درء الشبهات

ذكاء الزوجة

سيدتي أنا سيدة في الرابعة والثلاثين، وأم لطفلين، تزوجت عن حب، التقيت مع زوجي في الجامعة، وتزوجنا، وسافرنا معًا إلى الخارج منذ تسع سنوات.. عمل كل منا بجدٍ وتفانٍ، حتى ارتفع مستوى معيشتنا إلى حدٍ مُرضٍ والحمد لله.. غير أن نمط حياتنا تغير، وشعر كل منا بنوع من الضياع.. حاولنا أن نكرّس كل طاقتنا لكي نلتزم دينيًّا، وكثيرًا ما تعرضنا لمغريات الحياة، إلى أن وصل كل منا إلى ما يرضي ضميره.. وأصبحت ملتزمة بالحجاب، ومحافظة على فرض الصلاة مثل زوجي.

المشكلة حاليًا هي أنني شعرت بأن زوجي تغير.. فهو يسافر كثيرًا بسبب عمله، وأنا أعمل بنصف دوام لكي أقوم بواجباتي نحو الأسرة.. وبالصدفة شاهدت صورًا على جوال زوجي، أقنعتني بأنه يتردد على ملاهٍ ليلية مع العملاء، وأنه يلتقي في تلك المناسبات بفتيات ونساء غير متزوجات، يطلقون عليهن لقب المرافقات.. وحين سألت زوجي أقسم لي بأنه لا يقرب الخمر، ولا يتعامل مع مثل تلك النساء.

صدقته، ولكن في إحدى الليالي، وبعد منتصف الليل، وصلت رسالة على جواله من فتاة تتودد إليه، وتهنئه بعيد ميلاده، وأقسم لي بأنها سكرتيرة أحد العملاء، وأن الرسالة لا تعدو كونها لفتة اجتماعية.

الحقيقة أنني شعرت بغضب كبير لأنني لم أصدق، ولأن ثقتي به اهتزت إلى درجة غيرت كل شيء بيننا.. لقد حاول أن يفتح معي الموضوع عدة مرات، ولكنني لم أعد أثق به.. أصبح كل شيء مثيرًا للشك، حتى الأصدقاء الذين يتواجدون على موقعه في «الفيس بوك»، ومنهم فتيات عرفهن في مرحلة الدراسة الثانوية، ما يدريني أنه لا يلتقي بمثلهن حين يسافر، أو أنه يسعى لاستئناف الاتصال معهن؟ هو يقول إن «الفيس بوك» لا يتعدى مرحلة التواصل على النت.. ورغم ذلك عبَّر زوجي عن استيائه وغيرته حين قررت حضور حفل تجمع مع زملائي في الجامعة، علمًا بأن معظمهم تزوج وأنجب، وأن الاجتماع تمّ في حضور الزوجات والأبناء.

رغم أنني محجبة، مازلت أعتني بمظهري، وأقصد بذلك أنني أتزين له، الحقيقة هي أنني طلبت نصحكِ لأنني لم أعد أعرف كيف أتصرف معه.. ولا أعرف كيف سيتطور الموقف بيننا.. ولا يمكنني أن أبوح بمشكلتي لأحد من الأصدقاء والأقارب.. أرجو أن أتلقى منكِ ردًّا سريعًا.

 

زوجة محسن

 

 

عزيزتي في سن الرابعة والثلاثين يجب أن يكون استمتاعك بالحياة المشتركة وبثمرة الكفاح والاستقرار في حياة أسرية قد بلغ الذروة.. ويجب أن يكون إحساسك بالحياة وبالعلاقة مع زوجك قد بلغ أعلى درجة إيجابية.. الجزء الأول من نصيحتي هو أن تكفي عن تلمس العيوب، وأن تحيدي مشاعر انعدام الثقة.. وبدلاً من مواجهة زوجك بمناسبة وبدون مناسبة، أعيدي التفكير في نظام حياتك معه، بحيث تكونين على استعداد للسفر معه في رحلة من رحلات العمل كمرافقة، لكي تطمئني إلى سفره، ولكي تشعريه بأنك تعتبرين نفسك صديقة وشريكة.

أريد أن أوضح لك الصورة كما تراءت لي من خلال رسالتك.. لقد بدأتما معًا، ثم دفعتك المصلحة المشتركة نحو طريق العمل نصف الوقت لكي تتفرغي لدورك كزوجة وأم. أما الزوج فقد استمر في مشوار العمل الذي يتطلب أن يسافر وحده للقاء العملاء.. ومن هذه الزاوية أرى أن أعباءه النفسية أثقل من أعبائك.. فأنت مصونة، وبعيدة عن كل ما يمكن أن يجذبك إلى الخطأ.. أما هو فيتعرض لفتيات ونساء لا همَّ لهن سوى العبث بلا أدنى اعتبار لظروف حياة الطرف الآخر.. ومثلهن كثر.

