أوصاني شيخي أبو سفيان العاصي قائلاً: اعلم بأن الرسائل الصوتية أو المكتوبة التي تصل إليك عبر الجوال أسرع وأكثر دقة من الاتصال.
نعم؛ يا قوم لقد أخذت وصية شيخي "أبا سفيان" على محمل الجد ووضعتها في خانة التنفيذ، وبدأت أتعامل مع الناس وفق هذه النظرية.
في البداية كتبت هذه الناصية:
في زمن وفرة وسائل التواصل الفوري.. أتمنى أن نستخدم الرسائل..
ونجعل الاتصالات فقط للأمور الضرورية التي تستحق الاتصال...!
وفي ذلك قلتُ: أرسل ووضح إن أردتَ تواصلاً لا تتصل؛ فالاتصالُ مكلفُ
وبعد هذه الناصية، بدأت أعدد فضائل الرسائل وأتأمل سلبيات الاتصال، فوجدت ما يأتي:
أولاً: فضائل الرسائل وهي:
1- الدقة في تحديد المطلوب.
2- إمكانية الرجوع إليها مرة ومرتين وثلاث.
3- إنها وثيقة إثبات يمكن الرجوع إليها في حال الاختلاف.
4- تستطيع قراءتها والرد عليها في أي وقت.
5- اختصار الوقت، لأن الإنسان إذا كتب اختصر، وإذا تكلم أطال.
6- إن الرسائل تدرب الإنسان على رسم فكرته بالحروف إذا كانت نصية، وتحديد رسالته بالكلمات إذا كانت الرسالة صوتية.
ثانياً: عيوب الاتصال وهي:
1- قد تأتيك وأنت في الاجتماع، أو نائم، أو في وقت غير مناسب.
2- إن الاتصال قد يأتيك وأنت تقود السيارة، وهذا قد يعرضك إلى الحوادث أو إلى ارتكاب مخالفة يسجلها عليك ساهر.
3- إن الاتصال غنى بكميات كبيرة من "الكفحلة" وهي: (كيف حالك - كيف أمورك - كيف الأخبار؟) وهذه الكفحلة مضيعة للوقت.
4- إن البحوث العلمية الكثيرة، تؤكد أضرار كثرة استخدام الجوال، لذلك من الجيد أن يكون الاتصال للأمور الضرورية فقط.
5- هناك كثير من الشرائح التي تحب التصوير وأخذ اللقطات، والصور الحية لبعض المناظر، لنشرها في مواقع التواصل، والاتصال يقطع هذه المتعة ويوقف كاميرا التصوير، ومازلت أتذكر أن أحدهم اتصل بي وأنا أصور فقرة المشي مع معالي وزير التعليم الدكتور "حمد آل الشيخ"، ذلك الاتصال قطع التصوير، ولكن معالي الوزير كان رجلاً نبيلاً ومتفهماً وقال: "هيا نعيد التصوير من جديد".
6- إن الاتصال يتطلب دفع رسوم مالية، وكذلك الكلام كما يقال دائماً ببلاش، وحين تتكلم بالهاتف، فإن الحاسبة تحاسبك على كل حرف.
7- إن كثيراً من الاتصالات، تبدأ باتصال وتنتهي برسالة، ولا زلت أتذكر أن سيدة اتصلت بي أكثر من مرة، وحين رددت عليها قالت: أرجوك؛ أرسل لي اسم كتابك الذي تتكلم فيه عن العقل الباطن، ولو أنها أرسلت رسالة، لوفرت عليّ وعليها الجهد والمال والوقت.
8- أخيراً؛ وهذا هو المهم، أن كثيراً من الاجتماعات الآن تتم عبر الاتصال المرئي، والاتصال يقطع الاجتماع ويشوش على الذهن، ومازلت أتذكر أننا كنا في اجتماع مهم، مع أحد الوزراء عبر الاتصال المرئي، وأخذ أحدهم يتصل عدة مرات ويفسد علينا الاجتماع، وعندما تواصل معي بعد الاجتماع، اتضح أن سبب اتصاله من أجل طلب رأيي في مقال له.
في النهاية أقول:
يا قوم؛ هذه قوانين في التواصل مع الناس، ومن أراد التعامل معي فعليه أن يحترم هذه القوانين، ويكفي أن أخبركم أن الأستاذة "نظمية" التي تعمل معي منذ خمس سنوات، لم أتصل بها إلا خمس مرات أو أقل، بينما رسائل العمل مستمرة خلال اليوم الواحد.
وقبل أن أغلق المقال أُحذر أولئك الذين يقولون: "اتصلت بك؛ لكي أسمع صوتك" فأنا لست فيروز ولا محمد عبده، حتى تعدّوا صوتي من الأصوات المطربة، وإذا لم تقتنعوا بهذا فاذهبوا إلى اليوتيوب وشاهدوا آلاف الحلقات من "يا هلا بالعرفج"، واستمتعوا بنغمة العرفج الشجية.