الثّقة هي الإيمان الرّاسخ بمصداقيّته للأشخاص ومواقفهم، سواء أكانت داخل الأسرة أم المدرسة أم العمل، وعدم الخوف والشّكّ بقدراتهم، ومتى انعدمت الثّقة بين الأفراد أصبحت حياتهم صعبة بعيدة عن الصّواب، ما يؤدّي لاضطرابات تُنهي العلاقات وتؤذيها، وبالتّالي دمار العلاقات الأسريّة حال انعدامها بين الزّوجين أو بين أفرادها.
قد تتعرّض الثّقة للفقد من خلال تجارب سابقة يتعرّض لها الأشخاص في حياتهم، أو نتيجة وجود الكذب في علاقاتهم، أو الخيانة، سواء كانت هذه العلاقات بين الأزواج أو الأخوة أو الأصدقاء أو بين أفراد المجتمع.
إنّ عدم الثّقة مشكلة تعيق بناء العلاقات الإنسانيّة، لذا يجب التّغلّب عليها حتّى يشعر الشّخص بالأمان والحرّيّة في التّعامل مع الآخرين، ذلك أنّ الثّقة عامل مهمّ جدّاً لنجاح العمل والعلاقات.
إنّ الأشخاص يمكنهم التّخلّص من عدم الثّقة واستبدالها بالثّقة وحُسن الظّنّ وطرد فكرة أنّ الآخرين يحاولون التّشكيك بالفرد والنّيل منه، كما ينبغي أوّلاّ أن يسعى الإنسان لبناء وتعزيز ثقته بنفسه، ومن ثمّ تقوية ثقته بالآخرين وما ينتج عن ذلك من علاقات جيّدة ووطيدة.
إنّ لعدم الثّقة أسباباً كثيرة، لكنّ أشهرها وأكثرها تأثيراً هي مواقع التّواصل الاجتماعيّ، إذ كان سابقاً يتمّ نشر الأخبار الاقتصاديّة، الرّياضيّة، الأخبار الّتي تنقل أخبار المجتمع، من وفاة وولادة وهذا أمر طبيعيّ، ولكن مع تطوّر التّكنولوجيا أصبح الإنسان يسمع أخبار العالم لحظة بلحظة، من دون أن يغادر مكانه، وقد تتشابه هذه الأحداث مع بعضها البعض، فكثيراً ما نسمع الأحداث الحاصلة نفسها، ولكن في بلدين مختلفين وبعيدين جغرافيّاً عن بعضهما، ما يجعل القلق يتسلّل للقلوب ويتملّك الخوف داخلهم، ما يجعل ذلك عاملاّ مهمّاً لانعدام الثّقة، أي أنّ هناك علاقة عكسيّة بين ازدياد الخوف وانعدام الثّقة أو قلّتها، وهذا أمر طبيعيّ، وتتعدّد الأسباب لذلك حسب الموقف والحالة.
يجب على المرء أن يعلم أنّ الإنسان ليس كاملاً بل يعتريه النّقص، كما يجب عليه أن يزرع بذور الثّقة في نفسه وفي نفوس الآخرين والمحافظة عليها بشتّى الطّرق، لأنّ بناء الثّقة كبناء قلعة من الرّمل يحتاج وقتاً وصبراً ودقّة، ولكن إن حصل خلل فيها عادت رمالاً متبعثرة، وكذلك الثّقة لابدّ من تقويتها والعمل على استمراريّتها لدى الجميع، وخاصّة المقرّبين والأصدقاء والأهل.