عقدة لسان
سيدتي أنا طالبة جامعية سعودية، أقيم في المدينة المنورة، عمري 22 عامًا، مشكلتي هي التلعثم عندما أهمّ بالكلام، تزداد سرعة الكلام وأرتكب الكثير من الأخطاء فأرتبك وأنا أراقب نظرات من حولي.. ولذلك أفضّل ألا أشترك في أي نقاش دراسي.. أنا بطبعي اجتماعية، وأتمنى أن أكوّن علاقات طيبة مع الآخرين.. أنا من المتابعات لك منذ زمن وأعتبرك مثل أمي، فأرجو أن تردي على رسالتي ولك شكري.
المخلصة م
عزيزتي لعل إقامتك في مدينة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- تحميك من كل سوء.. قد لا تصدّقين أنني كنت مثلك تمامًا في أول شبابي؛ أفضل التواري عن الظهور.. وكان ذلك مثارًا لدهشة أساتذتي؛ لأنني والحمد لله كنت طالبة متميزة.
الخجل في أول الشباب ظاهرة واسعة الانتشار، وسببها قلة الخبرة والمهارة الاجتماعية، ولكنها تتراجع بالتدريج حين يكتسب الفرد أدوات التواصل والحوار مع الآخر.
تتلعثمين لأنك تشعرين بالخوف من الآخر إن لم تخرج الكلمات معبرة عن منطق يثير الإعجاب.. والحل هو أن تتكلمي في موضوعات تكونين ملمّة بها إلمامًا كاملاً، وأن تذكري نفسك عندما تهمّين بالكلام أن الحضور ينصت لك؛ لأنهم يريدون أن يعرفوا رأيك، وأنه لا يوجد سبب يجبرهم على الاستماع، وأن إنصاتهم لما تقولين يعني أنهم راغبون في الإنصات.
إن أردت تكوين علاقات اجتماعية قوية، ابدئي بداية بسيطة مع صديقة واحدة تأنسين إليها.. قد تكون تلك الصديقة إحدى أخواتك أو زميلاتك أو قريباتك.. والعمر لا يشكل أهمية في البداية.. فهي قد تكون طفلة بحاجة إلى نصحك ورعايتك، أو قد تكون مسنّة بحاجة إلى عطفك.. المهم هو ألا تنتظري أن يكون للعطاء مقابل.. فالعطاء أحيانًا أمتع من التلقي.. كوني مستمعة جيدة في كل علاقاتك.. وحين تخاطبين شخصًا خاطبيه باسمه؛ لأن أحب الأسماء إلينا هو الاسم الذي نسمي به أنفسنا.. جاملي الآخرين، ولكن يجب أن تكون المجاملة في محلها بدون إسراف.. تذكري المناسبات الخاصة في حياة المقربين منك.. وشاركي من تحبين فيما تحبين.. إن قرأت كتابًا أو مجلة اقترحي إهداءها لإحدى صديقاتك.. وإن تأثرت بخبر عام فاسألي من تتمنين صداقتهم إن كانوا سمعوا به، واطلبي رأيهم.
تدريجيًّا سوف تصبحين صديقة نفسك، وإن أحببت نفسك وترفقت بها، أحبها الآخرون.
الإساءة والإحسان
سيدتي أنا امرأة خمسينية، أقيم في المملكة العربية السعودية مع زوجي وأولادي منذ زمن.. أنا الأخت الوسطى، ولي أخت تكبرني وأخرى تصغرني، وكلنا زوجات وأمهات.. ولي أيضا أشقاء.. المشكلة تكمن في توتر العلاقات بيني وبين شقيقتي الكبرى، التي نجحت في تحريض كل الإخوة والأخوات ضدي، بحيث انقطعت كل صلة بيني وبينهم.
