يعني الكتابةَ التي تخاطبُ سنّاً معيّنة. ويختلفُ عن الأدب المطلق باختيارِ مواضيع تثيرُ اهتمامَ الناشئة، ثم اعتماد أسلوب جذّاب يشدُّهم ويدفعهم، بالتالي، إلى القراءة.
ولن أنسى اللغةَ الخاصّة بهذا النوع من الكتابة، وأهمية أن تكون لغةً واضحةً ومبسّطة، تُمكّنُ الطفل من القراءة بسهولة، فلا يصطدمُ بتعقيداتٍ تُحوّله عن مسارِ القَصّ، وترفع جدران المنع بينه وبين مجرى الكلمات.
بدأتُ بهذه المقدّمة لكي أَرويَ حكايتي مع هذا النوع من الأدب، ولماذا أقدمتُ، لبعض الوقت، على كتابةِ قصصٍ ورواياتٍ تخاطبُ الأطفالَ والفتيان.
كانت البدايةُ مع بدء الحرب في لبنان في العام 1975. وكان أولادي، آنذاك، في سنِّ الطفولة، يذهبون إلى المدرسة، ويتابعون، مثلَ رفاقهم، أخبارَ الحرب، ويسمعون مفرداتها. وعندما يرجعون إلى البيت، تُرافقهم أسئلتُهم الصعبة عمّا يجري، وعن معنى المصطلحات الخاصة بالقتال.
وكنتُ أُصغي، مع والدهم، إلى تلك الأسئلة، وأحسُّ بالعجزِ عن الردّ بأجوبةٍ تحافظُ على الصدق وتُشبعُ توقَهم إلى المعرفة.
ولكي أضعَ حدّاً لتلك الأسئلة، والإجابةِ عنها، صرتُ أطلبُ من الأولاد أن نجلس معاً، وأكتبُ لهم قصصاً مختلفة، وعن بشر خياليين، يعيشون برغدٍ وأمان. أو عن حيواناتٍ تسرحُ وتمرحُ في مرابضها وأجوائها الطبيعية.
وكنت أطلبُ منهم أن يقوموا برسم ما يتخيّلونه مُعَبِّراً عن مجرى أحداثِ كل قصة.
تلك الإنعطافةُ كانت مفيدة لي في الوقت ذاته، إذْ كنتُ قد توقّفت عن كتابةِ الرواية أو القصّة، أمامَ الحالة المفاجئة التي صدمتني، وجعلتْني أتساءلُ عن جدوى الكتابة.
وطال الصمتُ مدّةَ سنة، وجدتُني، بعدها، أبدأ كتابةَ روايةٍ للفتيان أهديتها إلى ولدِنا البكر، وكان في مثل سنّ بطلها.
عنوانُ الرواية «الباهرة» وتدورُ أحداثُها حول فتى يرثُ عن جدّه وصيّةً لكي يبحثَ عن زهرةٍ عجيبة، حتى إذا وجدَها، تغمرُهُ السعادةُ ورغْدُ العيش.
وتلك الرواية تخاطبُ سنَّ المراهقة، لغةً وأسلوباً، لكنها، أيضاً، تحمل بُعداً فلسفياً، إذْ تحثّ البطلَ على السعي والبحث في سبيل تحقيق المعرفة، وتجاوزِ كلّ العقبات.