على مدار 7 شهور تداولت خلالها محكمة جنايات القاهرة أشهر قضايا العام، مقتل الفنانة سوزان تميم في دبي، أصدرت المحكمة حكمها بتحويل أوراق المتهمين إلى فضيلة المفتي، بعد تلاوة حكم الإعدام بحقهما، وهو الحكم الذي لم يكن متوقعاً لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، أو لأفراد عائلته، وربما للرأي العام المتابع لتفاصيل القضية، لكون أحد أطرافها شخصية عامة شهيرة.
«سيدتي» رصدت وقائع وتفاصيل
الجلسة، وكواليسها منذ الساعات الأولى من تاريخ الجلسة التي جرت في 12-5-9002، وأسرار
انهيار عائلتي المتهمين داخل المحكمة.
البداية كانت مفاجأة غير مسبوقة، إذ أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها في قضية مقتل سوزان تميم بإحالة أوراق المتهمين محسن السكري الموجّهة إليه تهمة القتل، وهشام طلعت مصطفى المتهم بالتحريض، إلى فضيلة المفتي. وفي جلسة لم تستمر أكثر من دقيقتين، قرر المستشار محمدي قنصوه رئيس محكمة جنايات القاهرة تحديد جلسة 25 يونيو للنطق بالحكم، رغم أن كل التوقعات كانت تشير إلى صدور حكم مخفف بحقّ هشام طلعت لن يتجاوز الحكم بالسجن 15 سنة، حسب ما أكده بعض القانونيين، مستبعدين تماماً عقوبة الإعدام.
أحداث مثيرة
شهدت نهاية الجلسة أحداثاً مثيرة على عكس بدايتها الهادئة، حيث انهار السكري وهشام طلعت بعد صدور الحكم ضدهما، وسقطا مغشياً عليهما داخل قفص الإتهام، وسارعت أسرة هشام إلى إقامة حاجز بشري حول محبسه لمنع وسائل الإعلام من تصويره وهو في هذه الحالة، واشتبك الأقارب مع الصحفيين، ما دفع بأجهزة الأمن إلى إخلاء القاعة في خلال خمس دقائق، رغم أنها كانت تضمّ أكثر من 500 شخص.
بدأت وقائع الجلسة مبكراً قبل النطق بالحكم، حيث توقفت سيارة الترحيلات أمام مبنى المحكمة في السادسة والنصف صباحاً، رغم أن الجلسة كانت في التاسعة، وتمّ إخراج محسن السكري تحت حراسة مشدّدة والتوجّه به إلى قفص الإتهام. وأقامت الحراسة حاجزاً أمنياً حوله لمنع وصول الصحفيين إليه. وبعد ربع ساعة وصلت سيارة ترحيلات أخرى وعلى متنها هشام طلعت، وتمّ إدخاله القفص فوراً، وحرص أقاربه على إخفائه عن العيون برفع أيديهم ووقوفهم في وجه المصوّرين. أما السكري فقد بدا عليه القلق الشديد وكأنه ينتظر الإعدام، وهذا كان واضحاً من خلال تحركه المستمر وراء القضبان.
سيناريو الجلسة
رسم المستشار محمدي قنصوه سيناريو الجلسة قبل أن يجلس على المنصة، وأعطى تعليماته بتكثيف الحراسة على مداخل القاعة لحظة دخول المتهمين وخروجهم، وأكد أنه سيدخل القاعة في التاسعة صباحاً، وستنتهي الجلسة في دقيقتين فقط. وبالفعل، تمّ تنفيذ هذا السيناريو رغم مواجهة أجهزة الأمن صعوبة شديدة في إسكات أصوات مئات الإعلاميين الذين تواجدوا في القاعة، وجاء صوت رئيس المحكمة قوياً وهو ينطق بالحكم، خاصة عند قرار إحالة أوراق المتهمين إلى المفتي. وقد أصاب الذهول هشام طلعت مصطفى، وشقيقته، وعمّه في حين غابت زوجته عن حضور الجلسة.
