توقف الناقد الفني محمود عبد الشكور للمرة الثانية أمام مسلسل "إمبراطورية ميم"، ولكنه هذه المرة حرص على الحديث عن بطل العمل خالد النبوي الذي يجسد شخصية مختار أبو المجد، وأشار الناقد إلى أن العمل يقدم الأب المثالي ضمن موسم المسلسلات المصرية لرمضان 2024.
وقال الناقد الفني محمود عبد الشكور عبر حسابه على موقع الفيس بوك: لعل شخصية مختار أبو المجد التي لعبها بحضور باذخ وبراعة مدهشة خالد النبوي في مسلسل "إمبراطورية م" من أفضل شخصيات الآباء الدرامية بكل تناقضاتها، سواء بالمحبة والعاطفة، وبالإنفتاح والحوار، أو سواء بفرض الرأي والتزمت، وباستخدام السلطة الأبوية بطريقة ناعمة أو خشنة لتنفيذ رأيه، أو بهذا المزيج بين الجدية والكوميديا الخفيفة.
تابعي المزيد: المسلسلات الأكثر مشاهدة بعد أول حلقتين في رمضان 2024
خالد النبوي قدم تناقضات شخصية الأب برهافة وذكاء
وتابع: كل تلك التناقضات والتفاصيل كتبها محمد سليمان عبد المالك، ونقلها خالد النبوي برهافة وذكاء، وبانتقالات صعبة داخل المشهد الواحد أحيانا، من الجدية الى الكوميديا، ومن الهدوء الى الإنفعال والصخب، ومن إثارة الإستفزاز الى إثارة التعاطف، مشخصاتي ممتع الأداء، ولاشك أن دور المخرج محمد سلامة محوري في تقديم خالد للدور بهذه الصورة الممتازة.
وأصعب ما فعله صناع مسلسل "إمبراطورية م" أنهم نجحوا في جعل المشاهد يبتعد عن المقارنة مع الفيلم العظيم، وأن يركّز تماما مع الشخصيات الجديدة، دون تجاهل مناقشة نفس الأسئلة والأفكار التي طرحها فيلم إحسان وفاتن وحسين كمال.
وسب أن توقف الناقد الفني محمود عبد الشكور أمام تجربة إعادة تقديم قصة "إمبراطورية م"، في نسختها التليفزيونية 2024، بكتابة محمد سليمان عبد المالك، وإخراج محمد سلامة، ووصفها بالمعالجة الناضجة والذكية للأصل.
وتابع قائلا: فيها لمسة الواقع المعاصر، دون إغفال للأفكار التي شغلت إحسان عبد القدوس في قصته، ودون إفلات مغزى الحكاية ومعناها، ودون التنازل عن بصمة خاصة، لا تنافس الفيلم الشهير لفاتن حمامة، ولكنها تنسج على نفس النول، وتقدم تنويعات على نفس اللحن والمقام.
أعاد عبد المالك البطولة الى الرجل كما في قصة إحسان، وكانت المعالجة السينمائية قد جعلت البطولة للأم، لكي تكون القصة مناسبة لفاتن العظيمة، العائدة بعد غياب طويل عن السينما، والحقيقة أن وفاة الأم، ومأزق الرجل في إدارة الأسرة/ الإمبراطورية، أقرب الى مغزى الحكاية الرمزي، لأن هناك المستوى الإجتماعي الواضح، سواء فيما يتعلق بالعلاقات بين الأب وأولاده، ومشاكل التربية، وصراع الأجيال، ومشكلات كل سن، من الطفولة والمراهقة الى الشباب.
القصة الأصلية تدافع عن الحب والحرية
وواصل قائلا: ولكن هناك المستوى الأعمق والأهم، وهو تحليل طبيعة "السلطة الأبوية" داخل الخلية الأصغر في المجتمع وهي الأسرة، هل هي سلطة مطلقة أم أنها يجب أن تحلّق بجناحي "الحب" و"الحرية" معا، وهما أبرز فكرتين يدافع عنهما إحسان عموما في رواياته.
وتابع: ينتصر إحسان لفكرة إعادة تأسيس العلاقة، حتى لو كانت أبوية وحميمة، على الحوار والنقاش والحرية، الحب وحده لا يكفي، وعقدة القصة كلها محورها هذا التمرد والاحتجاج على "السلطة الأبوية" بطابعها التقليدي الموروث، بل والدعوة الى انتخابات لاختيار مركز السلطة داخل الأسرة، ربما لأول وآخر مرة في التاريخ، وهي فكرة رمزية مدهشة وخطيرة، لأنها ببساطة دعوة لتحويل الأسرة المصرية من "إمبراطورية" الى "جمهورية"، وهي فكرة يمكن أن ينتقل مغزاها بسهولة الى كل المستويات، ولا ننسى أن اسم "مصر" يبدأ أيضا بحرف "الميم"، وليس أسماء أفراد أسرة القصة والفيلم والمسلسل فحسب.
