مطبخ مدينة فينيسيا سيمفونية من النكهات تجعل براعم التذوق ترقص

مطعم إيطالي في مدينة فينيسيا
مطعم إيطالي في الهواء الطلق، في ساحة سان ماركو، بمدينة فينيسيا الإيطالية

يذهب البعض إلى القول إن فينيسيا، المعروفة أيضًا باسم "مدينة القنوات المائية"، و"المدينة العائمة"، و"سيرينيسيما"، واحدة من أكثر المدن الإيطالية روعةً. بفضل قنوات فينيسيا المتعرجة، وهندستها المعمارية المذهلة، وجسورها الجميلة، هي وجهة شهيرة للسفر. وإضافة إلى المعالم السياحية الكثيرة الجديرة بالزيارة في مدينة فينيسيا الإيطالية، تقدّم الأخيرة القائمة على بحيرة، لزائريها، بعض المأكولات البحرية الرائعة، إضافة إلى أطباق أخرى وحلويات لذيذة. هناك، المطبخ عبارة عن سيمفونية من النكهات، التي تجعل براعم التذوق ترقص فرحًا. لذلك، تغوص السطور الآتية، في أطباق مطبخ مدينة فينيسيا، ومطاعمها الأشهر.

مزيج من النكهات في الأطباق التقليدية بمدينة فينيسيا

مجموعة من القوارب، التي تشتهر بها مدينة فينيسيا الإيطالية، والمعرف الواحد منها بالجندول، أمام مطعم (الصورة من unsplash)

من المُلاحظ أن مطبخ مدينة فينيسيا، يختلف اختلافًا كبيرًا عن مطابخ المناطق الإيطالية الأخرى؛ أهل مدينة فينيسيا بحارة في الأصل، لذلك هم كانوا يتناولون غالبًا الأطعمة التي تحفظ جيدًا، مثل: سمك القد المجفف والمُملّح، والذرة، والبطاطس، والأرز. إضافة إلى ما تقدم، هم كانوا أيضًا، يكتشفون الطعام في البحر، ويجلبونه معهم إلى البر الرئيس، ما يوفر مزيجًا حقيقيَّا من النكهات والتنوع في أطباقهم. وفي مدينة فينيسيا، يوازي اكتشاف الطعام المليء بروائح ونكهات جذابة، مشاهدة المعالم السياحية، وهو يحتل جزءًا أساسيًّا من التجربة الإيطالية الحقيقية.
في السطور الآتية، لمحات عن الأطباق التقليدية، في مدينة فينيسيا:

