غوص في تاريخ الجندول المركبة السياحية الشهيرة في فينيسيا

جندول تقليدي، على القناة الكبرى في مدينة البندقية
جندول تقليدي، يقوده سائق، على القناة الكبرى في مدينة فينيسيا

لا تستقيم الرحلة السياحيّة إلى مدينة فينسيا الإيطالية، من دون ركوب الجندول، ولو أن النشاط المذكور مُكلف (80 يورو على الأقل، في رحلة تستغرق نحو 35 دقيقة)، فالجندول قارب يتميّز بقاع مُسطّح، ويُستخدم منذ نحو 1000 عام. يُصنع الجندول، بصورة يدويّة، من مزيج من الأخشاب، هي: الصنوبر والبلوط والتنوب والكرز والجوز والدردار والماهوجني.
في الوقت الراهن، هناك نحو 400 جندول في مدينة فينيسيا، مُرخّصة، ومملوكة لأفراد أو شركات، تعمل بنفس الطريقة التي كانت تعمل بها دائمًا، أي باستخدم مجداف واحد لدفع كل زورق، والأخير مبني بصورة منحنية قليلًا على جانب واحد بحيث يدفع المجداف من هذا الجانب الجندول في خط مستقيم.

معلومات عن الجندول في مدينة فينيسيا

مجموعة من الجنادل التي ترمز إلى مدينة فينيسيا الإيطالية

من بين مجموع المراكب المائيّة المُختلفة السائرة في قنوات مدينة البندقية الإيطالية، الجندول هو الأكثر شهرةً. يأتي أوّل دليل موثّق على الجندول من عام 1094، في شكل ترخيص من الدوق فيتالي فاليير يشير فيه إلى "الجندول". والأخير، عبارة عن قارب تجديف قديم، تطوّر على مدار الألف عام الماضية، ليصبح بالشكل الأنيق، والرشيق، الذي نراه اليوم. يسمح تصميم الجندول الفريد وغير المتماثل لسائق واحد فقط بالإبحار في الممرات المائية الضيقة الخاصة بمدينة البندقية، باستخدام مجداف واحد.
في القرن الحادي عشر، ظهر سائقو الجنادل في البندقية، وهؤلاء هم ملاحون ماهرون يبحرون عبر شبكة القنوات المعقدة في المدينة. وبحلول القرن السابع عشر، كان هناك ما يصل إلى 10 آلاف جندول على الممرات المائية في البندقية. فقد كان الجندول وسيلة النقل الرئيسة، إلى جانب المشي. مع تحوّل البندقية إلى مدينة مُهمّة للتجارة العالمية، في القرن السادس عشر، وازدياد سكانها بعد ذلك، أصبح الجندول أقل ملاءمة للسفر عبر قنوات البندقية المزدحمة والبحيرات. شيئًا فشيئًا، طالت تعديلات تصميم القارب المذكور، الذي أصبح أطول وأضيق بشكل كبير، مع بروز أطرافه جزئيًّا خارج الماء. وبحلول القرن التاسع عشر، كان الجندول قد اتخذ شكله الحالي؛ يبلغ طول الجندول 10.85 مترًا، وعرضه 1.44 مترًا قدمًا، ويزن 1100 رطل، ويسير نحو ثلاثة أميال في الساعة، وهو مصمّم خصّيصًا للمناورة حول البحيرة الضحلة في البندقية.
يُطلى الجندول، بطلاء أسود اللون، نتيجة لقانون عائد للقرن السابع عشر، بهدف القضاء على المنافسة بين النبلاء على أفخم عربة. لكن، لكل جندول تنجيد وزخارف وتفاصيل فريدة من نوعها. إجمالًا، يستغرق بناء الجندول نحو شهرين.
هناك حقيقة طريفة عن الجندول، مفادها أنه جهّز في وقت ما بكابينة صغيرة للركاب، مع ستائر، وذلك لحمايتهم من الطقس، أو للحفاظ على سرية لقاءاتهم، من الأعين. اختفت هذه الكابينة، والستائر، معها، في أوائل القرن العشرين.
إشارة إلى أنه يمكن للسائحين في مدينة فينيسيا رؤية ورشة صنع الجنادل (من الخارج؛ فهي ليست مفتوحة للجمهور)، وذلك في حي أكاديميا، علمًا أن نحت المجداف المتعرج والفريد من نوعه يعدّ شكلًا من أشكال الفنون. وفي حي دورسودورو، من الممكن زيارة ورشة سافيريو باستور، وهو صانع آخر للجنادل، لديه نماذج مصغرة للبيع.

