قُل أي نوعٍ من الموسيقى تحبُّ، أقولُ لك مَن أنت، فالموسيقى لا تُحدِّد هويَّتنا الجينيَّة فقط، بل وتنظِّم أيضاً أسلوبَ حياتنا ونمط لباسنا. الموسيقى ترجمةٌ للأحاسيسِ التي تنعكسُ على الهندسةِ الداخليَّة، وعالمٌ من الانفعالات، لا يستكينُ في لحنٍ ولا يستقر في زي. والموسيقى والديكور، يُشكِّلان اليوم هذه الثنائيَّة المتشابكة التي تفترضُ فينا البحثَ في تاريخها لنفهم مَن هو صاحبُ التأثيرِ الأكبر بينهما.
إعداد: كارلا باسيل
كيف تنعكس الموسيقى على الديكور؟
تأثير الموسيقى على أجواء المنزل موجود منذ البدءِ مع قرعِ الطبول لدى القبائل، وهو ما ترجمه الإنسانُ القديمُ على جدرانِ الكهوفِ التي سكنها. وقد أثَّرت الموسيقى الريفيَّة في الديكورِ المنزلي المستوحى من الطبيعة، والذي يعتمده سكانُ القرى والبلدات، وأتت الأناشيدُ الدينيَّة لاحقاً لتترك أثراً عميقاً في العمارةِ الإسلاميَّة، والأثاثِ، واللوحاتِ المستوحاة من الخطِّ العربي. ويمكنُ القولُ إن الموسيقى، هي هندسةُ اللحنِ في فاصلٍ زمني، تشترك فيه الحواسُ الخمس، وكلَّما تطوَّرت المدنيَّة، وتعقَّدت وسائلُ التواصلِ بين الشعوب، تداخلت أساليبُ الهندسةِ الداخليَّة ببعضها.
ما علاقة الجاز بهندسة المنزل الداخلي؟
يهوى عاشقو موسيقى الجازِ الألوانَ القويَّة، والقصَّات، والرسومِ الهندسيَّة المفعمةِ بالتفاصيل، لذا فطابعُ الـ «أرت ديكو»، ينسجمُ مع ذوقهم العام. وهو فنٌّ عرفناه في فرنسا، خلال ثلاثينيَّات القرن الماضي، وقد تجلَّى تأثيره في الفنِّ، والهندسةِ، والأثاثِ، والطرازِ المعماري. ومن أبرزِ الأفلامِ السينمائيَّة التي تجسِّد هذا الفنَّ، نذكرُ فيلم The Great Gatsby للنجمِ ليوناردو دي كابريو، وفيلم All That Jazz، من بطولة روب شايدر وجيسكا لانج. وفي هندسةِ المنازل العصريَّة، تدمجُ قطعُ فنتدج مع أثاثٍ من القرونِ الوسطى في غرفةٍ واحدةٍ، مع الاستعانةِ بطبعاتِ الحيوانات البريَّة، وبرسومٍ هندسيَّةٍ. ولتحقيقِ طابعِ الـ «أرت ديكو» في المنزِل:
- - ابتاعي أثاثاً من الخشبِ الفاخر مثل الأبنوس أو أثاثاً منفّذاً من الصلبِ المصقول، والكروم، وأرضيَّةً من المرمرِ، أو الرخام.
- - اختاري قطع أثاث بألوانٍ الأبيضِ، والأسودِ، والذهبي، والفضي.
وماذا عن هواة الموسيقى الكلاسيكية؟
من صفاتِ هواةِ الموسيقى الكلاسيكيَّة البحثُ عن قطعٍ خالدةٍ، وعابرةٍ للزمن، وبعيدةٍ عن صيحاتِ الموضة، لذا يُشكِّل الطابعُ النيو كلاسيكي في الديكورِ مرادهم، لكنْ ما هو الديكورُ النيو كلاسيكي؟ هو طابعٌ، عرفناه منذ القرنِ الـ 18، ويرتكزُ على التجانسِ، والأناقة، ومن أبرزِ عناصره:
- الخطوطُ المستقيمةُ المتجانسة مع طغيانِ ألوانِ الباستيل الحياديَّة.
- مجسَّماتٌ كلاسيكيَّةٌ مثل منحوتاتٍ رومانيَّةٍ، وأشكالِ زينةٍ، تجسِّد الطبيعة وتموُّجاتها.
- استخدامُ موادَّ راقيةٍ مثل الرخامِ، والنحاسِ، والحرير في الستائرِ، وفي تنجيدِ الكنبات والمقاعد.
