يُعرّف الاتّزان العاطفيّ بأنّه الاستقرار والاتّزان من النّاحية العاطفيّة تجاه جميع أمور الحياة بطريقة إيجابيّة، ويتبادر سؤال للذّهن، لماذا لا يمتلك الإنسان الاتّزان العاطفيّ؟ إذ نلاحظ أحياناً أنّه في الوقت نفسه الّذي يكون فيه الإنسان سعيداً جدّاً، قد يحزن بسرعة كبيرة في السّاعة نفسها، مثلاً قد يحبّ الشّخص بشكلٍ كبير ويكره بالدّرجة نفسها، ما يسبّب تخبّطاً في العواطف، وهناك أسباب كثيرة لهذا التّخبّط وكذلك طرق للتّخلّص منه.
فمن أسباب هذا التّخبّط:
1 الخبرات الّتي حصّلها المرء نتيجة تعرّضه لخذلان البشر، وكذلك خذلانه من قبل ذاته الّذي أثّر به وبقي حبيساً في اللّاوعي.
2 نعلم أنّ الخذلان أمر طبيعيّ في الحياة، لأنّ تعامل البشر مع بعضهم قد لا يكون مبنيّاً على الصّدق في كثير من الأحيان، ما يؤثّر على مشاعره تجاه الآخرين فيتسلّل الخذلان لنفسه، وخاصّة إن لم تُعالج هذه الخبرات.
3 إنّ اللّاوعي الموجود داخل الإنسان منذ طفولته يُعدّ كقطعة من الإسفنج تقوم بامتصاص كلّ شيء، مخزّنة داخلها صوراً لأشخاص ذوي خبرات معيّنة وجدوا المعاناة أمامهم في حياتهم لعدم امتلاكهم الاتّزان العاطفيّ، ما يجعل المرء يعتقد بوجود الخذلان الّذي يتعرّض له .
ويمكن للإنسان أن يتخلّص من هذا الخذلان بطرق عديدة منها:
1 يجب على الإنسان معرفة نفسه، أي أنّه يمتلك القدرة للسّيطرة على مشاعره ولا يمكن لأحد أن يتحكّم بها، وكلّ ما يحصل موجود في اللّاوعي الّذي بدوره يشبه الوعاء وكأنّ شخصاً آخر داخله امتلأ من دون إذن صاحبه وبقي من دون معالجة، لأنّه لم يُخرجه ولم يتكلّم عنه ولم يتحاور عنه أيضاً، فبقي حبيس ذلك الوعاء، وبالتّالي أثّر بصاحبه. لنستنتج أنّ الإنسان هو المسيطر.
2 على المرء أن يتعلّم أنّ ينطق كلمة لا في المواضع الصحيحة لها، كما أنّه لا يجب على الإنسان أن يتقبّل إساءة الآخرين له من دون أن يتكلّم بكلمة واحدة، وأن يرفض هذه الإساءة مع عدم قبوله كلاماً يكون سبيلاً في حزن قلبه، فيُعرض عن سماعه منذ البداية ليحفظ روحه الجميلة.
3 أن يحرص الإنسان على الاهتمام بصحّته من جميع النّواحي، كالطّعام والشّراب واللّباس والرّياضة وتناول الفيتامينات اللّازمة.
4 التّحلّي بالهدوء مع السّيطرة على الأعصاب، والمشاعر، والتّصرّف بحكمة واتّزان.
5 الإيجابيّة: الّتي ينبغي أن تملأ الحياة بها، لأنّها تساعد على رؤية الأمور بمنظورها الصّحيح، والنّظر للجزء الممتلئ من الكأس من دون إعطاء أيّة أهمّيّة للجزء الفارغ، بمعنى أنّه على الإنسان ألّا ينظر لما يمتلكه من نقص في حياته، بل أن ينظر لما يتمتّع به من وفرة عظيمة.
هذه الأمور وغيرها يجب أن يتدرّب عليها المرء، إذ نراها لا تأتي بين يوم وليلةٍ، لأنّ الحصول على شيء معيّن أو تحقيق رغبة ما لا بدّ من التّدريب والتّمرين عليه باستمرار، يقول المثل الشّعبي: (من عاشر القوم أربعين يوماً صار منهم)، فما بال المرء يعيش لسنوات عديدة بعدم اتّزان عاطفيّ، ثم يظنّ أنّه سيتغيّر بلحظة، لذا التّدريب المتواصل هو الطّريق السّليم للوصول للاتّزان العاطفيّ المنشود الّذي يقود للتّغيير الإيجابيّ.