شهد حفل الفنان المصري محمد منير والأردنية مكادي نحاس، في مهرجان الأردن الأول (عرضناه الأسبوع الفائت) حضوراً متواضعاً أنقذه قدوم كثير من الناس ببطاقات دعوة ذهبية. ورغم ذلك، بقيت مقاعد كثيرة من الدرجة الثالثة فارغة، لاسيما وأن حفله لم يروّج له إعلانياً، إلا في يوم الحفل نفسه في الصحف اليومية. وقد تدارك المنظّمون هذا الأمر وانتبهوا له في حفل قيصر الغناء العراقي والعربي كاظم الساهر، فنشرت له إعلانات عدّة كثيرة في الصحف اليومية قبل موعـد حفله بـأيام.
بالإضافة إلى أن شعبية محمد منير في الأردن لا تضاهي رغم جمال وعمق أغانيه، شعبية كاظم الساهر المحبوب جداً من الجالية العراقية الكبيرة المتواجدة في العاصمة الأردنية عمّان، وأيضاً شعبيته بين الأردنيين حيث إنه يعتبر من الفنانين المحليين، لأنه انطلق من عمّان إلى أضواء النجومية العربية في مطلع التسعينيات، ولا يزال لليوم يعترف في كل مقابلاته بأنه مدين بنجاحه ليس لموهبته فقط بل للأردن وشعبه ومهرجانه العريق جرش. أطلّ الفنان العراقي كاظم الساهر في مهرجان الأردن الأول، بحضور جماهيري غير مسبوق في مسرح «الأرينا» الكبير في مدينة السلط الذي ذكّرنا من الدقيقة الأولى بجمهور «الهضبة» عمرو دياب في مهرجان الأردن التحضيري عام 2008 في المسرح الجنوبي في جرش.
الجمهور يحضر من الرابعة
وصل الصحفيون باكراً عند السابعة والربع تقريباً، وفوجئوا بالمسرح شبه الممتلئ خاصة الدرجتين الأولى والثانية، حيث بدأ الجمهور بالتوافد من الساعة الرابعة للجلوس في المقاعد المتقدّمة التي تتيح لهم أن يكونوا قريبين من نجمهم العربي المفضّل، وكان المتضرّر الأول من هذا الحرص الصحفيون، حيث استولى الجمهور على مقاعدهم الأمامية التي جلسوا عليها في حفل محمد منير، وسهّلت لهم المتابعة والتصوير، ودفعهم سوء التنظيم وعدم الإهتمام بهم بحجز مقاعد لهم، إلى مغادرة المسرح مستائين. وقام أحد المنظّمين باسترضائهم حتى قبلوا الجلوس في الدرجة الثانية البعيدة عن المسرح.
زين غنّت نصف ساعة فقط
تعرف المطربة الأردنية زين عوض الشهيرة في الأردن بالمطربة «الليدي المثقّفة» لصوتها الرومانسي القريب جداً من صوتي شيرين عبد الوهاب ويارا، أن هذا الجمهور الغفير الذي لم يبقِ مقعداً واحداً فارغاً، هو جمهور كاظم الساهر لا جمهورها باستثناء البعض منه، بالإضافة إلى شعبيتها لدى الصحفيين الذين اتّفقوا على دعمها ومشاهدة حفلها، لأنها حسب رأيهم نجمة الأردن القادمة بقوة في السنوات المقبلة لموهبتها وحضورها الراقِي على المسرح، فأطلّت على المسرح عند الثامنة والنصف، وأشعلت حماس المتفرّجين. وقدّمت أغاني عدّة من بينها «بين الدوالي»، و«نسم علينا الهوا» و«مالي شغل بالسوق» و«وحشتني».
وأنهت حفلها الغنائي الأقصر في تاريخ المهرجانات الأردنية عند التاسعة تماماً، حيث لم تغن سوى نصف ساعة فقط. وشعر الإعلاميون والمتفرّجون بالظلم الواقع عليها، جرّاء اختصار حفلها لصالح كاظم الساهر الذي ربما جاملته إدارة المهرجان بهذا، ليبدأ حفله مبكراً كي يستطيع النوم، لاضطراره إلى السفر في اليوم التالي لإحياء حفل فني آخر في سوريا.
إلا أن مشاركتها الغنائية هذه، ورغم قصرها، حقّقت لها نجاحاً كبيراً، يرشّحها للمشاركة بمهرجانات عربية كبرى لامتلاكها رصيداً كبيراً من الأغاني الخاصة، حيث أصدرت ثلاثة ألبومات غنائية أحدثها سيصدر في عيد الفطر المبارك بعنوان «على وعدي».
كاظم برفقة وزير الثقافة الأردني
مملكة فنية باسمه
إستغرقت الفرقة الموسيقية وقتاً طويلاً لدوزنة آلاتها، وأخذ استعداداتها. ولمّا اطمأنّت على كل التفاصيل التقنية والصوتية، صعد الفنان كاظم الساهر إلى المسرح مرحّباً بجمهوره قائلاً: «مساؤكم ورد». ثم بدأ بأدائه الفريد لأغنيته «أحبيني بلا عقد».
ولما انتقل إلى أداء أغنيته «وأخيراً»، صمت الجمهور فجأة لعدم حفظه لها بعد، فاستمتع بسماعها. ثم أدّى كاظم أغنية «أديش تحب تتدلع» من كلماته وألحانه التي قدّمها بإحساسٍ جديد. فأحبها الجمهور من مقطعها الأول وتمايل على إيقاعاتها الشرقية. ثم غنّى «زيديني عشقاً»، وبذكاء فني إنتقل بجمهوره إلى نوع غنائي آخر مليء بالفرح والإحتفاء بالتراث بأدائه «لقعدلك عالدرب قعود» التي كان في السابق يشارك أعضاء فرقته الدبكة على إيقاعها، لكنه اكتفى بالتمايل وهزّ السبحة بيده. ثم غنّى «يا مستبدة» و«هذا اللون عليك يجنن» وغيرها من أغانيه الشهيرة. كما قدّم معظم أغاني أحدث ألبوماته «صور».