غياب محامي هشام طلعت
فوجئ الجميع بعدم حضور فريد الديب محامي هشام لهذه الجلسة، في الوقت الذي حضر فيه عاطف وأنيس المناوي محاميا محسن السكري قبل بدايتها بدقائق، وكانت الثقة بادية على وجهيهما، وأكدا للصحفيين أنهما مطمئنان إلى نتيجة القضية.
ماذا قال لمنى الشاذلي؟!
فوجئ الجميع بهشام طلعت مصطفى وهو يشير نحو المذيعة منى الشاذلي، مذيعة برنامج «العاشرة مساءً»، التي كانت تجلس في نهاية صف المقاعد المواجه للقفص، بعد أن حضرت في الخامسة صباحاً إلى المحكمة، فهرولت تجاهه دون كاميرات (ويبدو أن هذا كان شرط هشام)، ودار بينهما حديث استمر عشر دقائق، وبدا وكأن هشام يدافع عن نفسه، وينقل لمنى الشاذلي وجهة نظره في الإتهامات التي وجهت إليه من المحكمة، وعادت لتجلس في مكانها. وبعد دقائق، إقتربت من قفص محسن السكري، ودار بينهما حوار استمر قرابة 15 دقيقة، دون تسجيل، وبدا محسن منفعلاً وهو يتحدث مع منى الشاذلي قبل أن يشير إليها أفراد حرس المحكمة بضرورة العودة إلى مكانها بعد دخول المستشارين إلى قاعة المحكمة. ويبقى تساؤل عمّا دار بين الإعلامية منى الشاذلي والمتهمين؟ وهل كانا يطلبان إليها أن تستضيفهما في برنامجها ليوضحا وجهة نظرهما، خاصة وأن الأمل كان كبيراً في الحصول على حكم مخفف أو البراءة؟ وقد حاولت «سيدتي» من جانبها الإتصال بالإعلامية منى الشاذلي لاستيضاح ما دار بينهما، لكن دون جدوى.
واثق من البراءة
أكد المحامي فريد الديب لـ «سيدتي» أنه واثق من براءة محسن السكري، وأنه لم يقتل سوزان تميم، وهذا يؤكد أن هشام أيضاً بريء. وأوضح الديب أن الجولة الثانية في النقض سوف تشهد تقديمه لكافة المستندات التي تثبت براءة هشام، وتبيّن ثغرات القضية. كما أوضح أنه ينتظر أن تضع المحكمة حيثيات الحكم حتى يتمكّن من إعداد أوراقه، والتي سيدخل بها الجولة الثانية والنهائية في محكمة النقض، مشيراً إلى أن درجات التقاضي ـ وكذلك المرافعة ـ متعدّدة، وأن لديه أوراقًاً كثيرة سوف يكشفها أمام القضاء، وإن شاء الله سيحصل بها على البراءة حسب قوله.
في محكمة النقض
ومن جانبه، أكد المستشار محمد أنور أبو سحلي، رئيس محكمة جنايات بنها، أن هناك فرصة كبيرة للمتهمين أمام محكمة النقض، التي من الممكن أن تتصدى للقضية خلال عدة شهور، أو أن تحال القضية إلى دائرة أخرى للمحاكمة من جديد لتخفيف الحكم. ومعروف أن محكمة الجنايات درجة هامة في التقاضي وصدور الأحكام. غير أنه في حالة الحكم بالإعدام تصبح الكلمة الأخيرة لمحكمة النقض، وكثير من القضايا الهامة والحساسة، كانت قد حصلت على أحكام بالإعدام ثم جاءت محكمة النقض وخففت الحكم، أو أعطت براءة، أو أيّدته. وعليه، فإن ما صدر من حكم نستطيع أن نقول إنه ليس الكلمة الأخيرة في هذه القضية، ومن حق المتهم أن يطعن في الحكم خلال 60 يوماً من النطق به.