العاصفة
سيدتي أنا شابة في السادسة والعشرين، كنت أعمل في شركة، تعرفت فيها على شاب ذي خُلق ودين، ثم تركت الشركة بعد عامين من العمل، وبعد استقالتي، اتصل بي وعرض أن يزورني في موقعي الجديد، وفعل، وأثناء الزيارة، صرّح لي أنه يود الارتباط بي، ولكن بعد أن يحل مشكلة كبيرة في حياته، غير أنه رفض أن يكلمني عن المشكلة ونوعها، ولذلك حين سألني رأيي بخصوص الارتباط، رفضت أن أعطيه ردا إلا بعد أن يصارحني بنوع المشكلة، وفيما بعد علمت أنه خطب ابنة عمه قبل أربع سنوات، وهو يعلم أنها مريضة نفسيا بسبب انفصال والديها بالطلاق، ودفعته الشفقة عليها إلى خطبتها، علمًا بأن أهله لا يعرفون أنها تتلقى علاجا نفسيا عند الطبيب، وقد أخبره الطبيب أنه لو تخلى عنها، فسوف تتعرض لصدمة، وقد يشتد عليها المرض، الحقيقة أنني احترمته، واحترمت التزامه، وأدركت أنه لا يستطيع الارتباط بها أو التخلي عنها، إلا في حال رفضت هي الارتباط، وفيما بعد اعتذر لي رغم إحساسه بالارتياح لأنه صارحني، لم يكن أمامي سوى أن أقول له إن الله لا يظلم أحدا، ولو شاء أرسل لنا الفرج من عنده، وأخبرته بأن موقفي حَرِج، ولا أستطيع أن أتخذ قرارا، وفي الوقت الحالي أشعر بحيرة شديدة تستوجب استشارتك.
ابنتك أ.بابكر
عزيزتي من السهل أن تصنّفي هذا الشاب على أنه ذو خلق ودين، ولكن ألم تسألي نفسك هل يجوز لذي الخلق والدين أن يتسلل إلى قلبك من الباب الخلفي، وهو يعيش مشكلة تُحلّه من أي التزام اجتماعي نحوك؟ يتسرّب إلى شعورك ووجدانك على أنه طالب وصالك، ولكنه يضع شرطا ضمنيا هو ألا تطلبي منه أن يتحرر من خطبته لابنة عمه المريضة، لأنها قد تتعرض لصدمة قوية إن فعل، وبهذا يشعل إحساسك بأنه رجل مبادئ يحترم التزاماته، وتنسي أنه لو كان كذلك، لما انتظر حتى تصبحي بعيدة عن موقع العمل الذي جمعكما، ثم يأتيك ليعرض عليك ارتباطا لن يتم.
لو كنتِ ابنتي، لقلت لكِ ابتعدي عن تلك المشاكل وانتظري رجلا آخر على خلق ودين، يبحث عن زوجة بما يُرضي الله، لا تدّعي الغرور الكاذب يحملك على التنازل عن حقك، تمني له الخير وتمنيه لنفسك أيضا.
حين يُلوِّح أي شاب بكارت الارتباط، تظن الفتاة أنها وقعت منه موقعا حسنا، دون أن تنظر إلى الحقائق، الحقيقة هنا هو أن هذا الشاب ملتزم نحو أخرى، وعليه أن يحسم الأمر فيكمل المشوار الذي بدأه أو يفسخ الخِطبة، ثم إن مشكلة مرض خطيبته ليست مشكلتك، وليس عليك أن تتحملي وزرها، وظفي عقلك قبل أن تدفع بك العواطف نحو العواصف.
خطيبي أصغر مني
سيدتي أنا فتاة في السابعة والعشرين، تقدم لي خاطب يصغرني بعامين، ولكني لمست فيه عقلا راجحا، وأفكارا قريبة من أفكاري، وأعتقد أنه أحبني واقتنع بي حين قلت له إنني متخوفة من فارق العمر، وإنه قد يندم بعد الزواج، قال إنه متأكد من اختياره، والحقيقة أنني حائرة بين الرفض والقبول، فأنا مقتنعة به كإنسان، وقد صليت صلاة استخارة وشعرت بالارتياح، وشعرت بأنني أتمنى أن أتزوجه، ولكن خوفي لم يتبدد تماما، أخشى أن يعايرني مستقبلا بأنني أكبر منه، خاطبي له شقيق تزوج بامرأة تكبره بثلاث سنوات، وقد قال لي إن هذا الشقيق هو الوحيد الذي استقر في الزواج من بين كل أشقائه، وإنه لا توجد مشاكل بينه وبين زوجته تلك، أرجو أن تنصحيني.
