الانتقام لا يجدي

الانتقام لا يجدي

 

سيدتي أتمنى أن أجد لديك حلاً يريحني؛ أنا فتاة سعودية، تعرفت على ابن خالتي تليفونيًا، واستمرت مكالماتنا قرابة عام كامل، وكثيرًا ما ألمح لي بالزواج، ثم حدث ما لم يكن في الحسبان؛ فقد عادت من سفر طويل ابنة خالة لي وله، وبالطبع التقى بها عائليًا، وتحدث إليها بالهاتف، ولم أجد في ذلك غضاضة... وبعد أسبوع واحد اتصل بي، وقال إنها بدلت حياته تمامًا، وإنه سوف يخطبها، بل ودعاني إلى حضور الخطبة. دمرتني المفاجأة، وشعرت بما يشبه الشلل النفسي، ولا أجد عزاءً في أي شيء. هل من واجبي أن أطلع ابنة خالتي على الموقف؟ هل أعترف لأمي بما صار؟ وماذا تكون النتائج؟

المعذبة مرام

 

 

عزيزتي ابنة خالتك العائدة من سفر ليست مذنبة، ولا ابن خالتك مذنب، ولا أنت مذنبة.  هذا الشاب الذي اعتبر أن رؤية ابنة خالته العائدة من السفر بدَّلت حياته إلى الحد الذي جعله يختارها زوجة شخص لم يكتمل عقله ولا نضجه. اختيار الزوجة ليس كاختيار ثوب جديد يعجبه قماشه، أو تفصيلته، اختيار الزوجة أمر شديد الأهمية، ولا يفعل مثل ما فعله ابن خالتك سوى شخص لم يتجاوز انفعالات الطفل، الذي يرى لعبة فيبكي ويصرخ حتى يضعها أهله بين يديه. احمدي ربك الذي أنقذك من مصير معتم مع مثله. لو وافقت ابنة خالتك عليه فهي مسؤولة عن تسرعها.  كونه دعاك لحضور الخطبة أمر لا يجوز إن لم يقدم لك اعتذارًا مقنعًا عن مشاغلتك لمدة عام كامل. ولكن لا تنسي أنك كنت شريكة في الفعل، وأنه لم يجبرك على الاستمرار.  النصيحة التي يمكنني توجيهها لك هي ألا تفكري في تحذير ابنة خالتك منه؛ لأنها ربما تكون فرحة بالخطبة، ومستعدة لتصديق أية رواية يرويها لها، ويمكن أن يدافع عن نفسه بأنك كنت تلاحقينه بطلب الزواج، وأنه لم يكن مقتنعًا، وبذلك تفقدين كبرياءك، وتتعرضين للقيل والقال، لملمي شتات نفسك، وتذكري أن الحب الذي يأتي عبر أسلاك الهواتف قد يصيب وقد يخيب، ولكنه يخيب في أغلب الأحيان.

 

الحياة بدونه ممكنة، وأنت الآن أقوى مما كنت قبل عام، وقبل أن تبدأ أحاديث الهاتف.

 

عريس في اليد

 

سيدتي منذ عدة سنوات تعرفت على شاب، وتحاببنا وتمت خطبتي، كان خاطبي يكبرني بثلاث سنوات، بعد الخطبة دبت بيننا خلافات كثيرة، وانتهى المشروع بالفشل. انطويت على نفسي، ومرت سنوات طوال، وبلغت الثلاثين، وفي الوقت الحالي تقدم لخطبتي رجل مطلق، وأب لطفلين، وهو يكبرني بخمسة عشر عامًا. أنا أميل إلى القبول؛ خوفًا من أن يفوتني قطار الزواج، ولكن والدي يرفض الخطبة؛ لأن الخاطب سبق له الزواج والإنجاب، وأنه يكبرني بخمسة عشر عامًا، وينصحني بالانتظار. أنا في حالة سيئة جدًا من التردد، ومن فرط التفكير يصيبني صداع نصفي يفتك بي، أتصور أن الرجل الذي تجاوز الأربعين عنده ما يكفي من النضج الذي يؤمن استقرار الحياة الزوجية، وكفاني ما ألم بي حين ارتبطت بشاب يقاربني في العمر. أنتظر مشورتك بفارغ الصبر.

ابنتك شهد

 

 

عزيزتي من غير المعقول أن نفترض أن كل خطبة تتم بين شاب وفتاة تقاربه في العمر مصيرها الفشل، لكل علاقة كيمياء خاصة، ترتبط بالتجربة الحياتية، والخلفية الاجتماعية، والقدرة على استيعاب الآخر. ومن غير المعقول أيضًا أن نفترض أن كل من تجاوز الأربعين ناضج ومستعد للاستقرار. قضية الزواج قضية مصيرية فتمهلي. تزوجي الخاطب لو اقتنعت بصفاته كإنسان، لا بمنطق عريس في اليد خير من لا عريس. هل سألت عن أسباب فشل زواجه السابق؟ هل تدركين أن وجود طفلين من زواج سابق يعني استمرار شيء من التواصل بينه وبين أم أولاده؟ ما هو وضع الأولاد بعد الزواج، هل تؤول لك مسؤولية تربيتهم؟ تذكري أنهم أطفال بحاجة إلى حنان وحزم وتقويم، وأنهم سيكونون شركاءك في حب الزوج ووقته وماله. لو أجبت بصدق على تلك الأسئلة فتزوجي واقنعي والدك بأنك مستعدة لتحمل النتيجة؛ لأنك مقتنعة بصفات الخاطب مهما كان فارق العمر والتجربة.