- تطعيمُ الديكورِ بقطعِ أثاثٍ أيقونيَّةٍ مثل كرسي مستطيلٍ، أو صوفا تجسِّد منحوتةً، أو طاولاتٍ خشبيَّةٍ.
- إكسسواراتٌ ذهبيَّةٌ مثل مرآةٍ للزينة، وشمعداناتٌ، ولوحاتٌ زيتيَّةٌ.
يمكنكِ الحصولُ على ديكورٍ منزلي بالطابعِ النيو كلاسيكي عبر إدخالِ قطعٍ كلاسيكيَّة ذات انحناءاتٍ مثل الكنبةِ المزوَّدة بذراعين، ويعدُّ الخشبُ تفصيلاً أساسياً في المنازلِ المنفَّذة بهذا الطابع. كذلك التجانسُ شرطٌ أساسٌ للنيو كلاسيكي مثل الكنباتِ المريحة، والمدفأةِ الحجريَّة التي تضفي هدوءاً على الغرفة. أمَّا بالنسبةِ للجدران، فيحب أن تكون عاليةً، وأن تزدان بجدارياتٍ لخلقِ طابعٍ فنِّي أيقوني، واحرصي على أن يكون الطلاءُ بالأبيضِ، أو الكريمي العاجي. ويمكنكِ في المنازلِ العصريَّة إضفاءُ الطابعِ النيو كلاسيكي عبر مزجِ قطعِ ريترو مع أخرى عصريَّةٍ مثل وضعِ صوفا عصريَّةِ التصميم إلى جانبِ منحوتةٍ رومانيَّةٍ من الخشبِ، أو الرخام. يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
ما الديكور المفضل لعاشقي البوب؟
ومن الستينيَّات إلى الثمانينيَّات، اتَّسمت التصاميمُ المنزليَّة بطابعٍ مستقبلي مع الأحداثِ المتعلِّقة بغزو الفضاءِ في تلك الفترة، فطغت
ألوانُ البرتقالي، والأصفر، والأخضر، والأبيض على الديكورِ المنزلي، واستعان مهندسو الديكورِ بالطاولةِ التي توسَّطت المطبخ للمرَّة الأولى. أيضاً تمَّ إضافةُ أغطيةٍ ملوَّنةٍ إلى ديكورِ غرف الجلوسِ والنوم، وكنباتٍ ملوَّنةٍ، وطاولاتٍ زجاجيَّةٍ، وكثيرٍ من النباتات. ومن أبرزِ المهندسين في تلك الفترة جرانت فيذرستون Grant Featherstone الذي صمَّم إكسسواراتٍ منزليَّةً، ومرايا من خشبِ Plywood مستوحاةٍ من قوامِ المرأة.
يفتِّشُ عاشقو موسيقى البوب عن منزلٍ، يُعبِّر عن هويَّتهم، لذا يعدُّ فنُّ البوب آرت استجابةً لما يطلبونه في عالمِ الديكورِ المنزلي، فهذا الفنُّ مغمورٌ بالحياةِ، والمرحِ، والألوانِ القويَّة، والطبعاتِ المميَّزة، وقد بدأ يغزو المنازلَ في الخمسينيَّات بوصفه ردةَ فعلٍ على الديكورِ الكلاسيكي. ويعتمد هذا الفنُّ على كسرِ القيود في المجتمع، كما أنه مرادفٌ للجرأةِ التي تتمثَّل في ألوانٍ كهرمانيَّةٍ مثل الإنديغو، والأصفرِ النيون، والأسودِ الفحمي. وانصهارُ هذه الألوان، يجب أن يتمَّ في لوحةٍ واحدةٍ، أو في قطعةِ أثاثٍ، تكون محورَ الغرفة. وهنا تعدُّ أعمالُ الفنَّان أندي وارهول، ومنها لوحةُ مارلين مونور الشهيرة التي نفَّذها، أصدقَ مثالٍ على تجسيدِ طابعِ البوب آرت في ذروته. يمكن إضافةُ إكسسواراتٍ إلى المنزلِ لتعزيز هذا الطابعِ الفنِّي المرح مثل لوحاتٍ كرتونيَّةٍ، وكنباتٍ فاقعةِ الألوان، ووساداتٍ، ومفارشَ، تضفي طابعاً مرحاً. كلُّ التفاصيلِ مهمَّةٌ مثل المصابيحِ، والأواني، وأدواتِ المطبخ، واحرصي أيضاً على اختيارِ قطعٍ، تناسبُ ذوقكِ لإضفاءِ لمسةٍ من الخصوصيَّة.
تابعي معنا المزيد عن وبر الإبل.. أكثر من نسيج بل إرادة حياة