مصوّرة الموضة دومينيك إيسرمان

تعدّ المصوّرة الفرنسية دومينيك إيسرمان من الأسماء اللامعة في عالم الموضة والصحافة الفنية. فهي المصوّرة المفضّلة لدى العديد من  النجوم من مختلف الجنسيات، من إيزابيل أدجاني إلى إيزابيلا روسيليني، ومن جيرار دي بارديو إلى لورنس أوليفيه. كما أنها عملت مصوّرةً فنية لحساب أكبر صحف الموضة عبر العالم.

في الحوار التالي، تحدّثنا دومينيك إيسرمان عن تجربة اختيارها مؤخراً لإنجاز حملة الصور الترويجية الجديدة لعطر «شانيل رقم 5".

- ما هي الصورة التي طُلب منك تجسيدها عن دار «شانيل»؟

صورة مبسّطة وواضحة، ذات جمال مغرٍ ومشاكس في الوقت ذاته.

- وماذا عن العطر «شانيل رقم 5»؟

يمكن اختصار الصورة التي جسّدتها عنه بوجه جميل وساحر لإمرأة حرّة ومنطلقة.

- طلب منك إنجاز صورة إشهارية عن هذا العطر تكون مرافقة أو مكمّلة للفيلم المنجز عنه، والذي حمل توقيع السينمائي الكبير جان بيار جونيه. ما هي خصوصية الصورة الإشهارية مقارنة بشريط الفيديو؟

الصورة يجب أن تكون مكمّلة للفيلم، بمعنى أنها يجب أن تشكّل امتداداً له. وهي بذلك تسمح للعطر بأن يرتسم في الأعين والمخيّلات بشكل أقوى، عبر التركيز على صورة واحدة ستبقى ماثلة في الذاكرة من بين 720 صورة هي معدل ما يتضمّنه شريط فيديو من 30 ثانية، مثلاً. لذا، فالصورة الإشهارية يجب ألا تكون مجرد صورة مقتطفة من شريط الفيديو، بل يجب أن تكون صورة فنية تختزل الفيلم وتلخص فكرته وعوالمه الفنية. أنا لم أحاول أن أنجز صورة تشبه مشهداً معيناً في الفيلم، بل سعيت إلى تحقيق صورة تعكس عوالم الشريط، وتستعيد الصورة ذاتها التي يقدمها الشريط عن العطر الذي يروّج له، ولكن في قالب فني مغاير

 

رؤية خاصة:

- هل شاهدت الشريط قبل إنجاز صورك؟ وإلى أي مدى تأثرتِ بالرؤية الإخراجية للسينمائي جان بيار جونيه، وخاصة أنه هو الذي صنع شهرة أودري توتو من خلال الفيلم العالمي «عالم إيملي بولان السحري»؟

لم أشاهد الشريط مسبقاً، لكنني اطلعت على السيناريو الذي أنجزه جان بيار جونيه، ودرسته بعمق، لأستوحي منه العوالم الفنية التي تصوّرها للعطر، وبالتالي تجسيدها في صوري، ولكن في قالب مغاير. ولقد زرت فريق جان بيار جونيه، أثناء التصوير، للإطلاع على الديكور، لأنني أنجزت صوري في الديكور نفسه. لكن ذلك تم بعد فترة من انتهاء جونيه من تصوير شريطه. لذا، لا يمكن القول إننا عملنا معاً بشكل مباشر، لكنني كنت سعيدة جداً بهذا التعاون الفني، ولو أنه تمّ عن بعد.... 

- كيف تمّ اختيارك لإنجاز هذه الحملة من الصور الدعائية لعطر «شانيل رقم 5»؟

أعتقد أن ذلك كان بمثابة ثقة كبيرة أنا فخورة بها. ولا شك أن الدافع هو إعجاب دار «شانيل» بصور إشهارية أخرى سبق أن أنجزتها في مجال الموضة.

- هل قدّمت لك دار «شانيل» مطالب أو تصوّرات معيّنة لهذه الحملة؟

لم تكن هنالك مطالب محدّدة. لكن الآمال التي وضعتها الدار في هذه الحملة كانت كبيرة جداً. لقد شكّل اختيار أودري توتو سفيرةً لهذا العطر تحدياً كبيراً. فبعد الاستعانة بنجمات أمريكيات يعشن في «برج عاجي»، تأتي أودري توتو لتجسد صورة «الخطيبة الأوروبية» ذات النجومية المغايرة المستندة إلى مواصفات جمالية وخفة روح تتطلب منها الاختلاط بالناس العاديين. لذا، قمنا بتصويرها في الباخرة، وفي قطار الشرق السريع، ووسط الناس البسطاء في سوق البهارات الهندية. وهي بذلك تجسد مواصفات جمالية مختلفة لدى النساء اللواتي يضعن عطر «شانيل رقم 5»، وخاصة من فئة الشباب. فهو جمال حميمي، قريب من الناس، يشعر من يراه بأنه في متناول اليد، لكنه أشبه بالسهل الممتنع

 

جمال عفوي:

- ما هي الصورة التي حاولتِ رسمها لهذا الجمال الأوروبي في الحملة الإشهارية التي أشرفت عليها؟

حاولت أن أبرز الجمال العفوي والطبيعي لوجه أودري توتو، وأن أسلط الضوء على مواصفات الأنوثة الرقيقة التي تتمتع بها. فهي امرأة ذات جمال طاغ، لكنه خال تماماً من «الغلامور» الصارخ أو المفتعل...

- هل سبق لك أن صورتِ أودري توتو من قبل؟

نعم، سبق أن صورتها لإنجاز غلاف خاص لمجلة Elle. ولاحظت آنذاك أنها تتمتع بمواصفات جمال ساحرة وبسيطة في الآن ذاته، مما يذكّرنا بنجمة الخمسينات أودري هيبورن... 

- ما أهمية الذاكرة الشمّية بالنسبة إليك كمصوّرة في مجال الموضة والعطور؟

ككل الناس، تحتل الذاكرة الشمّية مكانة هامة في دفتر ذكرياتي. فالروائح العطرية تجعلنا نستعيد العوالم السحرية المرتبطة بذكرى أو عاطفة معينة، رغم مرور فترة طويلة عليها. حين أتذكّر، مثلاً، أول جولة قمتُ بها على متن دراجة نارية، وأنا في سن السابعة، فإن أول ما يتبادر إلى ذهني هو نسمات الرياح الصيفية التي كانت تداعب شعري ووجهي، وعبقها المميز الممزوج بروائح التبن بعد الحصاد ورطوبة الغروب في الأمسيات الصيفية. وما أزال إلى اليوم، حين أستعيد تلك الرائحة، أشعر بسعادة غامرة تعيدني إلى عوالم الطفولة البعيدة... 

- ما هي علاقتك شخصياً مع العطر على صعيد الحياة اليومية؟

أنا لا أستعمل العطر بشكل يومي، بل أفضل الكولونيا. بالنسبة إليّ، لا ينبغي استعمال العطر في النهار، بل يجب أن يكون من خصوصيات السهرة. ولا شك أن ذلك من تأثيرات فترة طفولتي، حيث كنت أرتاد المسرح مع والديّ، وكانت تسحرني عطور النساء، خلال تحركاتهن داخل المسرح، قبل العروض أو في فترات الاستراحة...