منذ مايو (أيار) الماضي، دخلت صناعة السينما والدراما في هوليوود، اختباراً قد لا نعرف إجابته الحاسمة، حول حقوق الكتّاب والممثلين والفنيين، بمواجهة مكتسبات شركات الإنتاج، في عصر الذكاء الاصطناعي والبث الرقمي المشفّر. ففي 2 مايو (أيار) الفائت، بدأ فعلياً إضراب نقابة الكتّاب الأميركية (WGA)، ثم انضمت إليها في 14 يوليو (تموز) الفائت نقابة ممثلي هوليوود، التي تضم 160 ألف ممثل، بعد فشل جميع المفاوضات والحلول مع تحالف منتجي هوليوود، وهو ما يعني توقفاً شبه كامل لصناعة السينما والتلفزيون، ليس في أميركا وحسب، ولكن امتد تأثيره إلى العالم كله، وهو ما ظهر فنياً في فعاليات مهرجان فينيسيا بدورته الـ 80، كما تجلت تبعاته على الحركة المتصاعدة للنقابات الفنية في مصر تجاه خطوة اتحاد منتجي الدراما لوضع لائحة جديدة تضمن وضع حد أعلى لرواتب كل عناصر صناعة الدراما في مصر. وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق مع كتاب هوليوود لإنهاء الإضراب، إلا أن لا أحد يملك الإجابة عن التداعيات التي سيعكسها على حركة الإنتاج.. ولكننا في «سيدتي» نحاول رصد إلى أي حد ستؤثر الأزمة في شكل صناعة الترفيه في العالم ومحتواها ومستقبلها.
أعدت الملف وشاركت فيه | كلودين كميد Claudine Kmeid
القاهرة | نهى سيد Noha Sayed – عمرو رضا Amro Rida
الرياض | زكية البلوشي Zakiah Albloushi
كيف انطلق الإضراب؟
في 2 مايو 2023، أضربت نقابة الكتاب الأمريكية (WGA)- التي تمثل 11500 كاتب سيناريو- للمرة الأولى منذ 15 عاماً، وذلك بعد أن صوت مجلس إدارة WGA West ومجلس WGA East بالإجماع للدعوة إلى إضراب، وفقاً لبيان وسائل التواصل الاجتماعي الصادر عن WGA West. ويرجع الإضراب بسبب نزاع مالي مستمر مع تحالف منتجي الصور المتحركة والتلفزيون (AMPTP)؛ حيث يواجه الكتّاب من خلال إضرابهم الهجوم الأكثر شمولاً على التعويضات وظروف العمل التي شهدوها منذ 15 عاماً. تمحورت القضايا الرئيسة في المحادثات حول كيفية تقاضي الكتّاب رواتبهم نظير العروض التي غالباً ما تظل على منصات البث لسنوات، إضافة إلى التأثير المستقبلي للذكاء الاصطناعي في عملية الكتابة. وفي ما يتعلق بموضوع الذكاء الاصطناعي، اقترحت النقابة أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه كتابة أو إعادة كتابة مادة أدبية، ولا يمكن استخدامه بوصفه مصدراً. من جانبه، رفض AMPTP الاقتراح، وعرض مراجعة التطورات التكنولوجية كل عام. استفادت الأستوديوهات من الانتقال إلى البث المباشر لتدفع رواتب منخفضة للعاملين في صناعة الترفيه، بمن في ذلك الكتّاب في كل مجال من مجالات العمل. ومع نمو أرباح الشركات، لا يتمكن الكتّاب من مواكبة ذلك. وأكدت WGA West أن الإضراب يأتي بعد ستة أسابيع من المفاوضات مع مجموعة من شركات الإنتاج والمنصات والشبكات.
لماذا يُضرب الكتّاب؟
كل ثلاث سنوات، يمثُل الفرعان الشرقي والغربي لنقابة الكتّاب الأميركية (WGA West ومجلس WGA East) 11500 كاتب في التلفزيون والسينما للتفاوض على عقد جديد مع أستوديوهات هوليوود الكبرى. وكان من المتوقع منذ فترة طويلة أن تكون المفاوضات هذه المرة محفوفة بالمخاطر. نما الإنتاج التلفزيوني بسرعة خلال العقد الماضي؛ حيث استثمرت شركات الإعلام المليارات في خدمات البث المباشر. لكن الكتَّاب قالوا إن تعويضاتهم ظلت راكدة.وقال بيان صادر عن قيادة النقابة: «على الرغم من أننا تفاوضنا بنية التوصل إلى صفقة عادلة، فإن ردود الأستوديوهات على مقترحاتنا كانت غير كافية على الإطلاق؛ نظراً إلى الأزمة الوجودية التي يواجهها الكتاب».