  • الفسيخ (أو Baccalà Mantecato)، الذي يرجع تاريخه إلى أوائل القرن الخامس عشر؛ بحسب الأسطورة، ابتكر الطبق عندما انجرفت سفينة فينيسيا المليئة بـالتوابل شمالًا، جراء عاصفة، باتجاه جزيرة روست، وذلك في عام 1431. هناك، اكتشف البحارة الناجون السمك المقدد (أو الفسيخ)، وأعادوه إلى البندقية عند عودتهم! يتكوّن الطبق من سمك القد المجفف، والمطهي ببطء، حتى يصبح هريسة ناعمة. تُتبّل الأخيرة، بالملح، والفلفل، وزيت الزيتون. إشارة إلى أن هناك نسخ أخرى من الطبق، متبلة بالثوم والبقدونس. تُدهن "الهريسة" عادةً على شرائح صغيرة من خبز "البولنتا".
  • الـ"بولنتا" (أو Polenta)، عبارة عن عصيدة مصنوعة من دقيق الذرة، تعدّ من المأكولات الأساسية في مدن الشمال الإيطالي، وتحظى بشعبية كبيرة بين عشاق الطعام في مدينة فينيسيا، علمًا أنه في الأمس كانت "البولنتا" الطعام الأكثر شعبية، في صفوف فقراء فينيسيا، إلا أنها تُعدّ اليوم طعامًا فاخرًا وراقيًا! يمكن تقديم العصيدة ساخنة، أو تركها حتّى تبرد، وتتحوّل إلى صلبة، فتتخذ هيئة رغيف يمكن خبزه أو قليه أو شيه. إشارة إلى أن هناك المئات من وصفات "البولنتا"، ومنها: "البولينتا إي ششي"، أي العصيدة مع الروبيان، الذي يعيش في بحيرة فينيسيا، ويتبل بالليمون والثوم والملح والفلفل.
  • " الأرز والبازلاء" (أو Risi e Bisi)، يعدّ أحد أفضل الأطباق الإقليمية الخاصة بمدينة فينيسيا، فهو يجمع بين الحساء، والريزوتو السميك المصنوع من الأرز الطازج، والبازلاء المطبوخة، مع قطع صغيرة اللحم المقدد الإيطالي السميك. يرجع تاريخ الطبق المذكور إلى العصور الوسطى، عندما كان الفلاحون يقدمونه لحاكم البندقية (أو دودج البندقية).
الأرز والبازلاء، هو أحد أفضل الأطباق الإقليمية الخاصة بمدينة فينيسيا
  • الـ"ريزوتو مع الحبار" (أو Risotto al nero di sepia)، الذي يُحضّر عن طريق إضافة الحبار أو حبر الحبار إلى طبق الريزوتو. في هذا الإطار، تدعو النصيحة إلى عدم جعل اللون الأسود الفحمي العائد للطبق يُبعد المرء عن تذوقه، فهذا الطبق بخاصة، هو من الأطباق الأساسية التي يجب تجربتها في مدينة فينيسيا، ويشغل مكانةً على غالبية قوائم الطعام، في المطاعم في فينيسيا، بما في ذلك المطاعم المحلّية.
  • "السردين المتبل" (أو Sarde in Saor)، طبق من المقبلات مُعدّ باتباع تقنية طهي معينة، يتكوّن السردين والخل البلسمي والبصل، في صلصة حلوة وحامضة. طعم الطبق المذكور قوي للغاية، إلا أنه محلى بالزبيب والصنوبر الذي يوازن النكهات. إشارة إى أن الناس يصطفون في طوابير أمام بعض المطاعم، التي تقدم الطبق المذكور.
السردين المتبل، طبق من المقبلات، معدّ باتباع تقنية طهي معينة، في مدينة فينيسيا الإيطالية
  • الـ"بيغولي بالصلصة" (أو Bigoli in salsa)، عبارة عن مقبلات أو طبق رئيس في مدينية فينيسيا، يتكون من البيغولي، والأخير نوع من السباغيتي الدهنية، وصلصة مصنوعة من البصل والأنشوجة أو السردين. يُقدم الطبق أخيرًا، في العديد من المطاعم والمقاهي، بالمدينة، على مدار العام، بعد أن كان خاصًّا بمناسبات دينية.
  • "فريتو ميستو" (أو Frito Misto)، طبق ساخن يُبرز حب سكّان مدينة فينيسيا للمأكولات البحرية، إذ يتكوّن من مجموعة منوّعة من المأكولات البحرية المقلية الشهية، بما في ذلك كرات السمك، وحلقات الكلمار، والروبيان الطازج. كما يحتوي أيضًا على بعض الخضروات. هو يتوافر في المطاعم، إضافة إلى أكشاك الطعام، فيقدم عندئذ في مخروط من الورق.
  • الـ"موليتش" (أو Moleche)، سلطعون أخضر صغير الحجم، يعيش في بحيرة فينيسيا، يُقدّم مقليًّا عادةً، مع السلطة. إشارة إلى أنه يجب تحضير هذه القشريات بعد صيدها، أي في غضون ساعات قليلة، وذلك قبل أن تنمو قشرتها الجديدة وتتصلب. نتيجة لذلك، هناك صعوبة في العثور على الـ"موليتش"، أثناء زيارة مدينة فينيسيا، في كل الأوقات، إذ يكون متاحًا خلال فصل الربيع حصرًا.

حلويات شهيرة في مدينة فينيسيا

فريتول، حلوى كريمية، يستمتع بها سكان مدينة فينيسيا
  • "بورانيلي" (أو Buranelli)، هو بسكويت تقليدي، يرجع أصله إلى بورانو واحدة من الجزر الإيطالية الصغيرة، الواقعة في مدينة فينيسيا. تاريخيًّا، كان الـ"بورانيلي" يتخذ شكل دائرة. أما في الوقت الحاضر، هو يصنع على شكل حرف S. وهو ممتاز للتغميس في القهوة. يتوافر بسكويت الـ"بورانيلي"، في المخابز، ومحلات الحلويات.
  • "فريتول" (أو Fritole Venessiane)، عبارة عن حلوى كريمية، تتمثّل في كرات من العجين، محشية بالكريما أو الكاسترد، ومغطاة بالسكر والفاكهة. يستمتع سكان مدينة فينيسيا بهذا النوع من الحلوى، خلال عطلة عيد الفصح. لكن، يمكن العثور على نوع الحلوى المذكور، وبسهولة، في المخابز المحلية على مدار العام، وعلى رفوف محلات الحلويات الشهيرة.

