لماذا تغادر وأنت معي، لماذا تجعلني أبحث عنك رغم أنك أمامي. أين أنت، بل أين ما كان؟ أشعر أن هناك بدايات تباعد، وأنا أخشى النتائج. الصمت أصبح يسيطر على حديثنا. وكلمات العتب تحتل مساحات صمتنا. أشعر أن المكان يجمعنا، ولكن مسافة تفصلنا. لست هنا للوم والشكوى، ولكنني أحرص على هذا الحلم الحقيقة. من الحماقة أن أترك الصرح الجميل لينهار، وهو كل أملك.
أصعب الأحاسيس حينما أشعر أن هناك كلمات نتحاشى طرحها، وقضايا نتهرب من إثارتها. تتسلل السياسة إلى علاقتنا، فإما أننا لم نعد نحن، أو أن المشاعر ارتدت قناعها. أحتاج إليك شخصا يفهمني، يملأ عليَ حياتي. يستوعب تمردي، جنوني، تقلبي، وهدوئي. يكون المحيط الكبير وأكون الموج الصغير، يكون اللغة باتساعها وأكون المفردة بحدودها. يا كيانا هزّ كل مفاهيمي وأعادني بهمسة إلى الصفوف الأولى من الدراسة، أتعلم أبجديات الحياة.
حياتي لم تعد كما كانت، ولن تكون. كيف وأنت أصبحت محورها، وما عداك هوامش. إطار كبير يحيط باللوحة الأجمل. أنت أجمل احتلال، فكل المقاومات التي تخيلتها سقطت على يديك. أصبحت أجدك في كل تفاصيل حياتي. بل حتى في المساحات الخاصة ما بين ذاتي وأنا، ما بين الفكرة وبداياتها. عالم خاص جدا، لم يعد ملكي وحدي. لكنه القدر العجيب الذي يجعل محتلا يحتفل باحتلاله!.
معك أحارب كل الظنون، وأتولى دور الدفاع والمحامي. أحاول أن أجد لك كل المبررات. لأنه من الظلم أن نغتال أجمل ما قدمته لنا الحياة. ولأنني أدرك أن الزمن ليس دائما كريما، وأن الحياة لا تجود دائما بالأوفياء. أتغاضى عن السلبيات من أجل غد أجمل، ومستقبل نرسمه سويا. لكن المبادرات من طرف واحد جهد ضائع، بل وأحيانا ظلم جائر.
أحتاجك من أجل الفرح الذي يتربص بنا، والسعادة التي تختبىء في كل تفاصيل أيامنا المقبلة. دعنا نكمل مسيرتنا معا من أجل الأيام الجميلة التي لم تملّ، وهي بلهفة الشوق تنتظرنا.
اليوم الثامن:
...الهروب منك صعب
والركض إليك أصعب.