الإنسان في الحياة الدنيا يجامل ويداري، وهذه المجاملة والمداراة تجعله مرناً، ولكنها إذا زادت عن حدها قد تحول الإنسان من شخص واضح إلى شخص يرتدي قناعاً، وإذا لبس الإنسان الأقنعة دخل في الدائرة المريبة التي يطلق على صاحبها "أبو وجهين".
لن أتحدث هنا عن الأقنعة ولا عمن يرتدونها ولا عن أوصافهم، لأن هذا موضوع طويل عريض، ما يهمني هنا هو الطرق والحالات التي تكتشف بها أصحاب الأقنعة، هذه الطرق كثيرة ولكن من أهمها ما يأتي:
أولاً: الغضب، لأن الغضب يظهر الإنسان على حقيقته، وفي هذا المعنى قال الشاعر القروي:
أغضب صديقك تستطلـع سريرته ... للسرّ نافــذتان؛ السكــرُ والغـضبُ
ما صرّحَ الحوضُ عما في قرارته... من راسب الطينِ إلّا وهو مضطربُ
ثانياً: السفر، لأن السفر عامر بالتجارب والممرات الضيقة التي تكشف معدن الإنسان.
ثالثاً: التعاملات المالية، لأن الإنسان مجبول على حب المال.
رابعاً: العمل، لأن العمل شاق ويفضح صاحبه.
خامساً: توزيع المسؤوليات، لأن المسؤولية حملها ثقيل.
سادساً: التعامل مع صغار الموظفين، لأن الإنسان مفطور على الطغيان إذا صار مديراً.
سابعاً: في حالات الفرح الشديد والحزن الشديد، لأن هاتين الحالتين تحجب العقل والتفكير المنطقي.
في النهاية أقول:
تذكروا أن الإنسان يمر في هذه الحياة بأناس وأجناس، وفيهم من يرتدي قناعاً، وهناك من يرتدي نصف قناع، وثالث من يرتدي ربع قناع، ورابع يرتدي مجموعة أقنعة، لذا علينا أن نعرف كيف نتعامل مع كل قناع، خاصةً وأن الناس كما شرح جبران خليل جبران هذه الفكرة حين قال:
"البشر مثل الكتب، هناك من يخدعنا بالغلاف، وهناك من يدهشنا بالمحتوى".