موسكو تفتح ذراعيها للسائحين والمستقبل

لقطة في الساحة الحمراء، بموسكو
كاتدرائية القديس باسيل في الساحة الحمراء

عامَ 2023، استقبلت موسكو، العاصمةُ الروسيَّة، 24.5 مليون سائحٍ، الجزءُ الأكبرُ منهم، قَدِموا من مناطقَ أخرى من روسيا، مع 2.3 مليون من دولٍ أجنبيَّةٍ. عينُ موسكو اليوم على تعزيزِ صورتها بوصفها مركزاً سياحياً على الساحةِ الدوليَّة.
يمكن اختصارُ مدينة موسكو، التي تحتفي بميلادها الـ 877، بعد زيارتها أخيراً، بأنها تحافظُ على إرثها، وكلِّ ما تركته قرونٌ ماضيةٌ من حكمِ القياصرة، ثم الثورةِ الروسيَّة، والحقبةِ السوفيتيَّة بصورةٍ جديرةٍ بالثناء. هي تعرفُ الحداثةَ في نمطِ عيشها أو «اللايف ستايل»، مع ملاحظةِ التطوُّراتِ التكنولوجيَّة بكلِّ زاويةٍ فيها، وكلِّ التعاملات، فالتطبيقاتُ تُسيِّر جميع جوانبِ الحياة، فيما عينها على المستقبل، وكيفيَّة التطوُّر، مع مشروعٍ واعدٍ، هو «موسكو 2030»، ينخرط فيه كلُّ سكانِ العاصمةِ لتصوُّر مستقبلِ أحيائهم، مع أخذ الأطفالِ والشبابِ والمُسنِّين في الاعتبار، كما التطوُّر التقني. في نقطةٍ بمتنزَّه زاريادي في موسكو، يمكن رؤيةُ قببِ الساحةِ الحمراء إلى اليمين، ومبانٍ ذات هندسةٍ حديثةٍ إلى اليسار، فيما المتنزُّه الواقع في الوسط، يمثِّل المعاصرةَ، والتطلُّعَ إلى المستقبل من خلال مرافقه عاليةِ التقنيَّة. تعبِّر هذه الرؤيةُ عن جوهرِ موسكو التي سمحت زيارتها بدعوةٍ من لجنةِ السياحةِ في العاصمةِ بمعاينةِ مدينةٍ كبيرةٍ، وجميلةٍ، تمتلك الكثير لتقدِّمه لزائريها، وترحِّب بالوافدين من دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجي.

الكرملين أقدم جزء من موسكو

كاتدرائية القديس باسيل في الساحة الحمراء، بموسكو

تُظهِرُ كثرةُ الطوابيرِ على بابِ الكرملين، وفي محيطه تعطُّش السائحين والمحليين لزيارةِ العنوانِ المذكور ذي الشهرةِ العالميَّة. هناك، يجذبُ خليطُ البشرِ المندهشين من جمالياتِ العمارة، وقصصِ التاريخ. يمثِّل الكرملين أقدمَ جزءٍ من موسكو، وهو المجمَّع السياسي والديني والتاريخي الرئيسُ للعاصمةِ الروسيَّة. أثناء الجولة، تتعدَّد المحطَّات، منها:
• جرسُ القيصر، ويرجع تاريخه إلى ثلاثينياتِ القرنِ الـ 18، في عهدِ الإمبراطورةِ آنا يوانوفنا. الجرسُ هو الأكبرُ في العالم، إذ يزنُ أكثر من 200 طنٍّ، مع ارتفاعٍ بـ 6.14 مترٍ.
• مدفعُ القيصر، وهو الأكثرُ قِدماً وكبراً في العالم، وصُنِعَ عام 1586 في موسكو.
• صندوقُ الألماس، متحفٌ، يُطلِع زائره على روائعِ فنِّ المجوهراتِ القديم، وأحجارٍ كريمةٍ نادرةٍ.
• مستودعُ الأسلحة، مع أكثر من أربعةِ آلافِ قطعةٍ، تمثِّل هدايا، تلقَّتها الدولةُ الروسيَّة في عهودٍ مختلفةٍ، وشعاراتٍ قديمةً خاصَّةً بالدولة، وملابسَ ملكيَّةً احتفاليَّةً، وفساتينَ التتويج، وأكبر مجموعةٍ من الأواني الذهبيَّة والفضيَّة، صنعها حِرفيون روسٌ، إلى جانب أسلحةٍ، ودروعٍ احتفاليَّةٍ، وعرباتٍ.

