أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

سهى الوعل
سهى الوعل
سهى الوعل

حالة قلق كبيرة تسيطر على الأوساط الفنية حول العالم وليس في الوطن العربي فقط، والسبب ظاهرة «الذكاء الاصطناعي»، هذه الأداة التي جاءت بوصفها فكرة مكملة للإبداع لتبدأ بالسيطرة عليه وإقصاء المبدعين.

الخوف من سوء استخدام الذكاء الاصطناعي سببه عدم وجود قانون دولي يضبط استخداماته ويحفظ للمبدعين حقوقهم؛ حيث انتشر استخدامه حول العالم قبل أن توضع أي قوانين أو ضوابط، بينما يتم العمل حالياً ومنذ أشهر طويلة على وضع هذه القوانين التي يصعب الانتهاء منها؛ لأن للذكاء الاصطناعي مخاطر يتم اكتشافها بشكل يومي، وهي مخاطر «فعلاً» وليست ثغرات.

الفضول الكبير بشأن هذه الأداة واستخداماتها ورغبة الكثيرين في تعلم أبجديات العمل عليها هو السبب الحقيقي خلف ما نراه من تجاوزات. حالة حدثت سابقاً عندما اكتشفنا الكثير من التطبيقات والتقنيات التي أسأنا استخدامها في البداية، لكننا استخدمناها بشكل لائق ومفيد لاحقاً، إلا أن الاختلاف في حالة الذكاء الاصطناعي هو أنه قادر حتى على التدخل في هذه الضوابط التي نحاول وضعها وفرض ضوابط أخرى. ببساطة، الذكاء الاصطناعي قادر على أن يقود المشهد وليس نحن، ولذلك الأمر مختلف.

لذلك، ولأننا يجب أن نعترف أحياناً أن الأمر قد يكون خارجاً عن إرادتنا، علينا برأيي أن نواجه ظاهرة الذكاء الاصطناعي بـ «الذكاء الاجتماعي». بمعنى أن نزرع أخلاقيات استخدام هذه الأداة في اللاوعي لدى الجميع، صغاراً وكباراً، من خلال نشر رسائل مباشرة وغير مباشرة على تطبيقاتهم المفضلة، وعبر مشاهيرهم الأكثر تأثيراً، وما يحبونه ويحرصون على متابعته من أعمال فنية، وهي خطة ربما تبدو ساذجة للبعض، لكنني أراها فعالة وممكنة.

محاولة نشر الأخلاقيات الخاصة بالتعاطي مع أي ظاهرة ليس بالأمر السهل؛ لأن التوجيه المباشر لم يعد لغة مستحبة في الحوار، حتى إن كان المتلقي من دائرتنا المقربة جداً، إلا أنه من الممكن أن نزرع هذه الأخلاقيات بطرق كثيرة أخرى، وفور انتشارها بين المستخدمين سننتقل إلى مرحلة ثانية ومختلفة جداً، وهي «إبداعات استخدام الذكاء الاصطناعي»؛ حيث تتراجع المساوئ، وتصبح هناك الكثير من الاكتشافات والحلول والإيجابيات لاستخدام الذكاء الاصطناعي، بعضها سيفوق توقعاتنا وتطلعاتنا أيضاً.

جمعني أخيراً حوار مع بعض الشباب العاملين في الذكاء الاصطناعي، وبالطبع كان تركيزي على الجانب الفني، وكيف من الممكن أن نرتقي به باستخدام هذه الأداة، والحقيقة أن ما عرفته لم يقلقني، بل أسعدني وجعلني أتفاءل جداً؛ لأنني اكتشفت أنه ومع وجود الأخلاقيات التي تحدثنا عنها سابقاً من الممكن أن نسد كل الثغرات التي كلفتنا الكثير سابقاً، ونختصر الكثير من الوقت والجهد، ونقلل الميزانيات أيضاً لنحصل على نتائج أفضل من الحالية، ربما بنسبة 200%، وللعلم هذه ليست مبالغة.