قد تكون تأخّرت نجوميتها قليلاً، إلا أنها كانت متواجدة وبقوة عبر العديد من الأدوار الجميلة التي قدّمتها في الدراما السورية. ولكنها هذا العام، تركت بصمة فنية مهمة. إنها الفنانة السورية سلافة معمار، المثقّفة التي تهتمّ بأدقّ التفاصيل. قد نالت مبتغاها هذا الموسم من خلال دورها بثينة في مسلسل «زمن العار» والذي تردّد بأنه كان الأكثر مشاهدة عربياً خلال هذا الموسم الرمضاني. «سيدتي» زارت سلافة في منزلها، وتحدّثت إليها عن دورها الذي تابعه الناس بشغف. كما تحدّثت عن كواليس شخصية بثينة، تلك الشخصية التي تعتبر من أهم الشخصيات النسائية التي قدّمت درامياً منذ عدّة سنوات. فكيف استطاعت أن تقدّمها بشكل لافت للنظر؟ وهل كان دورها جريئاً فعلاً؟ وكيف تردّ على منتقدي الدور كونه قدّم المحجبة على أنها فتاة خاطئة؟
كيف تقيّمين أهمية رسالة «زمن العار» للمجتمع العربي؟
العمل طرح مشكلة العار المرتبط بالمرأة بطريقة متخلّفة، بسبب موروث معيّن وبسبب طبيعة مجتمع خاص. العار موجود في المجتمع من خلال شخص يتعاطى الرشوة، وآخر يتفاجأ بأن شقيقته من الجنس الثالث، ومن خلال أب يمارس العار في كل أشكاله وفي الوقت نفسه يريد محاكمة كل من حوله على تصرّفاتهم ويعتبرها عاراً. فالعمل قدّم رسالة هامة، وهي أنه يجب أن نشاهد العار في صوره المختلفة وليس فقط في المرأة وتصرّفاتها.
الدور مغرٍ
ما سبب قبولك للدور، مع أنه قد يسبّب لك المتاعب؟
هناك عوامل عدّة ساهمت في قبولي للدور، منها نص العمل الجيد الذي كتبه كاتبان مهمان وهما نجيب نصير وحسن ميم يوسف ومخرجة العمل رشا شربتجي المتميّزة في كل أعمالها. والدور يطرح موضوعاً مهماً وحسّاساً، وفيه رسالة للناس وللمجتمع ومكتوب بشكل جيد، وقد وجدت نفسي فيه. والحقيقة إن الدور مغرٍ جداً، ولا يمكنني رفضه أبداً. كما أن تركيبة العمل عموماً متكاملة، ولا أبالغ إن قلت إن دور بثينة في «زمن العار» من أهم الأدوار النسائية التي كتبت هذا العام.
أعتقد أنني نجحت
لنتحدّث عنك وعن كيفية أدائك للدور، وقد وصفت من قبل النقّاد بأنك أدّيته بشكل جيد؟
دخلت بتفاصيل الشخصية بشكل أكبر وانفعالاتها وطريقة أدائها ومنعطفاتها، وتفهّمتها بشكل جيد وحاولت تقمّص شخصية بثينة والتعبير عن مشاعرها وكأنني أعيشها حقيقة. تعبت على الدور وأعتقد أنني نجحت فيه.
المخرجة رشا شربتجي التي عمل معها عدد من أهم نجوم الدراما في مصر وسوريا أبدت انبهارها بأدائك لدور بثينة، فماذا تقولين لها عبر مجلة «سيدتي»؟
هذه تجربتي الثالثة مع المخرجة رشا شربتجي، فقد عملت معها سابقاً في «أشواك ناعمة»، ثم في «غزلان في غابة الذئاب». شهادتي بها مجروحة، حيث تجمعني بها صداقة قوية وبيننا تفاهم فني كبير. هي مخرجة منفتحة، تمارس الديكتاتورية أثناء العمل، ولكنها تحب وتتقبّل آراء من يعملون معها وتضيفها للعمل. وسبب نجاحها اهتمامها بالتفاصيل. أرتاح كثيراً للعمل معها، وهذا قد يعود لكونها امرأة، الأمر الذي أحدث بيننا تفاهماً فنياً حول الأدوار التي قدّمتها والتي تختصّ ببنات جنسنا.
من مشهد من المسلسل
قضية الزواج العرفي
قبولك للدور، هل يعني إقبالك على الأدوار الإشكالية والتي تثير الجدل؟
أحبّ هذه النوعية من الأدوار، وهي مغرية كونها تطرح حالة جديدة فيها صراع، أكثر من الأدوار العادية.
ولا يكفي أن يكون الدور إشكالياً، إذ يجب أن يكون مكتوباً بشكل جيد ومعالجاً بشكل سليم.
سلافة معمار، هل تفرح لتقديمها أدواراً تناقش قضايا بنات جنسها ومشاكلهن؟
يجب على الدراما أن تساهم في مناقشة قضايا المجتمع. ودور بثينة في «زمن العار» يناقش قضية الزواج العرفي في المجتمع، والدافع الحقيقي لما قامت به وسلوكها الذي يرفضه المجتمع. وعندما كسبنا تعاطف الناس معها، حقّقنا نجاحاً جيداً في أن الناس شعروا بها وتعرّفوا على سبب مشكلتها وما حصل لها ورأوا الجانب الآخر لها. وبالمحصّلة، نحن بشر نخطئ ونصيب. وقد أسعدنا أن الناس شعروا بأن هناك بثينة في كل بيت عربي. العمل يقوم بتوعية الناس لبعض الحقائق والتصرّفات الخاطئة وما قد ينتج عنها. وعندما يرى الناس المحاكمة الشرسة التي تعرّضت لها بثينة من قبل عائلتها ومجتمعها، سوف يعرفون الحقيقة وكيفية التعامل مع هكذا حالة والتي هي أساساً ضحية لثقافة المجتمع.
