عندما تقع المرأة في الحب، تعطي بلا حدود، دون انتظار المقابل، الذي تعلم جيدًا أنه قادم، لكن الوقت الذي تدرك فيه المرأة أنها تعطي بلا حدود دون أقل بادرة من الامتنان، ودون أمل في العطاء المقابل، فإن شعورًا بلوم حبيبها ينمو بداخلها، نتيجة إحساسها بعدم العدالة، وبأنها تعطي أكثر كثيرًا مما تتلقى.
تعلم المرأة التي تعطي بلا حدود، أن لها يدًا في المشاكل التي تحدث بينها وبين حبيبها، وذلك لأنها ساعدت على تعود الطرف الآخر على التلقي فقط، كذلك الرجل الذي يعطي أقل، عليه ألا يلوم حبيبته على مشاعرها السلبية تجاهه، وعدم تجاوبها معه، ولأن لكل فعل رد فعل، فإن لفعل الإسراف في العطاء، وكذلك لفعل الإقلال منه، رد فعل، يظهر على شكل مشاعر اللوم التي لن تفيد في شيء، بل تزيد الأمر سوءًا.
في رأي الدكتور «جون جراي»، مؤلف كتاب «الرجل من المريخ والمرأة من الزهرة»، أن لوم الحبيب ليس هو الحل الذي يعيد علاقة الحب إلى سابق عهدها، ولكن الحل في التفاهم والثقة والتعاطف وتقبل الآخر كما هو، ومحاولة دعمه في وقت الحاجة دون أقل محاولة لتغييره.
وينصح الدكتور «جراي» الرجل الذي يشعر باستياء وضيق شريكته، بأنه يتعين عليه أن يبدي تعاطفا معها، ويقدم لها الدعم دون انتظار أن يُطلب منه، كما يتعين عليه أيضا في مواجهة ضيق المرأة واستيائها، أن يُنصت إليها باهتمام، مهما وجهت له من لوم أو انتقاد، وأن يحنو عليها حتى تثق به وتفصح له عن أسباب ضيقها.
من ناحية أخرى، يتوجب على المرأة أن تغفر أخطاء حبيبها، خاصة إذا كانت توجه له اللوم على عطائه القليل، وأيضا عندما يخيب ظنها فيه، ولا تجد ما كانت تتوقعه منه، والمرأة عليها أن تشجع الرجل لكي يعطي أكثر، من خلال دعمه، ووقوفها إلى جانبه دون أن يتملكها اليأس.
تحتاج المرأة إلى أن تعرف حدود عطائها؛ حتى لا تشعر بالاستياء تجاه شريكها، وحتى لا تلقي عليه باللوم والعقاب.
وعلى المرأة ألا تتوقع نتيجة التعادل في مباراة الأخذ والعطاء بينها وبين رجلها، كذلك يتعين عليها أن تحافظ على ضبط كفتي الميزان من خلال ضبط مقدار عطائها، وإذا كان من الضروري أن تضع المرأة حدودا للعطاء في علاقتها بزوجها، فمن الضروري أيضا أن يتعلم الرجل كيف يحترم هذه الحدود.
كما يجب أن يدرك الرجل والمرأة أنهما غير معصومين من الخطأ، وأن حياتهما معا لا تسير وفق مقاييس محدودة، وأنهما يتعاملان معا تحت مظلة العلاقات والمشاعر الإنسانية، التي لا تحتمل ارتكاب الخطأ من جانب أحدهما، وتوافر صفة التسامح من الآخر.
باحترام الرجل فكرة وضع حدود للبذل والعطاء، يصبح لديه الحافز لكي يعطي أكثر؛ لأن تلك الحدود تجعله ينظر إلى تصرفاته وسلوكياته تجاه امرأته، ويكون مستعدا لإحداث تغيير فيها، الشيء نفسه يحدث بالنسبة للمرأة عندما تدرك أن عليها أن تضع حدودا لعطائها، حتى يمكنها أن تتلقى المقابل، تكون مستعدة هي أيضا لاكتشاف طرق جديدة يمكن من خلالها تلقي تعاطفه معها، بعد أن تكون قد شجعته على بذل المزيد من العطاء.
في العادة تخشى المرأة طلب الكثير من الرجل، حتى لا تُحبط إذا ما رفض طلبا لها، وحتى لا يلقي عليها بالتهم والأحكام التي يكون وقعها عليها شديد القسوة، لما قد تستشعره من أنها غير جديرة بعطاء الرجل، وما قد ينجم عن ذلك من قيامها بكبت مشاعرها ورغباتها، وحتى احتياجاتها.
وإذا كان الرجل في العادة يشتعل حماسا عند شعوره بأن امرأة في احتياج إليه، فإن المرأة عندما تكبت احتياجاتها، وتكف عن طلب أي شيء من الرجل، يستشعر هو بالإحباط، وتنطفئ جذوة مشاعره في العطاء، وأن المرأة في حاجة أيضا إلى أن تثق بأنها يمكنها أن تطلب ما تريد من الرجل.
الحب إذن أخذ وعطاء... ويهتز الحب، وربما ينهار، إذا أعطى أحد الطرفين بلا حدود... ولم يعط الآخر ما يساوي هذا العطاء.. على المرأة أن توازن بين ما تعطي وما تأخذ... وألا تتجاوز الحدود في الحالين؛ حتى لا يختل ميزان الأخذ والعطاء، ويختل بالتالي ميزان الحب.
أشياء أخرى:
«تحب النساء ما يسمعن،
ويحب الرجال ما يرون».