وهنا يأتي دورك، وهو أن تظلي في وجدانه الحبيبة التي تزوجها، والزوجة التي يأنس إليها، ويجد في صحبتها الراحة والمتعة.

الرجال لا يستسيغون الشجار مع الزوجات، بعضهم يهرب إلى العمل، والبعض يفضل صحبة الكمبيوتر، وضعاف الإيمان يستسلمون لمغريات الحياة.

أنا لا أقول ذلك دفاعًا عن الزوج، ولكن لأنني استمعت إلى جانب واحد من المشكلة، وبما أنك تعترفين بأنك تحبين زوجك، فالهدف من طلب النصيحة هو البناء لا الهدم، ومن ثم أقول لك إن الزواج والأبناء والكفاح المشترك هو استثمار إنساني يجب ألا نفرط فيه بسهولة، أو نعرضه للخطر.. وما دمت تدركين أن الزواج تعاقد برضا الطرفين، وليس صكًا لملكية الإرادة والضمير، عليك بتوظيف ذكائك.

أنصحك بالكف عن مواجهته، والتعبير عن غضبك، وانعدام ثقتك به.. ثقي بأنه يعتبر بيته وأولاده وزوجته قمة إنجازاته، فلا تجبريه على الهرب منها، أو التنازل عنها.

قابليه مبتسمة، وأشركيه في حياتك، واشتركي معه في مشاريعه العملية.. استردي صورتك في خياله: صورة البنت التي أحبها وتزوجها.. الالتزام الديني لا يمنعك من الاستمتاع بحياتك معه داخل البيت.

 

 

العقل زينة

سيدتي أنا امرأة في الثانية والثلاثين، مطلقة منذ عام، تزوجت زواجًا تقليديًّا، وبعد الطلاق استأنفت علاقة مع شاب كنت أعرفه قبل الزواج، ثم افترقنا لمدة أربع سنوات هي عمر زواجي.. والحقيقة هي أن ابتعادي عنه لم يسبب لي أي ألم، لأنني لم أكن أعرفه معرفة وثيقة، ولأنني كنت أعرف أنه يصغرني بالعمر، وأن فرصة الارتباط قد تتأثر بهذا. المهم هو أنني بعد الطلاق شعرت بوحدة فاتصلت به، وسعدت معه لفترة، لأنني كنت بحاجة إلى عزاء بعد تجربة الطلاق.. ثم شاءت الظروف أن يعترض طريقي شاب آخر، وجدت فيه كل الصفات التي أتمناها، فهو يناسبني في العمر، وفي النضج، والخبرة، والمستوى العلمي والاجتماعي، فضلاً عن أنه وسيم، وطيب القلب، ورومانسي، تعلقت به جدًّا، وحاولت أن أبتعد عن الآخر تدريجيًّا، ولكنه لم يقبل، وعشت في خوف من أن يكتشف أنني على اتصال مع غيره، ولم أجد أفضل من المصارحة، فصارحته بما كان.. وليتني ما فعلت لأنه غضب غضبًا شديدًا، واتهمني بالخيانة، علمًا بأن معرفتي به لم تكن قد تجاوزت بضعة شهور.. بعد مصارحته كفّ عن الاتصال بي لمدة أسبوعين، ثم اتصل، وسبّني، ولم يعطني فرصة للكلام، أو الدفاع عن نفسي، وشعرت بأنه يتعمد إذلالي، ويفرض عليَّ أوامر منها أن أغيّر رقم الجوال، وألا أخرج من البيت إلا للضرورة، وكنت ألبي ما يطلب وأتحمل، إلى أن أصابني اكتئاب، وحين طلبت منه أن نتفاهم قال إن علاقتنا لن تستمر، لأنه مستحيل أن يفكر في الزواج بامرأة مثلي.. شعرت بعجز تام وقهر كامل، وتشوش في التفكير.. قررت أن أطلب مشورتكِ بحثًا عن حل.

 

التائهة أ. و

 

 

 

سيدتي العقل زينة، والنصيب يصيب، ولقمة الحب المغموس في الذل تسمم البدن والقلب والروح.

