رغم كل الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا، رغم رهان الكثيرين على توقّف عجلة دوران الدراما السورية بعد أن غرقت البلاد بالدماء، يقف صناع الدراما السورية اليوم وجهاً لوجه مع الموت الذي بات يهدد الجميع، ويصرّون على تصوير أعمالهم الدرامية واضعين أرواحهم على أكفهم, ومؤكدين على ضرورة استمرار الحياة رغم كل شيء.
عدد كبير من الأعمال تم تأجيل تصويره إلى أجل غير مسمى، وعدد آخر انتقل تصويره إلى بلدان عربية مجاورة، فيما جازف بعض المخرجين بالتصوير داخل العاصمة دمشق، على أساس أنه "من قلب الحروب تولد أهم الأعمال الدرامية"
نجوم الصف الأول هربوا من سوريا
المخرج السوري أحمد ابراهيم الأحمد، الذي بدأ منذ أيام بتصوير الجزء الثاني من مسلسل "زمن البرغوت"، أكد في تصريحات خاصة لـ "سيدتي نت" أن وضع التصوير في ظل الأحداث صعب للغاية, كاشفاً عن اعتذار عدد من نجوم العمل عن الجزء الثاني بسبب سفرهم خارج البلاد خوفاً على حياتهم, وهو ما زاد في صعوبة الموضوع مع قلة فناني الصف الأول الذين بقوا في سوريا, مؤكداً أن الفن مثل أي مهنة أخرى وأنه يجب أن يتسمر رغم كل شيء.
التصوير صباحي خوفاً من معارك المساء
الفنانة السورية منى واصف التي رفضت مغادرة سوريا رغم الأحداث الدامية, أكدت أنها ستستمر بالعمل في الدراما السورية أنها للن تيأس أبداً, ولم تخفِ واصف مشقّة التصوير وصعوبته في ظل الوضع الأمني غير المستقر في البلاد مؤكدة أن وضع التصوير في ظل الأحداث اختلف كثيراً عما كان عليه في وقت سابق، وكشفت أن الفنانين السوريين أصبحوا يعمدون لتصوير أعمالهم في أوقات باكرة جداً صباحاً، ليضمنوا عودتهم إلى بيوتهم قبل أن يحلّ المساء, خصوصاً أن المشاكل والاشتباكات أكثر ما تحدث خلال الليل، وبالتالي أصبح السوريون يضطرون لإنجاز إعمالهم صباحاً بينما تخلو شوارع دمشق بعد الساعة السادسة مساء من المارة إلا من كان مضطراً للخروج.
بكاء وانهيار.. ومعجزة!
الفنان السوري رامز الأسود قال لنا "نحن نصوّر أعمالنا الدرامية ضمن ظروف عمل صعبة جداً, بحكم مجموعة تفاصيل فأغلب الطرقات مغلقة بسبب الحواجز الكثيفة المنتشرة وسط العاصمة دمشق, وفي حال تم التصوير في مكان ما خارج دمشق كأن يتم التصوير في الريف مثلاً أو في محافظات آمنة نسبياً، فإن ذلك يأخذ وقتاً طويلاً جداً أثناء ذهابنا إلى مواقع التصوير البعيدة وعودتنا إلى دمشق, إضافة لحالتنا النفسية السيئة للغاية بسبب الدماء التي تراق يومياً".
وتمنى الفنان السوري أن تتمكن الدراما السورية تجاوز الأزمة هذا العام أيضاً كما فعلت في العام الماضي, مؤكداً أن استنكاف عدد من المنتجين عن العمل لا يعني توقّف عجلة الدراما.
وأكدت الفنانة السورية ليلى سمور على كلام زميلها الأسود مشيرة إلى أن الحالة النفسية التي يأتي بها الفنان السوري لموقع التصوير سيئة للغاية, وقالت إن "معظم الفنانين كانوا يصابون بحالة انهيار وبكاء وحزن أثناء فترة الاستراحة بين تصوير مشهد وآخر, وخصوصاً عند مرور جنازات الشهداء من جانب أماكن التصوير, أو عند سماع خبر سيء عن انفجار حدث في مكان ما وراح ضحيته أبرياء، لافتة إلى أن خروج أكثر من 20 عمل سوري السنة الماضية إلى الشاشة يعتبر معجزة, وقفزة نوعية تضاف إلى سجلّ الدراما السورية الحافل لانها تحدّت كل الظروف القاسية وأثبتت وجودها رغم كل شيء".
المظاهرات تلاحق مواقع التصوير
أما الفنانة السورية إمارات رزق والتي شاركت بمسلسل "ياسمين عتيق" الذي يعتبر العمل السوري الأول الذي انطلق بالتصوير للموسم الجديد, فقد أشارت إلى صعوبات كبيرة جداً تواجه الفنانين بالتصوير, حيث بات صنّاع الدراما يبحثون عن المناطق الآمنة نسبياً والبعيدة عن المشاكل, فيما كشف مصدر في شركة "سوريا الدولية" للإنتاج الفني أن فريق عمل اضطر في إحدى المرات لنقل موقع التصوير من منطقة الميدان بدمشق, بسبب مرور مظاهرة من أمام الموقع, ما أدى لخوف الممثلين من إطلاق النار وحدوث اشتباكات, وقد تقرر على إثره نقل موقع التصوير إلى منطقة "باب شرقي" بدمشق القديمة التي تعتبر منطقة آمنة نسبياً.
الدراما السورية لاجئة أيضاً في الدول العربية
ولم تقتصر عمليات اللجوء إلى البلدان العربية على المواطنين السوريين فحسب, وإنما لجأت الدراما السورية أيضاً إلى الدول المجاورة مع صعوبة التصوير في العاصمة دمشق بعد وصول الاشتباكات إلى وسطها.
وبعد أن أصبحت مهددة بالخطر في أي لحظة, قرر العديد من المخرجين السوريين تصوير أعمالهم خارج الأراضي السورية, حيث بدأ المخرج السوري أسامة الحمد بتصوير مسلسله الجديد "نيران صديقة" في لبنان, كذلك لجأ المخرج السوري فيصل بني المرجة إلى العاصمة الأردنية عمّان لتصوير مسلسله "مطلقات ولكن", كذلك شهدت الدراما السورية في الموسم الفائت وفي ظل الأحداث تصوير أكثر من عمل خارج سوريا مثل "صبايا" و"أبو جانتي" اللذان تم تصويرهما في دبي.
كذلك كان لدى المخرجين السوريين حيلاً أخرى لتجنب التصوير ضمن الأوضاع المشتعلة في دمشق, كأن يتم
التصوير في المحافظات الآمنة ضمن البلاد وبالتحديد محافظتي طرطوس والسويداء، مثل مسلسل "فل هاوس", ومسلسل "صرخة روح" للمخرج ناجي طعمي.