لم أكن أدرك أن للرجل مرحلةً حرجةً يمر بها، وأنه يعاني من سن اليأس وأن هذا الخبر حقيقة وليس من وحي الخيال، نعم لقد أكد الأطباء المختصون ذلك، وهى مرحلة تبدأ غالبًا بعد بلوغ الرجل لسن الأربعين فما فوق، وتقول الدراسة: يُصاب الرجل بانخفاض نسبي وتدريجي لهرمون التستوستيرون، وإذا شعر بالتغييرات الفيزيائية التي تطرأ عليه؛ فقد ينجح في المحافظة على لياقته، ولكن من الصعب أن يتحكم في أعراض التقدم في العمر، مثل تغير لون الشعر أو سقوطه أو ضعف وزيادة الوزن أو ظهور التجاعيد وانخفاض في معدل الحالة الجنسية، وما يساعد على ظهور هذه المرحلة بصورة واضحة إذا كان الرجل لا يتوافق ثقافيًّا واجتماعيًّا وفكريًّا مع زوجته، أو كان يعاني من خلل في علاقته مع أبنائه أو عندما يشعر بأنه لم يحقق كل أحلامه وما كان يتمناه، وأنه لم يأخذ حقه من السنوات الماضية من عمره.
فقد ثبت علميًّا أن للرجل مرحلة منتصف العمر مثل المرأة مع الفارق في المظاهر والأعراض؛ فبعض الرجال قد يتسم بعدم التوازن وكثرة الشرود وأحلام اليقظة وسخط وملل من حياته والرغبة في القيام بشيء غير مألوف، وتسيطر عليه فكرة العودة إلى الماضي بصفة عامة وإلى مراهقته بصفة خاصة؛ فينجذب نحو الفتيات الصغيرات رافضًا تقبل فكرة تقدمه في السن، ويريد أن يثبت أنه لا يزال يتمتع بالصحة والشباب، فيعيش مراهقة متأخرة توقظ مشاعره الخامدة وأحاسيسه المكبوتة، وقد تدفعه هذه المشاعر الجديدة إلى التمرد على وضعه والتحلل من التزاماته الأسرية.
وهذا النموذج من الرجال يفتعل في تعامله الرقة والحنان، ويظهر شهامته ونبله وقت الأزمات ليستحوذ على إعجاب منْ حوله من النساء طبعًا خارج إطار منزله، ولا يدرك أنه يفتقد النضج؛ فهو يحاول أن يُجدد شبابه من خلال التمرد على الشعر الأبيض، ويتمسك بالطابع الشبابي في مظهره وملبسه وحتى نوع سيارته، ويحاول أن يجدد مشاعره ويبحث عن امرأة أخرى أو زوجة ثانية صغيرة يشعر معها بأنه مرغوب، وتشعر هي بالانبهار بحديثه ونجاحاته وخبراته في الحياة.
ولابد من الاعتراف بأن هذه المرحلة آتية لا محالة على مستوى التغيرات الجسمية، ولكنها قد تتجاوز النفسية لو حقق الرجل ذاته بشكل ناجح، وعليه أن يعترف في البداية أنه قد كبُر وأصبح في سن النضج، الذي يتطلب منه الكثير من المسئوليات تجاه زوجته وأولاده، وليس الفرار منهم؛ فهي مرحلة خطرة على الحياة الزوجية لو لم يتداركها الطرفان.
أنين الحياة
مع الأسف أن انخفاض قدرة الرجل الجنسية دائمًا ما يُرجعه لزوجته على أساس أنها السبب وراء ذلك، وأنها لم تعد تثيره وأصبحت مملة غارقة في حياتها الروتينية من عمل وبيت وأولاد، وبأنها لم تعد تهتم به، ويبدأ في البحث عن فتاة صغيرة لتُعيد له شبابه دون أن يعترف بأنه يتقدم به العمر، وتحدث كل هذه الأعراض بشكل طبيعي ولكنه دائمًا ما يظلم الزوجة.
«د.هبة قطب»