وحش بشري!

تردت كثيراً في طرح هذا الموضوع لأنَّه مثير للاشمئزاز، ويعتبر من القضايا الكامنة كبركان خامد حتى لو كانت النسبة بسيطة إلا أنَّها موجودة، ولا يمكن تجاهلها فهي أخطر مما نظن، ولقد استخرت الله وقررت أن أكتب عنها، فلن أظل كالمتفرجة، أسمع عن مثل هذه الجريمة وأتألم وأحزن من دون أن أتكلم. وهناك من يعيش خلف جدار الصمت لا يعلم بهم سوى خالقهم.

 

يا ساده إنَّ الطبيعة لها قوانينها التي تحكمها، وأي خروج عن نظامها يكون بأسباب منطقيَّة، فهناك حقائق ثابتة وقانون ثابت ونظام لا يتغير، وهو ما شرعه الله وما بينه من الحلال والحرام، فسره لنا وجعله سبحانه في يده يدير به حركة الكون وبالتالي لا نصدق أي تجاوز مع هذه التشريعات والقوانين، فالليل والنهار والشمس والقمر تعمل بنظام رباني، أما القوانين التي تحكم السلوك الإنساني فتركت لاختياره المبني على إرادته، فهو مخير وليس مسيراً فيها ولو صدر سلوك خارج عن نطاق المألوف والطبيعة نعتبره سلوكاً شاذاً، وهو يصدر من أناس ليس لديهم الوازع الديني، فلا يوجد أي سبب أو مبرر يدفع أي شاب أو والد ـ والعياذ بالله ـ أن يفترس أو يتحرَّش بأخته أو أبنته أو بزوجة ابنه أو أخت زوجته أو بعمته أو خالته أو أم زوجته أو بنت زوجته مهما حدث، لأنَّ من يفعل ذلك لا يعبر عن الطبيعة البشريَّة بأي حال من الأحوال، فهو وحش بشري بلا قلب ولا ضمير، فمن يفعل هذا الفعل المشين تجرد من كلمة إنسان، ويكون الشيطان حليفه ومتلبسة، وعندما نرى أو نسمع عن مثل هذه التصرفات لا نريد أن نصدق ونصاب بالصدمة والحزن، لأننا نرفض أي تفسيرات وأي مبررات، ونقول بالتأكيد بأنَّ هناك خللاً في عقله جعله غير إنساني، فمن يقوم بذلك فهو إما فاقد العقل أو مدمن، وبالتأكيد أنَّ من أهم الأسباب البعد عن الله عز وجل، وتعاطي المخدرات.

 

 إنَّه سلوك شيطاني يعشش في تلك البيوت التي ترتكب فيها مثل هذه الجريمة، إنَّه لا يسكن في البيوت فقط، بل في النفوس والقلوب والعقول والضلوع والوجدان والضمير. فغياب الوازع الديني هو السبب الأساسي والرئيسي لظهور هذه الكارثة، ومرتكبها بعيد تماماً عن الدين وعن الله وعن تصرفات الإنسان السوي، فهو كائن تغلبت بداخله الدوافع على الموانع، وتغلبت شهواته على إيمانه وإنسانيته، فأي صدمة أكبر من ذلك، وأي جريمة أبشع من ذلك، وأي تدنٍ في الأخلاق والبعد عن الله والشريعة أكثر من ذلك. إنَّ الله سبحانه يغار على محارمه إذا انتهكت، وزنا المحارم أعظم إثما وجرماً، إنَّها فاحشة عظيمة وعلينا أن نواجه مثل هذه الحالات حتى تتمكن الجهات المعنيَّة من مناقشتها لمعرفة أسبابها ووضع العلاج والقضاء عليها.