الحائرة س
عزيزتي فارق عامين في العمر لا يهم، لأن كليكما في مقتبل الحياة، كنت أتمنى أن تذكري وطنك، لأن الثقافة المجتمعية تلعب دورا هاما في قضايا الزواج، لو كان خاطبك متفتحا وأهله متفتحين، والدليل أنهم قبلوا بزوجة الأخ التي تكبر زوجها، فإن فارق العامين لن يؤثر على علاقتك به، لو تحقق لكما الانسجام والتوافق بعد الزواج، المستقبل بيد الله، ولو كنت تتمتعين بصحة جيدة ومعنويات مرتفعة، تزوجي على بركة الله، وقومي بدور الزوجة على أكمل وجه، والله يرعاك.
التلميذة والأستاذ
سيدتي أنا فتاة في الثالثة والثلاثين، مشكلتي أن شخصين تقدّما لخطبتي، الأول إنسان على خلق ومستواه الاجتماعي مرموق، أما الثاني فهو أستاذي في معهد اللغات -حيثُ إنني أدرس لغة أوروبية في معهد خاص- وأعرف أن دخله أقل بكثير من دخل الأول، الحقيقة هي أنني أميل إلى الأستاذ، وتعجبني شخصيته، ويعجبني تفتحه وطموحه، أنا أيضا إنسانة طموحة أحب السفر، وأحب الملابس الأنيقة، وأدرك أن الأستاذ لا يمكن أن يحقق لي هذه المتطلبات، ولذلك أجد نفسي مترددة، فما نصيحتك؟ لك شكري وتقديري.
ف. بنطاهر
عزيزتي ترددك في قبول الأستاذ رغم إعجابك به، وتصورك بأن الحرمان من فرص السفر واللبس الأنيق، لن يجد قبولا تاما لديك، هما أدلة على أن إعجابك بأستاذ اللغة نابع من الموقف، وليس قائما على أساس متين، لو لم يكن معلمك وأنت تلميذته، لفقد الموقف الكثير من جاذبيته ورومانسيته، ولما وجدت صعوبة في رفض الخطبة، قلت إن الخاطب الأول على خلق وإن مستواه الاجتماعي يرضيك، فلماذا لا تمنحي نفسك فرصة للتعرف عليه كإنسان؟ تعرفي على أفكاره وتوجهاته، لعلك تجدين عنده ما يسر قلبك ويقنعك بقبول الخطبة، الزواج شركة مساهمة بين طرفين، ولابد أن تتوافر له مقومات الكفاءة والاستمرار، أتمنى لك التوفيق.
أحزان زوجة مغتربة
سيدتي أتمنى أن تساعديني، أنا سيدة متزوجة منذ عامين، ولي طفل أكْمَل عامه الأول، مشكلتي هي الروتين المُرّ، أنا مقيمة في أميركا في مدينة لا يوجد فيها إلا القليل من العرب، زوجي يُمضي أغلب الأوقات في العمل، إلى جانب أنه جاف في المعاملة وغير رومانسي على الإطلاق، هذا الجفاف ينعكس جفافا في تعاملي معه، أصبحنا نتشاجر على أتفه الأمور، لأنني في حالة نفسية صعبة، لا أعرف ماذا أفعل، وإضافة إلى ما تقدم، فإن زوجي يشرب الخمر أحيانا، وأنا لا أطيقه حين يشرب، وقد نصحته، ووعد بالإقلاع ولكنه لم يفعل.
كل الأمور اجتمعت بحيث إنني لا أعرف كيف أشغل وقتي، ولا كيف أتعامل مع زوجي، حتى إنني فكرت في الطلاق، ولكني أخاف من نظرة المجتمع، ومن ردة فعل أهلي، لا يوجد أحد يمكن أن أتحدث معه، وقد تعبت كثيرا وفقدت طعم السعادة، ماذا أفعل؟ أرجوكِ ساعديني.
الأميرة التائهة
عزيزتي المشكلة الكبرى في حياة الزوجة العربية، هي أنها تتصور أن زوجها بيده مفاتيح السعادة كلها، وأنه محصنٌ ضد الإحساس بالتوتر أو الوحدة أو الخوف، والحقيقة غير ذلك، فهو مثلك مغترب، ولعله يجرِّب الكثير من القلق في موقع عمل ليس به عرب، ولعله يشعر بنفس القدر من الوحدة مثلك؛ لأن التعامل بينكما جاف، ولا شك أن إحساسك بالتذمر، ينعكس عليك عبوسا وصمتا حين يعود من العمل بعد ساعات طوال، تغيبه عن البيت ربما يكون وسيلة للهرب من إحساسه بأنك غير سعيدة، وربما تكون ضغوطات العمل مفروضة عليه.
