بدأ الأمر كلعبة. زينب وأسماء، التوأمان المتماثلان اللتان يعجز معظم أقاربهما على التفريق بينهما، تعودتا على انتحال شخصية بعضهما للعب المقالب والضحك من المفارقات التي يسببها اختلاطهما في عيون الناس.
إلا أنهما كبرتا وأنهيتا تعليمهما، وصار من اللازم أن تفكرا بجدية في مستقبلهما، وتعثرا على عمل يدرّ عليهما دخلاً. لم تكونا متعجلتين، لكن ظروف الأسرة لم تكن تسمح بالمماطلة كثيرًا.
قبلت زينب بوظيفة مكتبية صغيرة في الميناء، ورفضت أسماء التي كانت تحلم بوضع أفضل أن تضيع شهادتها في مكتب عفن.
كانتا، ككثير من التوائم المتماثلة، متطابقتين في الشكل والملامح، مختلفتين في العمق.
لم تكن زينب تكترث كثيرًا بجمالها. كانت تفكر في وضع عائلتها، وتتعجل اليوم الذي ستعفي فيه والدها من حمله الثقيل، وتحقق للأسرة كل ما تتمناه.
أسماء، على العكس، لم تكن مستعدة أبدًا للتضحية بما حباها الله به من حسن لافت من أجل أي كان. أرادت أن تعمل في الإعلانات، أن تصبح ممثلة، أن تعرض مفاتنها على الناس وتكسب الملايين.
جاءت الفرصة، ولكن ليس لها. أبدى رجل أعمال شاب اهتمامه الشديد بزينب. لفتت انتباهه أثناء تردده على الميناء لمراقبة تجارته، وذهب إليها. تحدثا، وكلمت زينب أختها عنه. وأرادت هذه أن تتعرف إليه.
اقترحت على أختها أن تعودا للعبتهما القديمة، تنتحل شخصية زينب، وترى العريس، وتكلمه، لتتحقق من صدق نيته.
مانعت زينب في البداية، لكن رغبة أختها طغت كما كان يحدث عندما كانتا تلعبان. ذهبت أسماء لمقابلة رجل الأعمال، وانبهرت به. شاب في وسامته ورقيه لا يستحق معفونة كزينب فعقدت العزم على أن تفوز بالعريس رغمًا عن أنف أختها. استمرت في اللعبة، واحتجت زينب، وهددتها أختها بأنها ستخبر الرجل بما يحدث، وتدّعي بأنها هي من ضغط عليها لتنتحل شخصية أختها وترى «إن كان الرجل يستحق عناء المغامرة». ارتعبت زينب، وواصلت أسماء لقاءاتها بالشاب الذي أغرم بها حتى الجنون.
انهالت الهدايا على أسماء، وعرّفها الرجل على العالم الذي كانت تحلم به؛ ولم يعد سوى حجر قد تتعثر به وتسقط للقاع، إن لم تتخلص منه قبل فوات الأوان.
أختها عالجت الأمر دون تفكير. وضعت سم فئران في كوب الحليب لزينب.
التي لفظت زينب أنفاسها في طريقها إلى المستشفى. تحرّى الأمن، وانكشف كل شيء. ولم تنبس أسماء بكلمة.
لم تدرك ما قامت به إلا بعد أن رحلت زينب. كيف تعيش وقد فقدت نصفها الثاني؟ مع من تتحدث؟ من يحضنها؟ من يتستر على زلاتها، ويصلح أخطاءها؟ جاء العريس، وفهم القصة، ورحل هو الآخر.
بينما كانت أسماء في طريقها إلى مستشفى للأمراض العقلية.