سائق الجندول على القنال، في فينيسيا

في الوقت الراهن، هناك نحو 400 جندول مرخص له. وعندما يموت أحد سائقي الجندول، تنتقل الرخصة إلى أرملته.
وعلى الرغم من أن الجندول كان وسيلة النقل الأساسية في أنحاء مدينة البندقية، إلا أن هذه القوارب تُستخدم اليوم، لغرض السياحة. بالمقابل، هناك "تاكسي مائي" عبارة عن مركب مُزوّد بمحرك لنقل السكّان من مكان إلى آخر.

رحلة سياحية بوساطة الجندول

زوجان يبحران على متن جندول في فينيسيا
  • أولًا، يساعدك سائق الجندول على ركوب الجندول الخاص به، علمًا أن هناك قواعد صارمة للغاية حول تدريب وترخيص سائقي الجندول وزيهم الرسمي (قميص مخطط بالأزرق والأبيض أو الأحمر والأبيض، وسروال أسود، وقبعة من القش). ثم تبدأ الجولة في القنوات المائية حول نقطة انطلاقك، مع الإشارة إلى أن غالبية السائقين يقدمون معلومات عن المناظر الرائعة التي تتكشف أمامك.
  • يمكن أن يستمتع بركوب الجندول في مدينة فينيسيا، من شخص واحد إلى 5 أشخاص، إضافة إلى سائق الجندول (في كل مركبة). وفي كثير من الأحيان، سيطلب قائد الجندول من الراكبين، تبديل المقاعد لتحقيق أفضل توازن. وفي بعض الحالات النادرة، قد يرفض قائد الجندول ركوب 5 أشخاص إذا كان الوزن الإجمالي للمجموعة قد يجعل الملاحة صعبة، ويعرض الركاب للخطر، بالتالي.
  • إذا كان السائح يرغب في رؤية معالم معينة في مدينة فينيسيا، مثل: جسر التنهدات أو جسر ريالتو، فعليه ركوب الجندول في إحدى المحطات المجاورة لهذه المناطق الشهيرة.
  • في ساحة سان ماركو، هناك محطة واحدة تواجه الحوض. وعلى الجانب الآخر، هناك محطة في باسينو أورسيولو. وعلى بعد 3 دقائق من الساحة، هناك محطة أخرى، وتحديدًا أمام كنيسة سان مويسيه مباشرةً.
  • ينصح خبراء السياحة بالصعود إلى الجندول في محطة غير مزدحمة، وذلك للشعور بالمزيد من الخصوصية، خصوصًا في موسم الذروة السياحي.
  • إذا كان السائح يرغب في رحلة خاصة في الجندول، مع موسيقيين، وهو يودّ سماع أغنية عن مدينة فينيسيا، تدعو النصيحة إلى طلب أغنية Venezia La Luna e Tu (فينيسيا والقمر وأنت) الرومانسية.
  • يُنصح عند ركوب الجندول، في مدينة فينيسيا، بارتداء زوجين من الأحذية المريحة وغير القابلة للانزلاق، وتجنّب الملابس التي تكون عرضة للبلل. ارتداء الملابس الأنيقة مناسب أيضًا. لكن، ضعي في اعتبارك أيضًا أن الجندول معرض للرياح والشمس والمطر والبرد. لذلك، ارتدِي ملابس مناسبة للطقس، واحملي قبعة وكريمًا واقيًا من الشمس في الصيف. تتوافر البطانيات، في بعض الجنادل، في الشتاء.