ القطار فاتها، أو الكلمة التي تكرهها الفتيات «عانس»، فتلتفت إلى نفسها، ونصيبها يأتيها إلى باب بيتها».
وعي الفتاة السعودية
عضو لجنة الدعم والمساندة للأندية السعودية بأميركا أمل نمنقاني تؤكد أنّ الابتعاث لا علاقة له بمسألة وقوع الفتيات المبتعثات في فخ تأخر سن الزواج، أو ما يطلق عليه البعض «العنوسة»، وتقول: «المبتعثة قادرة على اختيار الوقت والشخص المناسبين تمامًا، وليست كما كانت المرأة في الماضي حبيسة بيتها إلى أن يأتيها الشخص الذي يطلب يدها، الفتاة السعودية المبتعثة الآن لديها من الوعي ما يكفي لأن تدير حياتها بالصورة المناسبة، لما يتناسب والعصر الذي نعيش فيه، العالم كله يتجه إلى العلم، وفي الوقت نفسه هذا لا يمنع الفتاة من الزواج في أي وقت، المهم الاختيار الدقيق، سواء بالنسبة للوقت أو للشخص».
تساؤل...؟
تتساءل المبتعثة السعودية سارة فايز عن العمر الذي تبلغه الفتاة ويعتبرها المجتمع عنده أصبحت «عانسًا» أو فاتها قطار الزواج؟ وتقول: «في رأيي إنّ من يفكر بمثل هذه الطريقة إلى اليوم فهو بالتأكيد على خطأ، فلا يمكن أخذ مسألة الزواج بالعمر الذي يقاس بالسنوات، وإنما بمستوى النضج الذي من المفترض أن يكون عليه الطرفان أو الشريكان، فالزواج يعتبر من الخطوات المهمة جدًا التي لابد أن يعمل لها ألف حساب، أما عمّن يقول إنّ الابتعاث يهدد المبتعثات بالعنوسة، فهو بالتأكيد مخطئ في رأيه؛ لأنّ الفتاة المبتعثة الآن قد تتزوج وهي في بلد الابتعاث، المهم أنها أصبحت لديها القدرة على الاختيار وهذا يكفي».
الابتعاث بريء
مديرة قسم البرامج الطبية والعلوم الصحية في الملحقية الثقافية بسفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن الدكتورة سمر السقاف تؤكد أنّ الابتعاث بريء من مثل هذه الاتهامات وأنه يؤخر الزواج بالنسبة للمبتعثة، وقالت: «على العكس أرى أنّ الابتعاث يعطي الفتاة السعودية ميزة عن غيرها ممن لم يصادفهنّ حظ الابتعاث؛ لأنّ تعليمها العالي يكون بمثابة زيادة فرصها في الزواج من أفضل الشباب، فالاختيار المناسب القائم على الدراسة الواعية هو أهم ميزة تمتلكها المبتعثة؛ لأنّ وعيها أكبر من غيرها من الفتيات، وكثيرات من المبتعثات يأتين إلى بلد الابتعاث مع أزواجهنّ، وتستمر الحياة بينهما بتقدم رائع في مستوى التقارب بينهما، وأخريات تتم خطبتهنّ في بلد الابتعاث، وقد يتم الزواج أيضًا.
العيسى لـ «سيدتي»: أرفض مصطلح «العنوسة».. ولا يمكن ربطه بالابتعاث
رفض الملحق الثقافى بسفارة خادم الحرمين الشريفين في الولايات المتحدة الأميركية الدكتور محمد العيسى مصطلح «العنوسة» الذي يتداوله الناس عمن تتأخر في الزواج، متسائلاً: «من قال إنّ الابتعاث يؤخر الزواج؟! ».
وأكد العيسى أنّ هناك الكثير من الزيجات تحدث بين السعوديين والسعوديات في بلد الابتعاث، وهنا في الولايات المتحدة الأميركية خصوصًا؛ حيث يقيم نحو 84 ألف مبتعث ومبتعثة في مختلف التخصصات. ورفض العيسى فكرة أنّ الابتعاث يسبب تأخر الزواج بالنسبة للفتيات، موضحًا أنّ سن الزواج سواء بالنسبة للفتاة أو الشاب، يتوقف على مدى استعداده لهذه المرحلة المهمة في الحياة، وعلى الإنسان، خصوصًا المتعلم تعليمًا رفيعًا مثل المبتعثين والمبتعثات، الاختيار الدقيق لاستكمال المسيرة العلمية، وعدم الرجوع فيها بسبب الشريك. وعن حضوره لمثل هذه الزيجات قال العيسى: «حضرت ثلاث زيجات، وأرسلت باقات الزهور إلى الأزواج الذين لم أتمكن من حضور زفافهم، وأنا سعيد جدًا بهذه الخطوة، وكلها تعبّر عن أفق مفتوح لهؤلاء الطلاب، فأنا أعتبر نفسي أنّ لدي 84 ألف ابن وابنة في الولايات المتحدة الأميركية، وأسعد بنجاحاتهم في كل الأمور».