المشكلة بدأت حين تخرج أحد أبناء أختي الكبرى، ورجتني أختي أن نيسّر له الانتقال إلى المملكة للعمل.. وجاهد زوجي بالمال والوقت حتى نجح في استقدامه وتوفير فرصة عمل جيدة.. وأقام ابن أختي في بيتنا عامًا كاملاً، بحيث قمت على خدمته كما لو كان أحد أولادي وبدون مقابل.. ثم انتقل للسكن مع مجموعة شباب.. وجاءت أختي لزيارة ابنها وبصحبتها ابنتها التي كانت تستعد للزواج، وأقامت عندي واشترينا لها الهدايا وأكرمناها تمامًا.. وبما أنني لا أعمل فقد كانت كل تلك المجاملات من مال زوجي، الذي قدّم كل شيء عن طيب خاطر.
فيما بعد وبسبب الظروف الاقتصادية اضطرت الشركة التي يعمل بها ابن شقيقتي إلى توفير العمالة، ففقد عمله.. وعندها ثارت أختي، واتهمت زوجي بأنه السبب في ذلك، علمًا بأن زوجي لا يملك سلطة كتلك في عمله.. ومن حسن الحظ أن توفرت للشاب فرصة عمل أخرى.
بعدها دعتنا أختي لحضور عُرس ابنتها، فوافق زوجي على سفري حرصًا على صلة الرحم، وبالفعل سافرت وشاركت في الأفراح وحملت الهدايا وخلافه.. ولأسباب لا أعرفها تحديدًا قابلتني أختي بجفاء، وسمعت من أختي الأخرى بأنها شكتني وادعت أننا لم نحسن استقبالها، بل وادعت أننا نعيش في بيت لا يليق، ونرتدي ثيابًا لا تدل على سعة.. وكل هذا ادعاء كاذب. بعدها التحق أحد أبنائي بالجامعة في الوطن، وأقام وحده في مسكن خاص بنا، ظل مغلقًا لأكثر من عشر سنوات بسبب ظروف العمل في المملكة.. وهالني أنه لا فرد من أفراد أسرتي حاول مساعدة ابني أو استضافته، أو حتى السؤال عنه.. والأنكى من ذلك أن اتصلت أختي الصغرى وقالت لزوجي أن ننسى أن لنا أسرة، وأنهم استغنوا عن علاقتهم بي نهائيًّا ولا يريدون أي اتصال.
هكذا اختارت أخواتي أن يقطعن صلة الرحم.. هذا الأمر يسبب لي الكدر الشديد.. أنفجر بالبكاء دون سبب، وأتساءل.. لماذا يقابل الإحسان بالإساءة؟
الحزينة أم البنين
عزيزتي بعد قراءة رسالتك أقول لك إن من يُحسن.. يُحسن لنفسه، والمسيء يتحمل وزر الإساءة.. لقد أكرمت أخواتك لوجه الله ولمحبة الأخوة واحتراما لصلة الرحم.. وإن كانت أختك أنكرت الجميل فهي مسؤولة عن أفعالها، وسوف تُسأل أمام الله.. وأناشدك بأن يكون العفو شيمتك؛ لأن العفو عند المقدرة له ثواب كبير.. والحمد لله أنك في غنى كامل عن أخواتك، وأنك في عصمة رجل كريم النفس.. وإن كنت قلقة بخصوص ولدك، الذي ابتعد عنك بحكم الدراسة، أقول لك إنه في رعاية الله.
بما أنني استمعت إلى القصة من وجهة نظرك فقط، لا يسعني إلا تخمين الأسباب التي أدت إلى التوتر، وقد تكون الغيرة بين الأخوات هي أحد المسببات.
أنصحك بالصلاة والاستغفار والعفو عن أخواتك.. وأنصحك بأن تتقبلي الوضع الحالي بصبر، فلا تتوددي ولا تعاتبي إلى أن يرتد إليهن الإحساس الفطري بأهمية العلاقة بين الأخوات.
