المهندس والمصور طارق التركي.. لوحات سيريالية من السعودية

زواية صخرية بالعلا
زواية صخرية بالعلا

مهندسٌ ومصوِّرٌ فوتوجرافي، عشقَ الطبيعةَ فأبدعَ في تصويرها، كما كانت له تجربةٌ في تأسيسِ برنامجٍ خاصٍّ بالمصوِّرين. شارك في مسابقاتٍ عدة، وحصل على جوائزَ محليَّةٍ وعالميَّةٍ، من أبرزها جائزةُ «ناشيونال جيوغرافيك». المهندس طارق التركي، يسردُ لنا تالياً مشواره مع التصوير، ويُقدِّم نصائحَ حول إجادته، ويصحبنا كذلك في رحلةٍ مصوَّرةٍ لمناطقَ يهوى تصويرها.


كيف تُعرِّف قرَّاء مجلَّة «سيدتي» على المصوِّر طارق التركي؟

طارق التركي مصوِّرٌ فوتوجرافي محترفٌ ومتخصِّصٌ في تصويرِ المناظر الطبيعيَّة، ويملك خبرةً، تزيدُ عن 15 عاماً في المجال، ومدرِّبٌ مُعتَمدٌ في التصوير الفوتوجرافي، ومهندسٌ مدني.
كيف استطعت الجمعَ بين الهندسةِ والتصويرِ بهذه البراعة؟
دراسةُ الهندسةِ علَّمتني أموراً كثيرةً في الحياةِ، والتصويرِ خاصَّةً. علَّمتني الانضباطَ والدقَّة، وأهمُّ نقطةٍ، علَّمتني كيف أرى الأشياءَ بمنظورٍ هندسي، وهذا الأمرُ ساعدني كثيراً في اختياراتي للتكوينات بانتقائها بشكلٍ مريحٍ للعين.

تنافس أخوي

كيف بدأت حكايتُك مع التصوير؟

حكايتي الجميلةُ هذه، بدأت عامَ 2009. الانطلاقةُ كانت بسيطةً جداً، إذ كان هدفي أن أصبح أفضلَ من أخي التوأم رياض الذي سبقني في دخولِ المجال، وتميَّز فيه. وحقاً، دخلنا في تنافسٍ أخوي شريفٍ، واستطعتُ أن أتجاوزه في مستوى التصوير، لذا وضعتُ هذا الهدفَ خلفي، وقرَّرتُ رفعَ سقفِ طموحاتي، وجعلها أكثر سمواً، والحمد لله صرتُ خلال فترةٍ وجيزةٍ من أهمِّ المصوِّرين في السعوديَّة بمجالِ تصويرِ المناظر الطبيعيَّة.

 

جمال ينعكس على تضاريس مدينة حائل
  جمال ينعكس على تضاريس مدينة حائل

 

        طبيعة خلابة في مدينة حائل

مَن الداعمُ الأوَّلُ لك في مجالِ التصوير؟

والدي العزيزُ، هو الداعمُ الأوَّلُ لي في هذا المجال، أطال الله في عمره، وأعانني على برِّه.

كيف طوَّرت نفسك في هذا التخصُّص، وكيف تصفُ عالمَ التصويرِ اليوم؟

في الحقيقة، أنا من الأشخاصِ الذين طوَّروا أنفسهم عبر التجاربِ الشخصيَّة. بداياتي كانت تجاربَ فرديَّةً، وأخطاءً وقعتُ فيها، وتعلَّمتُ منها، ففي ذلك الوقتِ، أي عامَ 2009، كانت مصادرُ التعليمِ محدودةً جداً، لذا اجتهد كلُّ مصوِّرٍ حينها، وطوَّر نفسه بشكلٍ شخصي. الآن اختلف الوضعُ تماماً حيث نجدُ مصادرَ المعلوماتِ متاحةً للجميع، وبشكلٍ سهلٍ ومتنوِّعٍ، يسهمُ في تطويرِ القدرات، وحتى التميُّز.

زواية صخرية بالعلا


مدينة حائل أدخلتني المجال

ما الذي دفعك لتصويرِ الطبيعة، وما أهمُّ الأماكنِ الطبيعيَّة في السعوديَّة التي صوَّرها طارق التركي؟

مدينتي حائل، هي السببُ في دخولي عالمَ التصوير. في بدايةِ عملي بالمجال، حاولت تجريبَ أغلبِ أنماطِ التصوير، لكنَّني وجدتُ نفسي أميلُ أكثر إلى تصويرِ المناظرِ الطبيعيَّة. حائل مدينةٌ تتميَّز بتنوُّع التضاريسِ، ما يساعدُ المصوِّر على تجربةِ أكثر من نوعٍ، وهذا الأمرُ أسهم كثيراً في تعزيزِ أدواتي الاحترافيَّة.