أتمنى أن تفهمي كلامي، وأن تتقبلي نصيحتي، المطلقة وضعها حساس، لأنها أكثر عرضة للشك والاتهام، ولذلك كان الأفضل لكِ أن تتحري السلامة بعد الطلاق، وأن تحاربي الإحساس بالفراغ، بحيث لا تتورطين في علاقة تدركين أنها لن تستمر. علاقتك بشخص يصغرك في العمر لن تفيدك، لأنه قد يعتذر عن الارتباط بسبب موقف أهله الذين لا يقبلون بأن يتزوج بامرأة سبق لها الزواج، كما أنها تكبره في العمر..

وما دمتِ غير مرتبطة به عاطفيًّا، عليك بوضع نهاية للعلاقة بصرف النظر عن أي اعتبار آخر.. ومهما قاوم فكرة الانفصال، تأكدي أنه يقاوم لأنك البادئة بالطلب، وتأكدي أنه لن يموت حزنًا عليكِ، بل سيبحث عن حب آخر.. أغلقي الباب تمامًا حتى لا تسيئي إليه، أو إلى نفسك.

أما علاقتك بالآخر فلها اعتبارات أخرى.. إن خوفك من فقدانه جعله أكثر ميلاً لإذلالك، وهنا يأتي معنى الحب المغموس في الذل، لقد قال لك إن الزواج منك مستحيل، فهل ترضين لنفسك أن يمعن في تجبره وإذلاله لك من أجل التواصل، وقطع الوقت؟ الخائف يخاف كل يوم، والخوف يشل الإرادة، ولكن من يواجه خوفه، يخاف مرة واحدة، ثم تتغير حياته.. لن يضيرك أن تواجهيه بأنك كنت صادقة معه، وبما أنه لم يحترم صدقك، ولا يرضى بالحلال، عليه أن يختار.. إما الارتباط، وإما الانفصال، وأنه لا توجد مساحة ممكنة بين هذين الاختيارين، يجب أن يفهم أن رزقك في الزواج ليس بيده، ولكن بيد الله، وأن الله لا يحب المعتدين.

تمني له الخير، واطلبي منه ألا يتصل بكِ إلا لتحديد موقفه.. ومهما كانت النتيجة سوف تشعرين بارتياح، لأنك دافعت عن نفسك.

 

درء الشبهات



سيدتي لي صديقة زاملتني في الثانوية، ورغم أنني التحقت بمدرسة أخرى، حافظت على علاقاتي بصديقاتي.. ثم سافرت إلى أميركا مع أسرتي، وعلمت أن تلك الصديقة أتت إلى أميركا أيضًا، ولكنها تقيم في ولاية أخرى، كنا نتحدث بالهاتف، ثم انقطعت الاتصالات لفترة، ثم التقينا بالصدفة، وسألتها عن سبب انقطاعها، وفوجئت بها تعترف بأنها تحبني كما يحب الذكر الأنثى.. صدمت، ولم أحر جوابًا لأنني أكنّ لها مشاعر الصداقة لا أكثر، أنا لا أريد أن أتركها في أزمتها، أو أن أشعرها برفضي لها، ولا أريد أن أشجعها على المضي فيما هي فيه.. هل يمكنني أن أقف مكتوفة اليدين؟ ماذا يمكنني أن أفعل بدون ارتكاب أي خطأ يزيد الأمر تعقيدًا؟!

 

الحائرة م. هـ

 

 

عزيزتي للأسف الشديد لا توجد في العالم العربي أبحاث كافية لتفسير طبيعة الشذوذ الجنسي، وهل هو سلوك مكتسب، أم موروث جيني؟! ولكن مهما كانت الحقيقة فإن اختيار هذا السبيل شائك جدًّا، وغير مقبول اجتماعيًّا ودينيًّا، ومن يختاره يعرض نفسه لمشاكل كثيرة، ولعزلة مؤلمة، ولذلك لا أنصح بأن يدفعك حب الاستطلاع، أو التعاطف مع صديقتك أن تدخلي إلى عالمها، خاصة أن نوازعك فطرية.

لست مكلفة بإنقاذ الآخرين ما دمتِ لا تمتلكين أدوات الإنقاذ، لقد صارحتك صديقتك، وعليك أن تعتذري لها بأن ميولك تختلف عن ميولها، وأنك تتمنين لها الخير، ولكن ليس في مقدورك أن تحققي لها السعادة المنشودة.. المثل يقول: «إن الخسارة القريبة أفضل من الكسب البعيد»، ومعنى ذلك هو ألا تترددي في وضع مسافة نفسية وجغرافية بينكما إلى أن تستقر أمورها، وتتقبل أنك لا تتجاوبين مع رغباتها.

من حق كل إنسان أن يدرأ عن نفسه الأضرار والشبهات.