المرأة يا عزيزتي ليست وترا في آلة موسيقية تظل صماء إلى أن يتلقفها العازف، المرأة لها إرادة ولها وجدان، ولها وسائل دفاعية مستقلة، تعينها على الاستمرار، زوجك لن يرفض أن تتعرفي إلى بعض العوائل، ابحثي في دليل التليفون عن حضانة الأطفال وزوريها زيارة تفقدية، لعلك تلتقين بأم أو أمهات يصبحن صديقاتك، تسلحي بالقراءة عن تربية الأطفال وعن تاريخ المنطقة التي تقيمين بها، تعلمي اللغة إن أمكن، ما هي اهتماماتك؟ إن كانت اهتماماتك محصورة في تدبير المنزل، فتعلمي تلك المهارات، اذهبي إلى المكتبة المحلية لكي تعرفي أين تقام دورات تنسيق الزهور أو الخياطة أو صنع الحلوى، الدنيا مليئة بالفرص ومتى ما شعرت بأن قرارك بيدك، انعكس ذلك على سلوكك وعلى علاقتك بزوجك، إن تعامل معك بجفاف، اسأليه عن أحواله في العمل واروي له بعض الطرائف عن تطور طفلكما، فالطفل الأول مغامرة لا يجربها الوالدان إلا مرة واحدة، التقطي صورا بالكاميرا واعرضيها عليه، أعدي طعامه المفضل، فاجئيه بأنك اتصلت بوالدته للسؤال عنها، اخرجي إلى السوق واشتري له هدية صغيرة تشعره بأنك تفكرين في إرضائه، لا تفكري في الطلاق، لأن التفكير في الطلاق هو إفلاس دون محاولة لتحقيق أي أرباح!
من خزانة الذكريات
سيدتي أتابع كل ما تكتبين، ولذلك لجأت إليك، لأنني أشعر بالضياع، عمري 23 عاما، وكنت مخطوبة لشخص أحببته لمدة ست سنوات، مستواه المادي أقل من مستواي، لم تستمر الخطبة سوى شهرين، ثم فسخت بسبب خلافات بين أهلي وأهله على تجهيزات الزواج، ودهشت من سلبيته، لأنه ترك أهله يقررون كل شيء ولم يحاول رأب الصدع،
بعد عدة أشهر من فسخ الخطبة، تقدم لي خاطب جيد ورحب به أهلي، وضغطوا عليّ للقبول، كنت رافضة لأنني كنت أفكر بخطيبي الأول، حاولت الرفض، ولكن أهلي أقنعوني بأن الحب يأتي بعد الزواج، وافقت على الخطبة، ومرت عدة شهور وأنا مازلت أفكر في خطيبي الأول، طلبت أن أفسخ خطبتي، ولكن أهلي رفضوا، كنت أتمنى أن أحب خطيبي لأنه يستحق الحب، ولا أريد أن أجرح مشاعره أبدا، ولكن ما يخيفني، أن تظل أحاسيسي كما هي بعد الزواج، أن أكون زوجة تفكر بحب قديم، لقد تعبت من التفكير، أرجوكِ ساعديني.
عزيزتي لا شيء تغيَّر منذ فسخت خطبتك للأول، فهو مازال سلبيا ومازال مستواه المادي أقل من مستواك، فما سر تمسكك بوهم الحب؟ هل تحبينه حقا، أم أنك متمسكة بحبك له لأن حالة الحب تغريك؟
الحب فعلا يأتي بعد الزواج، ولكنه نوع آخر من الحب، فهو حب حقيقي من رحم الواقع لا الخيال الجامح، هذا النوع من الحب، يأتي من المشاركة والتفاعل اليومي الذي يختصر المسافة بين رجل وامرأة، كل منهما يصبح تدريجيا مصدر الارتياح والمتعة والاستقرار في حياة الآخر، الود يثمر ودا، والحنان يولد الحنان، إلى أن يسكن الزوج إلى زوجته وتسكن الزوجة إلى زوجها، هذا الحب يزيد مع الأيام ويصبح الخطيب الأول ذكرى في خزانة الذكريات.
ربنا يقول «لئن شكرتم لأزيدنكم»، وقد عوضك بدل الخطيب السلبي، بآخر طيب يُحبك ويتمنى رضاك، فاشكري النعمة وإلا ندمت.
ردود
محمد أحمدي – مصر
لا تنظر إلى الوراء، لا يمكن استرجاع ما فات من عشر سنوات، فلا أنت أنت، ولا الزمان هو الزمان.