الثرثرة تطيل عمرك!

أوضحت دراسة فرنسية حديثة أن متوسط عدد الكلمات التي تنطقها المرأة في اليوم الواحد، عشرون ألف كلمة، بينما لا يتجاوز عدد الكلمات التي ينطقها الرجل سبعة آلاف كلمة، وبالطبع فإن ما أتت به الدراسة من أن الثرثرة صفة المرأة، هو أمر متوقع، أما الشيء غير المتوقع الذي كشفت عنه الدراسة فهو أن للثرثرة بعض الفوائد، وربما تتسبب في بعض المشكلات.
إذا كانت التغيرات الاجتماعية والسياسية التي يعانيها العالم قد زادت من الضغوط النفسية ومن الإحساس بافتقاد الأمان، مما جعل المرأة تلجأ للتعبير عن حالتها النفسية بالثرثرة، فهناك سبب آخر ترجع إليه ثرثرة المرأة، وهو الجينات الوراثية، وهو ما يؤكده عدد من علماء النفس في جامعة هارفارد الأميركية، الذين أثبتوا أن الجينات تؤثر بنسبة 04 % في السيدة الثرثارة، وأن هناك سببًا آخر لثرثرة المرأة وهو نوع المعاملة التي تلقتها الفتاة، وطبيعة علاقتها بإخوتها المحيطين بها، ونوع التعليم الذي حصلت عليه، والخبرات التي تعرضت لها، والنمط الثقافي الذي عاشت فيه، والذي يتمثل إمَّا في حوار العقل أو الحوار العنيف الذي لا يتيح للآخر الحديث بحرية، كل ذلك يؤثر في المرأة إن كانت ثرثارة أم لا، وأيضًا فإنَّ تركيبة الجهاز النطقي للمرأة يتيح لها التحكم في طول وقصر الجملة واستمرار الحديث أو توقفه، وأيضًا تتحكم طبيعة عمل المرأة بشكل كبير في كونها ثرثارة أو غير ثرثارة.
وفي دراسة أجراها خبراء في مركز البحوث الاجتماعية البريطاني بجامعة أكسفورد، جاء فيها أن الثرثرة المحدودة مفيدة، إذ إنها تطيل العمر وتغذي الروح وتقلل من التوتر أو الكبت الذي يسبب الأمراض، كما لاحظ الخبراء أثناء إجراء الدراسة أن الثرثار نادرًا ما يتعرض لأمراض القلب أو الاضطرابات العصبية أو الاكتئاب؛ لأن الثرثرة تعد نوعًا من المشاركة والبوح بما يدور في الذهن والوجدان. وتوصلت الدراسة إلى أن النساء أطول عمرًا من الرجال بسبب ثرثرتهن.
وفي دراسة أميركية حديثة انتهى فيها اختصاصيو اللغة إلى أن المرأة الثرثارة تنجب أبناء أذكياء، وبرروا ذلك بأنه كلما سمع الأطفال الرضع كلمات أكثر، كانوا أسرع في التحدث؛ لأنهم في هذه السن الصغيرة تكون لديهم قدرة كبيرة على التقاط الكلمات.
وفي رأيي أن الثرثرة هي نوع من العلاج النفسي، ففيها تكشف الثرثارة – والثرثار – عن مكنون النفس؛ لأن الثرثرة عادة تتم بلا تفكير.. وفي أثنائها تكشف النفس عن أسرارها.. وبهذا البوح تتخلص الثرثارة من أعبائها النفسية.. خاصة والثرثرة تتم أمام أو مع الأصدقاء والحبايب، والعلاج النفسي الذي يقوم على التحليل لا يفعل أكثر ما تقوم به الثرثرة من بوح.. فالمحلل النفسي يطلب من المريض التمدد أمامه، وأن يتحدث ويطلق للسانه العنان ويتحدث كما يشاء.. وهذا ما تفعله الثرثارة أو الثرثار.. إنه علاج نفسي اجتماعي.. المهم أن يوجد مستمعون.. وأن تكون الثرثرة تهدف إلى اتفاق أو تصالح.. وثرثري ولا يهمك.
والمهم أن تجدي من يسمعك.. فليس معقولاً أن تثرثري في الفضاء.. أو بلا مستمعين.. تمامًا كالمطرب الذي يحتاج إلى مستمعين لسماعه.. فهو لا يغني في الفراغ أو لا يغني لنفسه.. أو على نفسه.. فإذا كان عندك من يسمعك – خاصة زوجك – ففضفضي وثرثري كما تشائين!!


أشياء أخرى:
«الحكيم: من يتعلم من الآخرين»