باحث عن الحب
سيدتي سعدت بالحصول على عنوان يمكنني من مراسلتك، أنا طالب ليبي أعاني من مشكلة عاطفية، لي صديق واحد مقرَّب لا يخفي عني شيئًا، هذا الصديق ارتبط بفتاة يحبها حبًّا شديدًا، وهي أيضًا تبادله الحب، منذ أن أطلعني على ذلك ونفسي تحدثني بأنه يجب أن أبحث عن فتاة، وأن أقيم معها علاقة بعيدة عن الحرام، ويمكنني أن أشكو لها وتشكو لي، وتبوح لي وأبوح لها بكل شيء.. أنا في الثالثة والعشرين.
هل ما أتمناه نوع من المراهقة؟ أنا من نوع الشباب الذي لا يجيد الحديث مع الفتيات، ولم أعش مراهقة كاملة، وأخشى أن تأتي المراهقة في مرحلة متأخرة، أنا حائر جدًّا لأنني أخاف الله، ومع ذلك أتمنى أن تكون لي علاقة مع فتاة.. أشعر باليأس حين أرى شابًا مع حبيبة أو صديقة، لقد وصلت بي الأمور إلى حد أنني أضيق بكلام صديقي عن فتاته، وأتمنى ألا يقول شيئًا، فهل أنا مريض نفسيًّا؟! هل هناك شباب مثلي؟! أشعر بأنني ضائع ولا وجود لي.
الحائر ط ع
عزيزي الاحتياج لقرين أو شريك هو احتياج إنساني تعترف به كافة الشرائع والأديان، آدم -عليه السلام- لم يكتمل إلا بعد أن خلق الله له حواء، وقد يكون صديقك المقرب سبقك إلى العثور على نصفه الآخر الذي اكتملت بها سعادته، فلا يعني ذلك أنك لن تجد شريكة الحياة التي تسعدك، كل شيء له ميقات وأوان، فلا تتعجل رزقك.
دعني أهمس في أذنك بأن الثقافة الشبابية المنتشرة حاليًا تصور للشباب بأن الحياة لا معنى لها ولا لون ولا رائحة في غير وجود النصف الآخر، وليس هذا صحيحًا، فالنضوج الفكري والنفسي والعاطفي تدريجي ومرحلي، فنحن لا نشترك في الماراثون من قبل أن نتعلم المشي والكلام، حين يكتشف الشاب أو الفتاة بوادر الذكورة أو الأنوثة يكتشفها من خلال انطباعات وخيالات وأحلام، هذه المرحلة تسير جنبًا إلى جنب مع اكتشاف جوانب أخرى من الحياة والتجارب داخل الأسرة وفي المدرسة وفي الشارع، وحين يتجسد الحلم يتجسد بناء على نوازع غير مفهومة، فتتجمع الخيالات وتهبط على هدف متوفر، هذا الهدف قد يكون بنت الجيران، أو زميلة في المدرسة أو في الجامعة، وتهدأ تدريجيًّا تتراجع تلك المشاعر، ويستمر البحث إلى أن يعثر على نصفه الآخر.
المسألة إذن لا علاقة لها بأن تكون لصديقك فتاة يحبها، فالفتاة ليست قطعة من الإكسسوار أو قطعة من الحلوى، العلاقات مسؤولية، وما أنصحك به هو أن تمنح نفسك فرصة لمعرفة الجنس الآخر إنسانيًّا، بأن تتقرب من شقيقاتك أو قريباتك، لكي تعرفهن كأفراد، مارس شهامتك وكرمك مع الإناث داخل الأسرة تكتسب ثقة وألفة سوف تخدمك حين تلتقي بفتاة أحلامك التي تتمناها كشريكة حياة.
أؤكد لك أنك لست مريضًا، املأ فراغ نفسك حاليًا بإثرائها؛ بالاطلاع والروابط العميقة مع الأهل والأصدقاء.
ردود
م.أ
يمكنك بقليل من الحكمة أن تكسبي ودّ أمك فحاولي..
سعاد .غ
الزمن يمضى بسرعة فلا تضيعي فرصة تبدو جيدة.