التّغيير قوّة دفع داخليّة محاطة بعزيمةٍ وإصرارٍ، يساعد الفرد على الخروج من دائرة الروتين المغلقة إلى التّطوير والتّحديث، ذلك أنّ الكون في تطوّرٍ مستمرّ وأيضاّ الطبيعة دائمة التّغير، تتعاقب عليها التبدلات المناخية والظروف البيئية لتتناسب مع الوضع الراهن للحياة، ما يترتّب على الإنسان العاقل الواعي أن يعيد ترتيب أولوياته، ويضع خطّة محكمة لتجديدها وتغييرها نحو الأفضل، إما جزئياًّ وإما جذريّاً وفق ما يقتضي الأمر، فالإنسان الجامد في مكانه لا يحرّك ساكناً، سيجد نفسه بعد فترة من الزمن في كفّة التّقادم، والعالم بأسره في كفّةٍ أخرى من التطوير والتّحديث، وسيكون متأخراً عن الرّكبِ، يعاني ما يعانيه جرّاء تقاعسه عن عملية التّغيير، وخيرَ ما يبدأ به هو أن يغيّر نفسه أولاً، أفكاره، لباسه، طعامه، عمله، أسلوب تعامله، وكلّ ما من شأنه أن يسهم في دفعه نحو الارتقاء والرّقي، ومن ثمّ يفكّر بتغيير ما حوله.
التّغيير يحتاج لبعض الشّروط التي يجب أن تتوافر في طالب التّغيير، بأن يضع خطّةً مناسبة لذلك مترافقة مع الإيمان بقدراته الكامنة وثقته المطلقة بالله أنّه سيحقّق مطلبه، مستفيداً من تجارب الآخرين، مبتعداً عن السّلبيّات التي تعيق تقدّمه وعن سارقي الأحلام ومثبّطي العزائم، متّخذاً من النّقد البنّاء نقطةَ تحوّلٍ نحو الأفضل.
التّغييرُ سفينة عبور إلى شاطئ النّجاح، بحيث يصبح الفردُ أكثر انفتاحاً وسعادة، ونفساً مليئة بالعزم والإصرار والإرادة على تخطّي الصّعاب، وبالتالي التغلّب على الفشل الذي يعشّش في العقول والنفوس الضعيفة، مع الانتباه على ألّا يسيطر الخوف على هذه النّفوس، فبدلاً من التّغيير نحو الأفضل يكون تغييراً سلبيّاً، كالشّخص الذي يتحوّل من شخص غير مدخّن إلى مدمن على التّدخين، أو الطّالب المجتهد الذي يتعرّف إلى بعض الأصدقاء، فبدلاً من زيادة اجتهاده وتفوّقه يصبح شخصاً لا مبالياً بالاجتهاد ويتراجع دراسيّاً.
يُعدّ هذا النوع من التّغيير تغييراً سلبيّاً لا نتيجةَ منه، يسلب الأشخاص شجاعتهم واندفاعهم لخوض غمارِ التّغيير، فتتسلّل إلى نفوسهم طاقة سلبيّة تزرع داخلهم الخوف من المجهول، لذا يجب التّخلص منها واستبدالها بطاقة إيجابية تبثّ الأمل واليقين بأنّ التّغيير لا يحدث فجأة وبسرعة، بل يحتاج لبعض المقوّمات لجعل الشخص قويّاً قادراً على إدارة المشاكل والصّعوبات التي تعترضه، ومن ثمّ يحصد النّجاح الباهر، وعلى سبيل المثالِ رجلٌ فقيرٌ قرر تغيير حياته، وعمل وصبر، ونال في النهاية ثمار ذلك، وأصبح رجلَ أعمالٍ ثريّاً، لأنه أدرك أنّ عصر الخائفين لا يكترث بالخائفين المتردّدين، لذا غيّر نفسك أولاً لتستطيع تغيير العالم.