لمتابعة التقرير على نسخة سيدتي المطبوعة، اضغط(ي) هنا

الساحة الحمراء رمز موسكو

الساحةُ الحمراء رمزُ موسكو، ومدرجةٌ على قائمة «يونسكو» للتراث العالمي. تمتدُّ على نحو 23 ألف مترٍ مربَّعٍ، وتضمُّ روائعَ هندسيَّةً عدة، إضافةً إلى الكرملين، وصروحاً دينيَّةً، مثل:
• كاتدرائيَّة القديس باسيل، مع تاريخٍ، يرجع إلى عامَي 1555 و1561.
• مركزُ GUM للتسوُّق، وبُني عام 1893، علماً أنه استوحي من البازاراتِ المغطاةِ في البلادِ العربيَّة.
• ضريح لينين.

قد يهمك الاطلاع على مقابلة مع نائب رئيس لجنة السياحة في مدينة موسكو بولات نورموخانوف

معرض تريتياكوف الحكومي محطة لهواة فن التشكيل

يُعدُّ معرضُ تريتياكوف الحكومي أحد أكبرِ المتاحف في العالم مع أكثر من 100 ألفِ عملٍ. تأسَّس عامَ 1856 على يدِ التاجرِ بافل تريتياكوف، ويستقبلُ الزائرَ تمثالٌ للأخيرِ واقفٌ على بابِ المعرض، الذي يشغل مبنى ذا واجهةٍ ملوَّنةٍ. كان تريتياكوف يقتني أعمالاً لفنَّانين روسٍ، آملاً في إنشاءِ متحفٍ عامٍّ للفنِّ الوطني. وفي عامِ 1892، منح تريتياكوف مجموعته الشهيرةَ إلى مدينةِ موسكو، علماً أن منح الفنِّ لجهاتٍ، تجعله متاحاً للعامَّة، وليس خزينَ مجموعةٍ شخصيَّةٍ مقفلةٍ، يعدُّ من أنبلِ الأفعال.

زاريادي متنزه ينظر إلى المستقبل

زاريادي Zaryadye، مركزٌ ثقافي وتعليمي، ومساحةٌ عامَّةٌ مبتكرةٌ بالقرب من الساحةِ الحمراء. تتعدَّد في المكانِ المُصمَّم بصورةٍ معاصرةٍ ولافتةٍ مناطقُ الجذب، لا سيما ذات التقنية العالية. هو حديثٌ نسبياً، إذ يرجع تاريخه إلى الفترةِ بين 2014 و2017، ويسمح بالاستراحةِ، والنظرِ إلى المستقبل.

بيت الثقافة مساحة تجمع الناس

كان افتتاحُ GES-2، أو «بيتُ الثقافة» في ديسمبر 2021 حدثاً بارزاً، فالعنوانُ ارتفعَ مكانَ محطةٍ للطاقةِ البلدية، كانت تزوِّد الترام، والكرملين، ووسطَ المدينةِ بالكهرباء. يعود مشروعُ إعادةِ الإعمار إلى المهندسِ المعماري العالمي الشهير رينزو بيانو، ويدعو المبنى إلى تأمُّل بساطته الجميلة، ويجذبُ بكثرةِ قاعاته، وسينما، ومكتبةٍ، واستديوهاتٍ، ومساكنَ للفنانين، ومناطقِ لعبٍ وإبداعٍ للأطفال، ومطعمٍ ومقاه، وبستانٍ خاصٍّ به، ومنصَّةٍ تطلُّ على نهر موسكفا، ويشير تعدُّد ورشِ العملِ في المكان، والمعارضِ المؤقَّتة إلى مدى اهتمامِ المحليين بالثقافة والفنون.