 

 

أريد تشجيعًا

 

سيدتي أنا فتاة جزائرية، أهوى تصميم الأزياء منذ طفولتي. ورغم أنني لم أدرسه كعلم أظن أن تصاميمي رائعة للغاية، ومنتهى طموحي هو أن يخرج أحدها إلى حيز التنفيذ. ولذلك قررت اللجوء إلى مجلتي المفضلة؛ لعلي أجد التشجيع الذي أتمنى.

رهف- الجزائر العاصمة

 

 

عزيزتي أهنئك على الموهبة، وأقول لك إن الموهبة الحقة تجد مجراها كما يجد الماء مجرى، ويصب في الأنهار. لو كنت جادة في طموحك فأعدي واحدًا أو أكثر من تصاميمك، وإن كنت لا تجيدين الخياطة فسلمي التصميم لحائكة متمرسة، ونفذيه وصوريه، وأرسلي الصور مع رسالة قصيرة، وبيانات عن عمرك ودراستك، وخلفيتك الاجتماعية لإدارة تحرير سيدتي، وتعشمي خيرًا. لو كنت محقة في تقديرك لموهبتك فستجدين تشجيعًا، وإن كنت بحاجة إلى مزيد من التوجيهات فسوف تتلقينها أيضًا.

 

 

الماضي الأليم

 

سيدتي أنا فتاة في التاسعة والعشرين. بدأت معاناتي حين كنت في السادسة، في ذلك الوقت مرض أخي واضطر والداي للسفر على وجه السرعة، وتركاني في رعاية إحدى الجارات، كانت جارة طيبة تعاملني بكل رفق، وكانت أمًا لابنة في السادسة عشرة، وابن يصغر تلك البنت بعامين. كانت الأم تحسن معاملتي بينما تضربني ابنتها، وتحرم عليّ اللعب، وكانت أمها تنهرها؛ لكي تحميني من شرورها. في أحد الأيام خرجت الأم، وتركتني مع أولادها، حاولت أن ألعب فمنعتني ابنتها من اللعب، وحين بدأت بالبكاء قالت لي: إيش رأيك أسمح لك باللعب بشرط أن تفعلي كل ما أريد، ثم أخذتني إلى حجرة داخلية، طلبت أن أخلع ملابسي الداخلية، وعبثت بي، ثم جاء أخوها وفعل معي ما فعلته، وبعد ذلك هدداني بأنني لو أخبرت أحدًا فسوف يذبحني أبي. وفي اليوم التالي عدت إلى بيتنا، وقد دمرت نفسيتي تمامًا رغم حداثة سني.

تعاودني الذكريات المؤلمة بشكل يومي رغم أنني كبرت. لم أتزوج حتى الآن، رغم أنني كبرى أخواتي، وقد تزوجت أصغر أخواتي. رفضت الزواج مرارًا، واستشهدت بقريبات لي تزوجن وفشلت زيجاتهن؛ هربًا من إلحاح أهلي. لقد استنفدت كل الأعذار، ولا يسعني إلا الدعاء على من تسببوا لي في هذا الدمار. ولذلك قررت اللجوء لك؛ لعل قراءة قصتي تقنع الأهل ألا يتركوا أولادهم عند الجيران أو الأقارب.

الحزينة ص

 

 

عزيزتي مهما كبر الإنسان يظل الطفل بداخله يعيش ويشكو ويتألم. والحقيقة هي أن كتابة هذه الرسالة لي هي إذن للطفل بداخلك؛ لكي يجهر بشكوى في محلها. ومن واجب الكبير أن يترفق بالصغير. لقد كنت طفلة لا تدرك فداحة الفعل الشائن، وكان الفاعل والفاعلة كبيرين، استغلا الفرصة واستغلا ضعف طفلة لا حول لها ولا قوة. وبما أنك لم تذكري أين هم الآن فإن المواجهة التي هي مؤكدة النتائج ليست متاحة.

ولكن دعيني أذكرك بأنك لست الآن طفلة في السادسة، تخاف من أن يذبحها والدها عقابًا على فعل لم تقترفه. إن كانت لك أم فبوحي لها بما حدث، ولا تخافي من ردة الفعل. لعل خبرتها بالحياة تسعفك وتقنعك بأن حادثًا كهذا في حياتك وأنت طفلة في السادسة لا يترك أثرًا، وإنما يلتئم الجرح بمضي الزمن، وتكونين مثلك كمثل أية فتاة أخرى؛ مستعدة للزواج بلا نتائج سلبية مطلقًا. فائدة البوح هو التخفف من عبء الإحساس بالذنب، الذي أثقل عليك طوال السنوات الماضية. ولكن يجب أن يكون البوح في أضيق الحدود، وإن شاء القدر ورزقت بزوج صالح فاحتفظي بالتجربة لنفسك، واعملي بما نصحت به الأهل في كل مكان، وهو ألا يتركوا أولادهم بين يدي جار أو قريب، مهما كانت درجة القرابة... الطفل أمانة يجب أن تُحفظ.