إنه عمر الشريف. لا يمكن وصفه بأكثر من ذلك، ليس بالطبع لعدم وجود ألقاب مناسبة له بل بسبب كثرتها؛ فهو واحد من الممثلين القلائل في أفريقيا والوطن العربي الذين استطاعوا كسر حاجز العالمية بظهوره في عدة أفلام عالمية، بفضل نشاطه السينمائي الذي استمرّ من خلاله متنقّلاً أعواماً ما بين أوروبا وأميركا، أيضاً هو واحد ممّن اقتربوا من الحصول على جائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم "لورانس العرب"، وحصد أيضاً جائزتي "غولدن غلوب". مؤخراً، بدأ عرض فيلمه "المسافر" بعد سلسلة من التأجيلات دامت لمدة عامين. "سيدتي" التقته في مقر إقامته في أحد فنادق القاهرة في حوار صريح يكشف مدى شفافيته.
* لم تحضر العرض الخاص لفيلم "المسافر" في مصر، وتردّد أنك غير راضٍ عنه، فما هو رأيك؟
أستطيع أن أصف الفيلم بأنه فيلم "زبالة"، وكرّرت هذا الكلام مرات كثيرة، وأخبرت فاروق حسني وزير الثقافة وقتها، أن الفيلم لا يرقى لمستوى عرضه على الجمهور.
* إذاً، لماذا قبلت الاشتراك في بطولته طالما أن رأيك فيه أنه سيّئ لهذه الدرجة؟
لم أعرف أنه بهذا السوء. فقد أدّيت الجزء الخاص بي بشكل جيد على ما أتصوّر. لكني فوجئت بعد ذلك بما قدّمه باقي الممثلين المشاركين فيه، وكنت أتصوّر أن الوزير سيستجيب لطلبي ويمنع عرض الفيلم في مصر لكنه لم يحدث. وفوجئت به يعرض في مصر. لم أحزن كثيراً. فقد كان ما كان. وليس باليد حيلة. فأنا ممثل في الفيلم ولست منتجه لأمنع عرضه.
* أتشعر بالندم نتيجة اشتراكك في الفيلم، خاصة مع بدء عرضه في مصر؟
كان الحال أفضل مع عدم عرض الفيلم، وشعرت ببعض الضيق مع بداية عرضه هنا، لكن في النهاية الفيلم تجربة ومرّت. وأنا عموماً، لا أفكّر فيما مضى، لأنه انتهى، وكذلك الحال مع المستقبل الذي لم يأتِ بعد، المهم بالنسبة إليّ ما أعيشه في اللحظة الحالية، والبلد الذي أعيش فيه والذي أحبه أكثر من كل البلاد التي عشت فيها.
لا أمتلك سيارة
* لكنك قضيت وقتاً طويلاً خارج مصر، وقدّمت أفلاماً هامة وخالطت نجوماً عالميين ، كيف ترى مصر بعد كل هذه الأسفار؟
أرى فيها أصدقاء كثيرين يحبونني منتشرين في مصر كلها، وخلال كل هذه الأسفار كنت أشعر أنني ضيف على كل هذه البلاد، وسأعود بالتأكيد إلى منزلي مصر. ومنذ عودتي، لم أنقطع عن التأمّل وسماع حكايات سائقي التاكسي. فهم يحكون لي دائماً عن كل التفاصيل التي أفتقدها ولا أجدها سوى عندهم. فأنا لا أمتلك سيارة ولا أحب القيادة، وأفضّل أن أستقلّ تاكسي، لأنه يجعلني على تواصل دائم مع الناس. أحب التفاصيل التي أراها في الشارع في وجوه المصريين، وهم من يهمّونني فعلاً وليس من لديهم المناصب والنفوذ.
* هل فكرت في أن تستقلّ مترو الأنفاق لتقترب أكثر من تفاصيل الحياة اليومية للناس؟
لم أستقلّ مترو الأنفاق يوماً في حياتي سواء في مصر أو خارج مصر. فأنا أفضّل التاكسي لأني أسمع فيه العديد من الحكايات. أما مترو الأنفاق فيحرمني من هذه الحكايات لأني لن أتحدّث مع سائق المترو لأنه في مقصورة منفصلة.
مصر اليوم
* وكيف ترى الشارع المصري في ظلّ عدم الاستقرار الأمني الذي تشهده البلاد حالياً؟
ما يحدث ممكن وصفه بأنه طبيعي جداً. الشعب المصري عاش عقوداً بدون حرية، ودائماً ما كان يضرب ويهان. وكانت الغالبية العظمى مضطرة على السكوت، لكن ما حدث أعاد الحرية إلى الشعب الذي ربما يواجه مشاكل في استغلالها بالشكل الجيد، لكني أعتقد أن الأمور ستتحسّن مع الوقت، وسينتهي كل هذا العنف وعدم الاستقرار.
* إذاً، أنت ترى أن الوضع الحالي بعد الثورة مقبول لفترة؟
نعم، إذا ما تمّت مقارنته بما قبل الثورة، فسنجد أننا أفضل حالاً الآن، وعلى الرغم ممّا نسمع عنه من حوادث السرقة والقتل، إلا أنّ الوضع الحالي أفضل بكل المقاييس. قبل الثورة، كانت هناك سرقة والأموال المنهوبة تحوّل للخارج، والعديد من أفراد الشعب لا يحصلون على قوتهم الأساسي، ميزان العدالة كان مختّلاً، لهذه الأسباب قامت الثورة لتطالب بعدالة اجتماعية وحقوق أُهدرت وبرلمان قوي وحقيقي، لذلك الوضع في المستقبل القريب سيكون أحسن أنا متأكّد.
* أين كنت يوم 25 يناير؟
كنت مع المصريين منذ يوم 25 وانحزت إلى جانبهم، في البداية لم أكن أعلم أيّ شيء عن التظاهرات أو الثورة، لأني لا أدخل الانترنت ولا أحبّ وسائل الاتصال الحديثة، حتى لا أمتلك هاتفاً، لذلك كنت في قمة سعادتي وتفاجأت وأنا أشاهد الحشود من نافذتي المطّلة على شارع قصر النيل وأشاهد كل هذه الجموع تتجه إلى ميدان التحرير، ومن فرحتي ظللت أُشير للجموع السائرة مؤكّداً لهم أنني معهم.
* كيف تتواصل مع الآخرين إذاً في ظلّ عدائك الشديد لأساليب التواصل الحديثة؟
أتواصل معهم وجهاً لوجه. لا يوجد عداء بيني وبين أساليب التواصل الحديثة فقط، ولكن مع أساليب التواصل بشكل عام. فأنا لم أكتب خطاباً في حياتي ولن أفعلها. فعندما كنت أحب أن أقابل فاتن حمامة كنت أقابلها وجهاً لوجه وأتحدّث معها بهذه الطريقة وليس عن طريق الخطابات.
هل يتابع الشريف ما يعرض من أفلام جديدة؟ ولماذا يصف لأفلام المصرية بأنها أفلام درجة ثانية؟ وعن وصوله إلى العالمية ماذا يقول؟ وهل صحيح أن عالميه أبعدت زوجته الممثلة فاتن حمامة عنه؟ وماذا عن رأيه في الجيل الجديد من الممثلين؟
هذه التفاصيل وغيرها تتابعونها في العدد الجديد من مجلة "سيدتي" المتوفر في الأسواق والمكتبات.