كيف سيؤثر إضراب الكتّاب في الأفلام؟
على الرغم من أن معظم الأفلام المقرر إصدارها هذا العام تمّ بالفعل تصويرها، فإن إنتاج أفلام جديدة سيستغرق وقتاً طويلاً حتى يتأثر خط إنتاج الأفلام؛ نظراً إلى طول أوقات الإنتاج؛ حيث تعمل أستوديوهات الأفلام قبل عام تقريباً. قد تؤدي هذه الخطوة إلى وقف فوري لإنتاج العديد من البرامج التلفزيونية، وربما تؤخّر بدء مواسم جديدة لبرامج أخرى إلى وقت لاحق.
هل الكتّاب متحدون؟
نعم، كانت هناك توترات استمرت لعقود من الزمن بين الكتّاب والأستوديوهات؛ حيث شعر الكتّاب في كثير من الأحيان وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، خاصة عند مقارنتهم بالممثلين والمخرجين. وفي منتصف أبريل الفائت، وافق أكثر من 9,000 كاتب على الإضراب بنسبة 98% من الأصوات. لقد انسحب كتّاب السيناريو مرات عدة، وكان لديهم القدرة على تحمل إضرابات طويلة في الماضي. واستمر إضراب عام 2007 مدة 100 يوم. أما أطول إضراب فكان في عام 1988، واستمر لمدة 153 يوماً.
ما رأيك بالقراءة عن هوليوود تستعيد عافيتها بعد انتهاء إضراب الكتَّاب.. وهذه أبرز شروط الاتفاق
ماذا تقول الأستوديوهات؟
تقول الأستوديوهات إن هذا ليس الوقت المناسب لإحداث تغيير كبير في كيفية دفع أجور الكتّاب. إن سوق الإعلانات قاتمة، كما أن شبكات الكابل والبث، التي كانت مربحة للغاية لعقود من الزمن، بدأت تنزف المشاهدين.
أعربت نقابة ممثلي الشاشات SAG-AFTRA التي تمثّل نحو 160 ألف ممثل سينمائي وتلفزيوني وصحافي وشخصيات إذاعية، ونقابة المخرجين الأميركيين DGA، عن تضامنها مع الكتّاب البارزين. وقد أعلنت نقابة ممثلي هوليوود بدء إضراب، وهو أكبر إجراء من نوعه تشهده هوليوود منذ 40 عاماً. وتريد النقابة أن يوافق عمالقة خدمات المشاهدة المباشرة على تقسيم أكثر إنصافاً للأرباح وظروف عمل أفضل. وتطالب النقابة أيضاً بضمان عدم استخدام الذكاء الاصطناعي والوجوه والأصوات التي يتم إنشاؤها بوساطة الكمبيوتر لتحل محل الممثلين. ووفقاً لأمر الإضراب المنشور على الإنترنت من قبل النقابة، ينطبق الإجراء على العاملين في التمثيل أو الغناء أو الرقص، إضافة إلى فناني الأداء والمشتركين في أعمال تحريك الدمى. ويعني الإضراب أن الغالبية العظمى من الإنتاج السينمائي والتلفزيوني الأميركي سيضطر إلى التوقف. وبالنسبة إلى الأفلام التي يتم إنتاجها بالفعل، فإن التوقف يعني أن جزءاً كبيراً من العمل سيتوقف أيضاً. حتى إن كان التصوير قد اكتمل بالفعل، فإن عناصر صناعة الفيلم الأخرى ستتوقف. وينطبق الحال أيضاً على المسلسلات التلفزيونية.
إضراب هوليوود والمهرجانات العالمية
لن يتمكن كبار نجوم هوليوود من حضور الاحتفالات الترويجية للأفلام الجديدة والقادمة. وقد يتم إعادة جدولة أو تقليص حفلات الجوائز.
فقد أجبر إضراب ممثلي وكتّاب هوليوود، إدارة الأكاديمية الدولية للفنون والعلوم التلفزيونية، على تأجيل حفل توزيع جوائز الإيمي، من 18 سبتمبر (أيلول) الماضي إلى تاريخ 15 يناير (كانون الثاني) 2024. أما بالنسبة إلى المهرجانات العالمية، فستستمر الأحداث الدولية، لكن لن يتمكن ممثلو هوليوود من الحضور كما يفعلون كل عام. أما مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الذي انطلقت فعالياته في 30 أغسطس (آب) الفائت، وانتهت يوم 9 سبتمبر (أيلول) الفائت، فقد افتقد بصمة نجوم ومشاهير العالم، مثل: جوليان مور، وليوناردو دي كابريو، وكيت وينسلت والعديد. بدلاً من ذلك، طغت عروض السجادة الحمراء والعروض الأولى للأفلام المشاركة من قبل نجوم آخرين من إيطاليا وفرنسا، هذا إضافة إلى عارضات الأزياء اللواتي استطعن جذب الأنظار إليهن لسد فجوة غياب نجوم هوليوود.
يمكنك أيضاً الاطلاع على جيسيكا تشاستين تدعم إضراب ممثلي هوليوود SAG في مهرجان فينيسيا السينمائي
تابعوا تفاصيل الملف المنشور في عدد أكتوبر سيدتي ترصد تأثير إضراب هوليوود عالميًا وعربيًا