وواصل محمود عبد الشكور: لم يحدث أن نوقشت السلطة الأبوية بمثل هذا الوضوح، أو بتلك الجرأة، وداخل الأسرة، حصنها المقدس، ولذلك بدت القصة شديدة البساطة والجاذبية، وشديدة العمق والتركيب في نفس الوقت، من وجهة نظر إحسان، حتى في داخل الأسرة، لابد من إعادة تأسيس علاقات السلطة، فما بالنا الحال على مستويات أوسع وأكبر وأهم؟
نجيب محفوظ كتب معالجة عظيمة للفيلم
أضاف: استوعب نجيب محفوظ الفكرة، فكتب معالجة عظيمة للفيلم، وجاء عبد المالك ليؤكد أنه أيضا على نفس الطريق، بل إن اختيار قصة "إمبراطورية ميم" بالذات دليل وعي بأهمية الفكرة المضاعفة في عصرنا الراهن، ومع جيل أكثر انفتاحا واختلافا، جيل أكثر مقاومة للامتثال، ما لم يفهم ويقتنع بما يقال له.
تفاصيل الاختلاف بين الفيلم والمسلسل
تابع: تغيرّت بعد ذلك أشياء كثيرة، وتغيّرت العلاقات والتفاصيل، بما يناسب زمننا الراهن، أخذت الجدة دورا قويا، وتألقت شخصية العمة، ولها دور هام جدا ومحوري في معالجة عبد المالك، وبأداء نشوى مصطفى البديع، المستوى الاقتصادي الذي جعل فاتن حمامة الموظفة الكبيرة، تعيش حياة مريحة، يتحول هنا الى حياة أكثر تعقيدا، فالأب مختار أكثر ثراء، ولكنه في أزمة وكبوة، سيجعل ذلك سلطته على المحك، وسيزيد من الصراع اختبار بيع المكان، والحصول على أموال ضخمة، ستوضع الأسرة في مناخ أكثر تركيبا، ولكن سيحتفظ المسلسل بدفء العلاقة بين الأبناء ووالدهم، رغم الشد والجذب، وسيطرح كذلك أسئلة الأبناء الصعبة والصريحة، وستحتفظ المعالجة أيضا بفكرة "الحقوق والإدارة"، فالابن الأكبر درس العلوم السياسية، بينما الأب يرى نفسه إمبراطورا، ويحلم بأن يرى أبناءه من الوزراء.
هذا مفتاح التميز في المسلسل
وقال محمود عبد الشكور: سيكون مفتاح التميز في المسلسل في "الكاستنج" الممتاز كما كان الحال في الفيلم، وخصوصا خالد النبوي ونشوى مصطفى ونور النبوي ومحمود حافظ ويارا عزمي وأحمد السلكاوي وليلى عز العرب وإيمان السيد، وجميع الأولاد والبنات بحضورهم وحيويتهم وخفة ظلهم، وسيضبط المخرج محمد سلامة خطوط وإيقاع الحكاية بكل براعة، نجاحه الأهم ألا نشعر في البيت بوجود كاميرا أو صنعة أو حركة لافتة، وكأننا بالفعل داخل بيت وأسرة، نتلصص على حياتهم ومناقشاتهم، وستكون مشاهد الفلاش باك بحضور الأم (سلاف فواخرجي) في مكانها.
وواصل قائلا: الصراع مستمر من البداية الى النهاية، وكيمياء رائعة بين الأبناء الموهوبين، كل شخصية منهم واضحة ومميزة، وتؤدي دورا في الأحداث، والتمرد الصريح على السلطة الأبوية ليس خشنا ولا مباشرا، ولكنه أقرب الى لعبة ظريفة، وهذا أيضا جوهر حكاية إحسان، وسبب جاذبيتها، وأغنية التتر لمدحت صالح جزء لا يتجزء من الدراما، وتعليق ظريف على معاناة الأب، وتمهيد يومي للعبة القط والفأر التي نراها.
واختتم الناقد المصري قائلا: بعد أعمال مثل "إمبراطورية م" و "راجعين يا هوى" و"مذكرات زوج"، أعتقد أن محمد سليمان عبد المالك يمكنه تقديم الكثير في مجال المعالجات الجديدة لأعمال سابقة، لا أتحدث فقط عن الحرفة التي تجعله قادرا على كتابة "أنواع" مختلفة من الدراما بإجادة لافتة، ولكني أتحدث أيضا عن الرؤية والإعداد المعاصر الذكي لحكايات نعرفها، والبراعة في التعبير عن جيله، وربما الأجيال الأحدث والأصغر سنا، لن تموت الأعمال الدرامية الكلاسيكية العظيمة طالما كان هناك من يستطيع تقديمها من جديد بنبض اليوم واللحظة.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي».
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي».
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».