ومع الزميلة سميرة حسنين
كاظم يتدخّل
وخلال الحفل، وبالرغم من التواجد الأمني الكثيف غير المسبوق، نجحت فتاة في ما فشل فيه المصوّرون الصحفيون، وهو الوصول إلى كاظم الساهر الذي رحّب بها، وطلب من حراس الأمن عدم خدش إحساسها بكلمة. فعادت بسلام إلى مقعدها الأمامي بعدما صافحت نجمها الأول. هذا الحظ الجميل فارق شاباً آخر من «فانز» كاظم الساهر، ظنّ أنه سيقترب من نجمه المفضّل ويعانقه ويخبره بإنشائه مع أصدقائه «المملكة الساهرية» في الأردن وطباعته هذا الإسم على قمصانهم الصيفية، وأحضر أحدها ليوقّع له عليه. فلما تحدّى الوجود الأمني الكثيف صاعداً على المسرح، أمسكوه جميعاً، وضربه أحدهم بشدّة على المسرح أمام الجمهور، وأعادوه إلى مقعده. فاحتجّ الفنان كاظم الساهر قائلاً بحدّة: ليه القسوة؟ وطلب من الجمهور الهدوء قليلاً، لحرص الأمن على سلامتهم وراحتهم، واستجاب رجال الأمن لنداء الساهر. فأعادوا المعجب إلى المسرح، فعانق الساهر الذي أعاد له «التي شيرت» المكتوب عليه: «المملكة الساهرية» بعدما وقّع عليه بخط يده: «مع محبتي واحترامي»، فهتف له الجمهور. هذا المشهد حدث أيضاً في العام الماضي مع عمرو دياب، لكن الفرق أن عمرو دياب لم يحتج بقوة كما احتجّ الساهر بكلمات تلقائية: ليه القسوة؟ التي أكسبته حباً واحتراماً أكثر من جمهوره.
ماذا علّق المعجب؟
وحين سألت «سيدتي» هذا المعجب عن إحساسه بعد حادثة ضربه، ضحك بسعادة قائلاً: «ضربوني أكثر من ثلاث مرّات بشدة، لكنني لست نادماً على صعودي إلى المسرح لأنني حصلت على ما أريد، ومستعدّ لتكراره ثانيةً، وكله يهون لأجل الساهر ومملكة فنه الساهرية».
ختم الساهر حفله عند الحادية عشرة والنصف تماماً أي أنه غنّى ساعتين كاملتين، زائداً عن حفل محمد منير 45 دقيقة. ورغم إرهاقه الشديد، غنّى بإحساسٍ عالٍ لجمهوره الأردني الذي توحّد مع جمهوره العراقي والخليجي، منضمّين جميعاً إلى المملكة الفنية الساهرية التي أطلقها معجبه المغامر المجهول، ونال مكافأة قاسية عليها محاها في لحظة عناق الساهر القوي له. وفي نهاية الحفل، صعد وزير الثقافة الأردني الدكتور صبري ربيحات الذي حضر الحفل كاملاً واستمتع به، ليكرّم الفنان كاظم الساهر بدرعٍ خاصة. كما كرّم أيضاً الفنانة الأردنية زين عوض التي فوجئ الجميع بها على المسرح بعد أن ظنّ أنها غادرت الحفل عائدة إلى منزلها، ومستغرباً عدم تكريمها بدرعٍ في نهاية وصلتها الخاصة.
كاظم أعجب بعدد سيدتي المتفائل
من كواليس الحفل
- إصابة كاظم الساهر بإرهاق شديد جرّاء رحلته الطويلة من أوروبا إلى عمّان، ما منعه من إقامة مؤتمرات صحفية أو مقابلات من أي نوع، باستثناء مقابلة خاصة حصرية لمجلة «سيدتي» (ننشرها في العدد المقبل) التي تربطه بها صداقة عميقة خاصة وثقة بمصداقيتها، ويكشف فيها أشياء كثيرة لأول مرّة.
- منع كاظم الساهر كافة الفضائيات من تصوير حفله تلفزيونياً باستثناء التلفزيون الأردني ولمدّة قصيرة جداً.
- علمت «سيدتي» من مصدر موثوق أن كاظم الساهر تقاضى 60 ألف دولار، بعد أن تدخّلت شخصية أردنية قدّمت له خدمة سابقة. ورداًً للمعروف، خفّض أجره الذي أعلن سابقاً في الصحافة إلى هذا الرقم، لأنه من أهل الوفاء ولا ينسى فضل أحد سانده.
- رافق كاظم الساهر إلى عمّان نجله الأكبر وسام. أما عمر، فبقي في باريس إلى جانب صديق والده المريض والعازف في فرقته محمود في أحد مستشفيات باريس، حيث بقي الساهر لجواره ثلاثة أيام بلا نوم.
- كاميرا «سيدتي» هي الوحيدة التي رافقت كاظم الساهر لحظة وصوله عمّان، حيث استقبله أمين عام وزارة الثقافة الأردنية الشاعر جريس سماوي الذي تربطه به صداقة خاصة، حين كان مديراً لمهرجان جرش الذي لو لم يلغَ، لكانت هذه المشاركة السابعة لكاظم فيه، وهذا رقم لم يسبقه إليه مطرب من قبل، ولا نعرف من سيصل إليه بعده. كما رافقته ساعة مغادرته إلى سوريا براً.