في كلِّ منطقةٍ من المناطقِ السعوديَّة، ما الذي يجذبُك لتصويره؟

بالتأكيد خبرتي في مجالِ التصوير، أصبحت أكثر نضجاً، لذا صرتُ أتأمَّل الجمالَ في كلِّ شيءٍ، ليس فقط في المناظرِ الطبيعيَّة. زرتُ البلدةَ القديمةَ في جدة، وصوَّرتُ فيها مرَّاتٍ عدة، ومع ذلك، يفتنني جمالُ المباني القديمةِ في كلِّ مرَّةٍ أوثِّقها بعدستي. كذلك زرتُ قريةَ رجال ألمع في عسير، وهي بحقٍّ واحدةٌ من أجملِ الأماكنِ التي صوَّرتُ فيها، وتذهلني في كلِّ مرَّةٍ أشاهدُ صورها.
وبالتأكيد زرتُ الرياض، مدينةُ الماضي والحاضرِ والمستقبل، ففي العاصمةِ يجدُ المصوِّرُ كلَّ ما يتمنَّى رؤيته، بدءاً بالدرعيَّة، وجمالها التاريخي، وحاضرها المزدهر، وليس انتهاءً بمدينةِ الملك عبدالله الماليَّة «كافد»، وحديقةِ الملك سلمان. أمَّا مدينتي حائل فشهادتي فيها مجروحةٌ، فهي المكانُ الذي تعلَّمتُ، واحترفتُ التصويرَ فيه.

"أنصح المبتدئين بالتغذية البصرية بشكل يومي، لتعلم اختيار الزوايا باحترافية"
طارق التركي

 

في مشهد مهيب تتراص النجوم في سماء العلا
          في مشهد مهيب تتراص النجوم في سماء العلا


تطبيق ضوء من التجارب الجميلة

أسَّست تطبيقَ «ضوء»، كيف جاءتك الفكرةُ، وما مدى الإقبالِ عليه، وهل هناك مشروعٌ آخرُ، تطمح إلى تحقيقه في مجالِ التصوير؟

تطبيقُ «ضوء» من التجاربِ الجميلةِ في حياتي، واستفدتُ منه كثيراً. ولمَن لم يسمع به من قبل، تقومُ فكرةُ التطبيقِ على مساعدتك في حجزِ المصوِّرين بكلِّ تخصُّصاتهم الفنيَّة بسهولةٍ وأمانٍ. الفكرةُ جاءت بناءً على ما كنت أراه من صعوبةٍ في معرفةِ المصوِّرين، وكيفيَّة حجزهم، وضمانِ التصوير، وتحديداً عام 2016، وعليه، فكَّرتُ في إطلاقِ التطبيق، لكنني لم أتعامل مع ذلك بجديَّةٍ! وفي نهاياتِ 2017، قرَّرتُ إخراجَ المشروعِ إلى النور مع شريكٍ، والحمد لله استطعنا إطلاقه منتصفَ 2019، وجاءت البدايةُ مبشِّرةً بالخير حيث وجدنا إقبالاً كبيراً من المصوِّرين، لكننا اضطررنا عامَ 2020، بسببِ كورونا، إلى إيقافِ التطبيق، إذ كانت التحدِّياتُ أكبر مما كنا نتوقَّع، وفي نهايةِ 2021 أغلقنا التطبيقَ بشكلٍ كاملٍ. الحمد لله، كانت تجربةً جميلةً، تعلَّمتُ منها الكثير في الحياةِ والعمل.

من المؤيدين لاستخدام برامج التصوير

هل تؤيِّد استخدامَ البرامجِ التقنيَّة في مجالِ التصوير، خاصَّةً في تصويرِ الطبيعة؟

بالتأكيد، أؤيِّد أن يستخدمَ المصوِّرُ برامجَ، تساعده في إنتاجِ الصورةِ بشكلٍ جميلٍ ورائعٍ مثل «فوتوشوب». هذا لا يقلِّل أبداً من شأن المصوِّر، أو فنِّه.