أرض المعارض VDNKh

البناء الخارجي لجناح كوزموس، في أرض المعارض VDNKH

هو أكبرُ معرضٍ ومتحفٍ ومجمَّعٍ ترفيهي في العالم، وافتُتح 1 أغسطس 1939. في هذا الإطار، كانت زيارةُ الجناحِ 43 ممتعةً، فالأخيرُ يُعرِّف زائريه على تاريخِ تربيةِ الخيولِ في روسيا، وتقاليدها، كما يعلِّمُ ركوبَ الخيلِ في نادي الفروسيَّة الكائنِ على أراضي الجناح. كان لافتاً من بين مجموعةِ الخيولِ التي عرَّفت المرشدة بها وبأطباعها واحدٌ من سلالةٍ عربيَّةٍ أصيلةٍ، يدعى إكلير. الزيارة مُناسبةٍ للأطفال، خاصَّةً أولئك الذين يرغبون في احترافِ الفروسيَّة.
وإضافةً إلى الجناحِ 43، لم يخلُ المرورُ بجناحِ كوزموس (الفضاء) من الإثارةِ حيث يرى الزائرُ على مساحةٍ تزيدُ عن 15 ألف مترٍ مربَّعٍ نحو 1.5 ألف معروضٍ، مع نموذجٍ كاملِ الحجم لمجمَّع مير المداري، أوَّلُ محطة فضاء دولية في العالم. على أحدِ الجدران صورُ الروس الذين شاركوا في بعثاتِ اكتشافِ الفضاء، أوَّلهم يوري غاغارين، ومن بينهم سبعُ نساءٍ، في مقدَّمتهن رائدةُ الفضاء الروسيَّة فالنتينا تيريشكوفا. الزيارةُ تحفِّز الأطفال والطفلات على الحلمِ برحلةٍ إلى الفضاء.
في متحفِ السينما، ضمن VDNKh أيضاً، معروضاتٌ عبارةٌ عن كاميراتِ تصويرٍ ومحاكاةٍ لأماكنِ تصويرٍ من أفلامٍ مهمَّةٍ في إطارِ الفنِّ السابعِ الروسي، وأزياءٌ، وصورٌ فوتوجرافيَّةٌ، وإعلاناتٌ، وملصقاتٌ، وكتبٌ نادرةٌ، ومقتنياتٌ شخصيَّةٌ لأبرز صانعي الأفلامِ الروس منذ أواخر القرنِ الـ 19. قدَّمت المعلومات عن الجناحِ فيرا روميانتسيفا كليمن بحبٍّ، علماً أن والدها كان مونتيراً، وكان المخرجون الروس من المعلمين من أصدقائه. وهي تحافظُ على الإرثِ بدعمٍ من الدولةِ الروسيَّة.

مترو موسكو

كان مترو موسكو أوَّلَ مترو يُبنى في روسيا عامَ 1931، مع افتتاحِ الخطِّ الأوَّلِ بعد أربعةِ أعوامٍ، والاحتفالِ بذلك بوصفه إنجازاً ضخماً للاتحاد السوفييتي. مترو موسكو واحدٌ من أطولِ محطاتِ الأنفاقِ في العالم، ويشتهرُ بالتصميمِ الداخلي الفخم لبعض المحطات.

إقامة فخمة في فندق كارلتون موسكو

البناء الخارجي لفندق كارلتون موسكو

يَعِدُ فندقُ كارلتون موسكو الفاخرُ، الواقع في الساحةِ الحمراء، ضيوفه بإقامةٍ مرفَّهةٍ، مع مراعاةِ طلباتِ السائحين العرب. عرفَ الفندقُ تحديثاتٍ مع إعادةِ تصميمِ الغرف التي تحتفي بأرقى التصاميم، والحِرفيَّة الروسيَّة. في المكان، تتعدَّد المرافقُ من مطاعمَ، وصالاتٍ، وسبا، ومسبحٍ مُرصَّعٍ بكريستال سواروفسكي، ومعرضٍ فنِّي. إضافةً إلى غرفٍ ذات مساحاتٍ مختلفةٍ، وديكوراتٍ جميلةٍ، يلفت الجناحُ الرئاسي الذي يتمركزُ في الطبقةِ العاشرةِ بمساحةِ 303 أمتارٍ مربَّعةٍ، مع شرفةٍ واسعةٍ ذات إطلالةٍ على شارع تفيرسكايا.

مذاقات من موسكو

في موسكو، تتوافرُ مطاعمُ، تقدِّمُ الأكلَ الحلال، وأخرى مُكرَّمةٌ بنجومِ ميشلان، ومجموعةٌ تقدِّم أطباقاً عالميَّةً دون الإغفالِ عن المطاعمِ ذات المذاقاتِ الروسيَّة التقليديَّة والمُحدَّثة.