في الماضي كانت الغيرة محدودة، كانت غيرة على المحبوبة من قلائل حولنا، الآن صرت أغار عليك من كل شيء، فإذا لمست زهرية تمنيت لو كنت من فخار أو بللور؛ لأنال أنا وحدي لمستك الحنون. إذا نظرتِ للسماء الزرقاء مبتسمة لصفوها غرت من السماء الزرقاء، وقلت آه لو كانت هذه البسمة لي وحدي.
أما الرجال فبالطبع أغار عليك منهم بشدة، ومن النساء أغار، حين تتهامسين مع إحداهن، فأود لو كان هذا القرب مني، وهذا الهمس لي.. حتى الأطفال، صغارهم وكبارهم، يثيرون غيرتي عليك. إن القبلة التي تطبعها وردة شفتيك على خد ذلك الغلام أو الرضيع أو تلك الصبية، تثير استيائي كما لو كانت قبلة لأحد الرجال الطوال العراض ذوي الشوارب واللحى.
نبئيني: هل أنت أجمل الأشياء؛ أم أنا أكثر الرجال طمعًا وأشد البخلاء المضنين جشعًا؟ أم أن حبي لك زاد فعلًا فطما فاكتسح، طوفانًا يجرف كل شيء أمامه، وأولها عقلي؟
ربما كنت طفلاً أغار عليك كما يغار الولد على أمه، لا بل أكثر من هذا مثل أبٍ يغار على ابنته التي صارت عروسًا من الرجل الذي جاء ليخطفها، وأنا ولد مراهق يعاني من جنون الحب الأول، وعجوز يرتعش قلبه بآخر حب ممكن أن يمنحه كيانه الذابل. وفوق كل هذا هو حب الهوى، الحب الذي ليس فيه اختيار، ولا يعترف بشيء غير نفسه.
وقبل كل هذا هو حب النضج والعقل والحكمة. فأنا اختارك عقلي في نفس الوقت الذي خفق فيه قلبي لك.
اخترتك؛ لتكوني شريكة حياتي، حتى آخر نفس.
أحب أن أحبك حبًا هادئًا، ونحن جالسان أمام التلفاز نضحك من ممثل أو موقف خفيف الظل، أو نلعن الشرير الذي قتل الجميلة، ونحن نختلف في السياسة أمام برامج الأحداث، ونحن ساكنان معًا والتلفاز نام.
حتى غيرتي المجنونة أحبها؛ لأنها مرتبطة بك.
وأنت تعلمين أني لست مجنونًا في قرارة أمري، وأني أحترمك وأثق بك. لكن الحب العميق، والهوى العارم، حين يقترنان بحب المليكة يصنعان هذه الغيرة المهووسة.
تبتسمين. تعلمين أني بعد خمس دقائق سأنسى الأمر. سأكتشف على التو أنك حقًا لي.. وحدي.
كل ابتسامك لغيري عابر، قبلتك لابن الجيران لا تعني أني لست طفلك الوحيد. همستك في أذان صديقتك المصحوبة بضحك متواطئ هي في الغالب كلام عني، عن الشيء الذي منحناه أحدنا للآخر: الحياة.
أنت لست شريكة حياتي. أنت حياتي. إذا اختفيت لا شيء يتبقى. وإذا ابتسمت فكل شيء يبتسم. وإذا مرضتِ يفترس الداء قلبي وعقلي.
بارك الله فيكِ أيتها الحبيبة الفاضلة، العاقلة، وشفاني الله من غيرة أعترف بأنها حمقاء.. ولكن لا حيلة لي.
حين أنظر في عينيك أحس أني أسبح في ملكوت وحدي، يقلقني أي إزعاج لخصوصية وجودي معك. كل شيء حولنا يضعف تركيزي فيكِ.
وما دمت لم أضرب أحدًا أو أعاتب أحدًا، غيرة عليك، فلا بأس من بعض الغيظ الذي يثير ضحكك، ثم ضحكي معك.
إن كل شيء له علاقة بك جميل حتى الغيرة