الكثبان الرملية في مدينة حائل


جائزة ناشيونال جيوغرافيك

شاركت في معارضَ عدة، حدِّثنا عن أهمِّها، وما المعارضُ التي تطمحُ للمشاركةِ فيها مستقبلاً؟

شاركتُ في عديدٍ من المعارضِ سواءً المحليَّة، أو العالميَّة، لعلَّ أبرزها معرضٌ، نظَّمته سفارةُ المملكة العربيَّة السعوديَّة في الولاياتِ المتَّحدة الأمريكيَّة، ومعرضٌ أقيم في الصين، وشاركتُ فيه مع بعض المصوِّرين الذين مثَّلوا السعوديَّة في إحدى الجوائزِ العالميَّة، إلى جانبِ معارضَ في الإمارات، وعُمان، والكويت، ووطني الحبيب.

ما أهمُّ الجوائزِ التي حصلت عليها، وأي جائزةٍ الأقربُ لك، ولماذا؟

أبرزُ وأهمُّ جائزةٍ حصلت عليها، هي جائزةُ ناشيونال جيوغرافيك، إذ إن لها وقعاً كبيراً في قلبي، لأنني وقتها مثَّلتُ السعوديَّة في المناسبة، وهذا عندي أعظمُ شرفٍ بأن أمثِّل بلادي. فكرةُ جائزةِ ناشيونال جيوغرافيك مختلفةٌ عن باقي الجوائز، فهي عبارةٌ عن برنامجٍ وثائقي، يضمُّ ستَّ حلقاتٍ، وفي كلِّ حلقةٍ، أتنافسُ مع مصوِّرين من الدولِ العربيَّة في محورٍ خاصٍّ.

كيف تصفُ معارضَ التصويرِ لدينا، وماذا تقترح لتواكبَ العالميَّة؟

الحمد لله، أرى حِراكاً قوياً لدينا في جميع المجالاتِ الثقافيَّة، خاصَّةً مع ما تقدِّمه وزارةُ الثقافةِ من دعمٍ للفنِّ والفنَّانين عبر هيئاتٍ مختلفةٍ.
مع التقدُّم التكنولوجي، ظهرت أدواتٌ وأجهزةٌ وتطبيقاتٌ كثيرةٌ، جعلتنا في حيرةٍ حيال أي برنامجٍ نستخدم، ما المعاييرُ والأدوات التي يمكننا الاعتمادُ عليها لنخرج بصورةٍ مثاليَّةٍ؟
نحن في عصرِ السرعة التقنيَّة، والمصوِّرُ الذي لا يواكبُ هذا التطوُّر، سيرى نفسه بالتأكيد متأخِّراً عن الآخرين. الآن نحن في عصرِ الذكاءِ الاصطناعي، وفي كلِّ يومٍ، نرى تقنيَّةً جديدةً قد تساعد المصوِّر في تطويرِ مهاراته بشكلٍ أكبر، لكنْ أهمُّ نقطةٍ هنا، هي كيف يمكن أن نستفيد منها بشكلٍ مثالي.

مشهد في القدية


مصور الطبيعة معرّض للمخاطر

ما طريقتُك في التقاطِ الصور، وهل هناك مخاطرُ، يتعرَّض لها المصوِّرُ الفوتوجرافي؟

أنا من الأشخاصِ الذين يفضِّلون الذهابَ إلى المكانِ المرادِ تصويره مبكِّراً لأخذِ متَّسعٍ من الوقتِ لاستكشافه، وتحديدِ أفضل الزوايا. بالتأكيد قبل الذهابِ لأي مكانٍ، لابدَّ من تحديدِ كلِّ ما يخصُّ الوجهة لاستغلالِ الوقت بشكلٍ جيِّدٍ، وبلا شكٍّ دائماً ما يكون مصوِّرُ الطبيعةِ معرَّضاً للخطر، لا سيما في التضاريسِ الصعبة مثل المنحدراتِ الجبليَّة، والسواحلِ التي يكون فيها الموجُ عالياً، وهنا يجب أن يكون المصوِّرُ واعياً، وأن يضع صحَّته وحياته في مقدِّمة أولوياته، بالتالي تجنُّب المخاطرِ قدر الإمكان، خاصَّةً إذا كان مبتدئاً.

نصائح تقدمها لمحبي التصوير؟

دائماً ما أنصحُ المصوِّرين بالتطويرِ المستمرِّ، وكثرةِ التجارب، لأنها تسهم في تحسين مستواهم. كما أنصحهم بالتغذيةِ البصريَّة بشكلٍ يومي، أو شبه يومي، وهذا من شأنه أن يساعدهم في تدريبِ العين على اختيار الزوايا الاحترافيَّة، إلى جانبِ تعلُّم كيفيَّة التعديلِ على الصورِ بشكلٍ احترافي.
يمكنك متابعة الموضوع على النسخة الديجيتال على هذا الرابط