منذ فترة طويلة وأنا أراقب مفردات الناس، لأن الكلمات تشرح وتوضح ما يدور في الرؤوس من أفكار وتجليات، وحتى نصل إلى المعنى الذي يريد أن يصل إليه هذا المقال، تأملوا معي هذه الجمل:
- يركض الإنسان طوال عمره لامتلاك بيت، ثم يقول: "جلسة البيت مملة"، وهو يريد بهذا البحث عن عمل، أليس من الجيد أن يبحث الإنسان عن عمل من دون أن يشتم جلسة المنزل ويصفها بالممل.
- يسعى الإنسان بكل ما أوتي من قوة للحصول على عمل، وإذا وجد الوظيفة وأستقر بها، بدأ يشتمها ويصف أيام الدوام بالتعاسة والملل، وبالذات من يعملون في سلك التعليم من معلمين ومعلمات.
- يركض الإنسان خلف المال ليلاً ونهاراً، ثم يقول: "المال وسخ دنيا، أوالمال تحت قدمي" مع أن القرآن الكريم يصف المال بالزينة.
- ينغمس الإنسان في الدنيا ويغوص في شهواتها ويقول: "الدنيا ما فيها خير".
- ينفق الوقت الكثير مع الأصحاب ثم يقول: "انتهى زمن الصداقة" والغريب أنك تجد الفتاة طوال الوقت مع صديقاتها، وإذا سألتها من هي أعز صديقاتك؟، قالت بكل ثقة: "لا يوجد عندي صديقات".
- الإنسان يعاشر الناس ويحضر مناسباتهم، ويستمتع معهم، ثم يقول: "راحواالطيبين".
- يقضي الإنسان ما بين خمس إلى ست ساعات وهو يشاهد مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يجلس في مجالسة ويقول:
"أصابنا القرف من غثاء السوشيال ميديا".
- يأكل الإنسان ويشرب بكل شراهة، ثم يخرج على الناس ويشتم السمنة وأنها سبب الأمراض.
- يطلب الإنسان من الآخرين الطرح الجيد والحوار العقلاني ومتابعة المحتوى الهادف في العلن، ولكنه هونفسه في السر يتابع المحتوى الهابط والحوار الحاد والمتطرف.
- يكتب أحدهم في تعريف حسابه أحب التسامح، وأعشق العفو، وإذا دخلت إلى حساباته وجدته يمارس الشتيمة والانتقاد.
- يردد الإنسان حديث: "تبسمك في وجهة أخيك صدقة" ولكن؛ إذا خرج إلى الناس طبق مقولة: "عبوسك في وجه الآخرين الأفضل".
- يردد الإنسان عبارة: "أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا"، ومع هذا تجد القائل يحاول تحطيم من حوله والسخرية منه، وإذا سألته لماذا قال: "حبيت أنرفزك".
في النهاية أقول:
هذه حزمة بسيطة من الشعارات التي يرفعها البعض ويفعل عكسها، ومن الصعب أن نجد تفسيراً واحداً لمثل هذه التناقضات، لذلك؛ هيا بنا نحاول أن نفك هذه الألغاز ونبحث عن الحلول العملية التي تجعلنا نقلص المسافة بين الأفعال والأقوال.