كثر الحديث واتّسعت ساحات الثرثرة وباتت «الإشاعة» تسير بقدمين وعينين وفم، وقلم يكتب في الصحف، ويقدّم برامج على الشاشة، وينطق في إذاعة، وإن كانت كل الحروف مشكوكاً بأمرها، فليس هناك من هو سائل ولا من يسألون!
هكذا، ودفعة واحدة، يعلن الفنان «الظاهرة» تامر حسني، من القاهرة، أنه «أسطورة القرن»، واعتقدنا حينها أن الخبر مجرّد إشاعة أطلقها المعجبون، إلا أن الخبر هذا بدأ يتقافز من وسيلة إلى أخرى حتى ظهرت معطيات جديدة إثر بروز أسطورة قرن جديدة هي عمرو دياب!!
دخل المحلّلون من أهل الصحافة والنقّاد في جدال عقيم، لكنهم سرعان ما وجدوا الإجابات، بعد تحديد القرن الذي سيكون الفنانان تامر وعمرو من أساطيره، فوجدوا القرون المقصودة، ليتربّعا على عرشها «كأسطورتين»، فإذا كان المقصود القرن العشرين المنصرم، فسيدخل تامر حسني وعمرو دياب في سباق مع عبد الوهاب وأم كلثوم ووردة الجزائرية وعبد الحليم والسنباطي وزكريا أحمد وسيد درويش، أما إذا كان المقصود هو القرن الواحد والعشرون فستكون «المنافسة» حامية الوطيس، حيث سيقف تامر وعمرو إلى جانب شعبان عبد الرحيم وروبي ومطرب «العو» ومطرب الخضراوات والفاكهة، ومطربة الحنطور أمينة، ومطربة «البيسكلاتة».
سباق محموم بين أهل الطرب على نيل الأوسمة! سباق خرج عن إطار المنافسة الإيجابية للإنتاج، وتحوّل إلى «بروباغندا» قلبت السحر على الساحر. نجومية عمرو دياب لا يختلف عليها إثنان، وعزّز ذلك حصوله أكثر من مرّة على جائزة «الميوزيك أوارد» كونها الجائزة العالمية الوحيدة التي دُعي إليها الفنانون العرب، وحملوا رمزها الذي يشير إلى أعلى نسبة مبيعات في سوق الأغنية، وبالتأكيد إن شهرة عمرو دياب وعمله الدؤوب يخوّلانه، أكثر من أي فنان، للحصول على هذه الجائزة. ورغم أن الطموح مشروع، ولا بأس للفنان بالإنتقال إلى مجالات أرحب، إلا أن الشرط الجازم في ذلك يكمن في أن يكون حامل اللقب شخصياً مقتنعاً بذلك في أعمق أعماقه. فهل بات عمرو دياب أسطورة القرن؟ وتبرز أسئلة أخرى كثيرة: هل خرج إنتاج عمرو دياب إلى العالمية؟ هل توازي شهرته شهرة المغني البرازيلي ريكي مارتن (الراقص بالفطرة)، الذي يحرص دياب على تقليده في المظهر وطريقة ظهوره على المسرح، بدون القدرة على تقليده في الرقص؟
تامر حسني مؤلّف موسيقي ومغنّ ومؤلّف سينمائي وممثل ويكتب كلمات أغنياته، التي لقيت صدى واسعاً بين الكثير من المراهقين وجيل الشباب، زادت شعبيته في الأعوام الماضية بعد تعرّضه لأزمة إثر «هروبه» من الخدمة العسكرية و«تزويره» مستندات ساعدت على هروبه مع فنان آخر، إلا أن الأمن المصري اكتشف التزوير وتمّ حبس تامر، وتعاملت معه وسائل الإعلام بقسوة وبدون رحمة، لكنه بعد ذلك خرج إلى العلن واعتذر عن فعلته وقدّم مجموعة أعمال لا بأس في قيمتها بين ما هو سائد. وسرعان ما بدأت حملات إعلامية بوجه هذا الفنان، كتكليف معجبات (مدفوعات الأجر) للّحاق به في حفلاته، ودخوله في مناوشات مع الفنان عمرو دياب، لم تكن في صالحه، رغم دعم جمهوره عبر الوسائل المتاحة من الـ«فيس بوك»، والمواقع التي تضمّ معجبيه.
لا يزيد عمر تامر الفني عن العشر سنوات، قدّم خلالها مجموعة من الأغاني والأفلام، «عمر وسلمى» واحد وإثنان، ويعرض له الآن فيلم بعنوان «نور عيني»، أثيرت حوله الكثير من الأخبار أثناء تصويره، واعتبر ذلك ضمن سياسة التسويق «الذكية»، لكن سرعان ما أُدخل تامر حسني مركز الشرطة في لبنان، متّهماً بالإعتداء على أحد الصحافيين. ثم، أطلق حملة صحفية تعلن عن قرب حصوله على الجائزة العالمية big apple music award ليبقى الخبر بدون اهتمام حتى اقترب الموعد، وجاءت مفاجأة عمرو دياب بأن الجائزة ستكون من نصيبه. لكن، حتى كتابة هذه السطور، لم نشاهد أياً من الإثنين يصل إلى هذه الجائزة التي قد تثير جدلاً، ولن يكون هذا الجدل في صالح أي منهما، فالموسيقى العربية بشكلها الحالي بعيدة كل البعد عن كونها أسطورية.