مطاعم مكرمة بنجوم ميشلان في مدينة فينيسيا

تُمنح نجمة ميشلان للمطاعم التي تقدّم طهيًا متميزًا، مع الأخذ في الاعتبار خمسة معايير عالمية: جودة المكونات، وتناغم النكهات، وإتقان التقنيات، وشخصية الطاهي كما يعبّر عنها من خلال مطبخه، والأهم من ذلك الاتساق عبر قائمة الطعام بأكملها وعلى مر الزمن. إلى جانب البحث عن مطاعم جديرة بنيل نجوم ميشلان جديدة، هناك إعادة تقييم مستمرة من فريق ميشلان، للمطاعم الحاصلة على النجوم، لضمان تقديم نفس المستوى العالي من الطهي للضيوف.
في الآتي، 3 مطاعم في مدينة فينيسيا مكرمة بنجوم ميشلان:

  • Qadri: يقع هذا المطعم الأنيق في الطبقة الثانية، حيث المقهى التاريخي الذي يحمل الاسم عينه. بحسب الموقع الرسمي للمطعم، تسلّط قائمة الطعام، التي أعدّها ماكس ألاجمو، ونفّذها الطاهيان التنفيذيان سيلفيو جيافيدوني، وسيرجيو بريزيوزا، الضوء، على التفسيرات المعاصرة للأطباق الفينيسية، والإيطالية التقليدية، المصنوعة من مكونات يتم تحصيلها مباشرةً من بحيرة فينيسيا. إشارة إلى أنه يلفت ديكور المطعم المذكور، لا سيما ورق الحائط المزخرف، والثريات الفخمة، والإطلالة على ساحة سان ماركو، ومعالمها.
  • Wistèria: يقع المطعم بمحاذاة ريو دي لا فريسكادا، إحدى القنوات الجانبية الهادئة العديدة في مدينة فينيسيا. يطل المدخل الصغير لهذا المطعم، على مساحة خارجية لتناول الطعام في الهواء الطلق، مظللة بأشجار الوستارية التي تعطي المطعم اسمه. هناك، يتمتع الطاهي فاليريو دالامانو بسنوات عديدة من الخبرة، مع عائلة الأجمو التي تُسعد ضيوفها بأطباق مصنوعة من مكونات موسمية تعكس تنوع المنطقة. يتميز المطبخ بطريقة تقديمه للأطباق، ويعرض أفضل تقاليد تذوق الطعام في مدينة فينيسيا. إشارة إلى أن قائمة الطعام في "ويستيريا"، تحمل اسم "سيرينديبيتي"، وهي مستوحاة من هذه الفلسفة، حيث لا شيء يحدث بالصدفة، فالأطباق عبارة عن بحث ديناميكي، ودمج بين النكهات والمواد التي تبدو متباعدة جدًّا، ما يخلق تناغمات جديدة غير متوقعة. يفضل القيمون على المطعم المكونات المحلية، والمنتجين المحليين، الذين يحترمون الاستدامة البيئية.

 

 

  • Glam Enrico Bartolini: يقع المطعم داخل فندق بالازو فينارت الفاخر (المملوك لسلسلة فنادق إل دي سي الإيطالية)، على القناة الكبرى، في سانتا كروتشي، أي في أحد أكثر أركان مدينة فينيسيا الأكثر هدوءًا وانعزالًا. هناك، يقدم الشيف إنريكو بارتوليني الحائز على نجمة ميشلان، والطاهي المقيم الموهوب دوناتو أسكاني، للضيوف، تجربة تناول طعام راقية. تتوافر قائمتان في المطعم: الأولى، تضم أطباقًا تشيد بامدينة فينيسيا، وتقاليدها في الطهي، فيما الثانية تحمل أطباقًا شهيرة من مسيرة الشيف الطويلة، مليئة بالنكهات القوية والمتناغمة. خيار الوصول إلى العنوان المذكور، بوساطة الجندول، يجعل هذا المطعم أكثر تميزًا. إشارة إلى أن المطعم يحتوي على حديقة تطل على القناة الكبرى.