لم نقصد الإساءة لأحد
ألا تعتقدين بأن تقديم العمل لبثينة بصورة فتاة محجبة خاطئ، وقد يثير حفيظة المحجبات وبعض فئات المجتمع ضد العمل؟
لا نقصد الإساءة للمحجبة. فكل فتاة قد تكون عرضة للخطأ. قد يثير الدور تساؤلات كثيرة واعتراضات، ولكننا عندما قدّمنا الشخصية بصورة فتاة محجبة قصدنا أن الفتيات المحجبات جزء كبير من مجتمعنا. وقد كنّ مهمّشات في أعمالنا سابقاً، والآن هن موجودات بشكل أكبر في أعمالنا الدرامية. وفي نظرنا، الفتاة سواء كانت محجبة أو غير ذلك هي إنسانة لها مشاعرها وأحاسيسها، ولا أستطيع أن أنظر لهذه التصنيفات بهذا الشكل. بثينة قدّمت على أنها فتاة محجبة لأنها تعيش في بيئة وظروف معيّنة. ولا يقصد منها الإساءة لأحد. وما قامت به بثينة من تصرّف، قد يصدر من المحجبة أو غير المحجبة. والعمل ككل يقدّم نماذج عدّة لفتيات من بيئات مختلفة، إذ يقدّم شقيقتها على أنها فتاة غير محجبة تقيم علاقة حب مع زميل لها في الجامعة. نحن نقدّم دراما تمثّل كل أفراد المجتمع الذي نعيش فيه.
ليس ضرورياً
قدّم زوجك المخرج سيف سبيعي عملين هذا العام، «الخوف والعزلة» و«الحصرم الشامي»، لمَ لمْ نشاهدك في أي من العملين؟
لا أحبّ أن يقترن إسمي دائماً مع زوجي في أعماله. فنحن حريصان على أن تبقى مشاريعنا الفنية منفصلة، ولكل رؤيته الفنية الخاصة. ومع ذلك، فقد عملت معه في «فسحة سماوية» و«أولاد القيميرية». ولا يفترض أن أشارك معه في كل أعماله. فقد يعجبني العمل معه في دور ما، وقد أرفضه. نحن نتعامل مع بعضنا بشكل مهني بحت في مجال العمل الدرامي. وكونه زوجي، لا يفترض أن أتواجد معه في كل أعماله.
تلقّيت عروضاً مصرية
يقال إنك بدأت تتلقّين عروضاً للعمل في الدراما المصرية بعد نجاحك في مسلسل «زمن العار»؟
تلقّيت عروضاً للعمل في الدراما المصرية العام الماضي وقبل مشاركتي في «زمن العار»، ولكن لم نتّفق عليها. لست ضد العمل في مصر، ولكن لي رؤية معيّنة في الموضوع. وبالنسبة إلي، أفضّل العمل في السينما المصرية كتجربة سينمائية. وإذا جاءني عرض للعمل في فيلم مصري ضمن المواصفات التي أبحث عنها، فلمَ لا أشارك فيه؟ وعلى صعيد العمل في الدراما المصرية، إذا لم تتح لي تجربة خاصة ومهمة تقدّم لي شيئاً جديداً، فهي لا تهمّني.
سلافة وزوجها سيف سبيعي
إكسترا
كيف تفسّرين نجاح الأعمال التي تمسّ الواقع المعاش، بينما جلّ الأعمال الدرامية التي تتحدّث عن التاريخ أو البيئة تراجعت من حيث كم مشاهدتها؟
الناس تريد مشاهدة حياتها اليومية وواقعها ومشاكلها المعاصرة ومشاعرها. وكل عمل صادق يقدّم المجتمع بصراحة، هو عمل ناجح ومشاهد لأنه مرآة حقيقية تعكس الهم اليومي للناس. ولهذا، الأعمال الإجتماعية تمتلك جماهيرية كبيرة أكثر من باقي الأعمال الدرامية الأخرى.
لماذا لم نرك هذا العام إلا في "زمن العار" فقط؟
لأنني كنت أمتلك رغبة في التفرّغ للدور الذي عملت جاهدة على تقديمه بشكل لائق وواقعي. والحقيقة، لست ممّن يعملون في عدّة أعمال في موسم واحد. وبتقديري، تعدّد الأعمال في الموسم الواحد يقلّل من قيمة الأداء عند الفنان. تفرّغت لدور بثينة كي أقدّمها بمصداقية كبيرة وخصوصية، ولكي يعيش الناس مع حالة العمل. ولا أخفيك، جاءتني عروض للعمل في أدوار أخرى، ولكنها لم تكن على سويّة هذا العمل. ولهذا، إعتذرت عنها وتفرّغت لمسلسل "زمن العار".
تفاصيل أوسع عن اللقاء مع الفنانة سلافة معماري تجدونها في العدد 1490 من مجلة «سيدتي» المتوفر في الأسواق.