في الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، والتي انتهت مؤخراً، شاهدت أكبر تجمع للأفلام السعودية الطويلة والقصيرة، فيما أعتقد أنه كان اختباراً أخيراً لقدرة المخرجين السعوديين الشباب على الخروج من عباءتين كان لا بد من التخلص منهما، العباءة الأولى هي «اليوتيوب»، والعباءة الثانية هي «سينما الأجانب”. لم أستطع طبعاً أن أشاهد جميع الأفلام، لكنني حاولت مشاهدة أكبر عدد منها، وبالتحديد تلك التي جاءت بعد الكثير من التمهيد والوعود، أفلام طال انتظارها من قبل الجميع، القليل منها فقط نجح في الاختبار الذي أعتقد أنه الأخير، وعندما أقول الأخير فأنا لا أقصد أن مخرجي هذه الأفلام لن يُسمح لهم بصناعة أفلام أخرى، بل أعني أن أفلامهم لن تُستقبل بالقدر نفسه من الحفاوة والحماسة، خاصة من قبل المهرجانات السينمائية، بعد الآن. الأفلام التي نجحت في الفوز بأكبر قدر من الرضا النقدي والجماهيري استطاعت أن تقدم صورة سينمائية جيدة، وأداءات تمثيلية ممتازة، والأهم من كل ذلك (الهوية) التي يبحث عنها الجمهور من دون أن يشعر بها بشكل مباشر، حيث تفوق في هذه المنطقة بالذات فيلما (هجان) و(مندوب الليل) مع اختلاف تفاصيل وأحداث وزمن الفيلمين تماماً. في حين تفوق عدد من الأفلام من ناحية الصورة، والألوان، والمونتاج، لكن الكتابة أضعفتها، التي غالباً ما كانت «غير ممتلئة»، كما حدث مع فيلم «نورة» حيث كانت الصورة والأداءات التمثيلية والزوايا التصويرية مميزة جداً بينما كان السيناريو مليئاً بالفراغات، إذ كانت الأحداث قليلة تتحرك بين عدد محدود جداً من الشخصيات. أفلام أخرى فعلت العكس تماماً، نجحت في اختيار الفكرة، وقدمت أوجه جديدة واعدة، لكن أضعفتها كثرة الأحداث التي كان من الممكن الاستغناء عن الكثير منها، ومثال على ذلك فيلمي (ناقة) و (أحلام العصر). بينما كانت هناك أفلام سعودية لعب الدور الرئيس فيها أشخاص غير سعوديين ولم يعيشوا في السعودية ولو لمرة، حيث جاءت هذه الأفلام لتثبت للمرة المليون بأن الفيلم لا يحمل جنسية منتجه، بل جنسية صُناعه، ولذلك لم تكن مقنعة أبداً، وهنا أحكي تحديداً عن فيلم «إلى ابني» الذي أخرجه ولعب بطولته ظافر عابدين! وأخيراً.. لا بد أن أتوقف عند فيلم الافتتاح الذي طال انتظاره وهو «حوجن»، والذي كان من المفترض أن يُعرض في بداية عام 2023 إلا أن حظه الجيد قاده ليتم اختياره فيلم افتتاح المهرجان بعد تأجيل عرضه لأكثر من مرة، لأطرح السؤال الأهم: ما العناصر التي كان يتمتع بها الفيلم حتى تم اختياره افتتاحية المهرجان بحضور هذا العدد من نجوم العالم، والذين غادر أكثر من نصفهم القاعة بعد بدء عرضه بقليل؟