الحبر الأصفر

أحمد العرفج
أحمد العرفج
أحمد العرفج

إظهار الحب تقديراً لتربية الأب

للآبَاء حَقٌّ كَبيرٌ، وللأُمَّهات حَقٌّ أكبر في المَقَام والتَّقدير، والطَّاعة والبِرّ والحُب، وعلى الرَغم من أنَّني وُلدتُ يَتيماً، ولَم أَقُل في حيَاتي يَا "بَابَا" قَط إلَّا أنَّني أعرف أنَّ للأب دَوراً كَبيراً في التَّربية والتَّنشئة، ونَقل القِيَم والأخلَاق الحَميدة إلى ذُريّته.

وأخيراً، وَصلتني قِطْعَةٌ أدبيّةٌ فِيها جودَةٌ في الطَّرح، وعذُوبَةٌ في تَمرير الفِكرة، أعرِضُهَا بَين أيديكم كما هي!

يَقول الشَّاب في قصّته بكُلِّ صرَاحَةٍ:

عِندَما كَان عُمري 4 أعوَامٍ: أبي هو الأفضَل.

وعِندَما كَان عُمري 6 أعوَامٍ: أبي يَعرف كُلّ النَّاس.

وعِندَما كَان عُمري 10 أعوَامٍ: أبي كَان مُمتَازاً ولَكن خُلقه ضيّق.

وعِندَما كَان عُمري 12 عَاماً: أبي كَان لَطيفاً عِندَما كُنتُ صَغيراً.

وعِندَما كَان عُمري 14 عَاماً: أبي بَدأ يَكون حسَّاساً جداً.

وعِندَما كَان عُمري 16 عَاماً: أبي لا يُمكن أن يَتمَاشَى مَع العَصر الجاري.

وعِندَما كَان عُمري 18 عَاماً: أبي ومَع مرُور كُلّ يَومٍ يَبدو كَأنَّه أكثر حدّةً.

وعِندَما كَان عُمري 20 عَاماً: مِن الصَّعب جداً أن أُسَامح أبي، أستَغربُ كَيف استَطاعت أُمِّي أن تَتحمَّله.

وعِندَما كَان عُمري 25 عَاماً: أبي يَعترض عَلى كُلّ مَوضوعٍ.

وعِندَما كَان عُمري 30 عَاماً: مِن الصَّعب جداً أن أتَّفق مَع أبي، هَل يَا تُرى تعب جدِّي مِن أبي عِندَما كَان شَابًّا؟

وعِندَما كَان عُمري 40 عَاماً: أبي ربَّاني في هذه الحيَاة مَع كَثيرٍ مِن الضَّوابط، ولابدَّ أن أفعَل الشّيء نَفسه.

وعِندَما كَان عُمري 45 عَاماً: أنَا محتَارٌ، كَيف استطَاع أبي أنْ يُربينا جميعاً.

وعِندَما كَان عُمري 50 عَاماً: مِن الصَّعب التَّحكُّم في أطفَالي، كَم تَكبَّد أبي مِن عَنَاءٍ لأجل أنْ يُربينا ويُحافظ عَلينا.

وعِندَما كَان عُمري 55 عَاماً: أبي كَان ذَا نَظرةٍ بَعيدةٍ، وخَطَّط لأشيَاءَ عدّة لنَا، أبي كَان مُميَّزاً ولَطيفاً.

وعِندَما كَان عُمري 60 عَاماً: أبي هو الأفضَل.

جَميع مَا سَبَق احتَاج إلَى 56 عَاماً لإنهَاء الدَّورة كَاملةً، ليَعود إلَى نُقطة البدء الأُولَى عِند الـ 4 أعوَامٍ "أبي هو الأفضَل".

فلنُحسن إلَى وَالدينا قَبل فَوات الأوَان، ولنَدعُ الله أنْ يُعاملنا أطفَالنا أفضَل ممَّا كُنَّا نُعامل وَالدينا!

في النهايةِ أقول:

ومَن أصدَق مِن الله قِيلا، قَال تَعَالَى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا".