الذّكاء العاطفي وقلّة الثّقة بالنّفس

الدكتورة مايا الهواري
د. مايا الهواري
د. مايا الهواري

علم له بصمته الرّائعة في مختلف نواحي الحياة، فعندما نتكلّم عن القناعة والرّضى ندرك حقيقة تبادل النّظرات بين الآخرين وما يجدونه في أنفسهم من نقاط قوّة أو ضعف، والّتي يرجع أسباب وجودها لعدم الثّقة بالذّات، ولتطوير هذه الثّقة فإنّها تحتاج لاجتهاد وعمل دؤوب مستمر، إذ يبدأ من الصّغر كالبذرة النّاعمة الصّغيرة التي يتمّ الاعتناء بها وسقايتها حتّى تكبر وتصبح شجرة كبيرة مثمرة، تساعدها عوامل خارجيّة أخرى، كذلك يلعب علم الذّكاء العاطفيّ دوراً مهمّاً في بناء الثّقة بالنّفس، وخاصّة الأطفال، فنراهم يتكوّن هذا العلم لديهم منذ نعومة أظفارهم، ليتعرّف هذا الطفل إلى مشاعره ويصفها، ثمّ يأخذ قراراته بشكل صحيح، إضافة للتّعامل الصّحيح مع الآخرين، فيشعر ويتعاطف معهم، مع الانتباه لعدم إرهاق الذّات، بحيث يتحوّل لشخص معطاء بشكل كبير مبالغ فيه على حساب نفسه فينساها ويتجاهلها في سبيل غيره.

وهنا تلعب التّربية دوراً كبيراً في علم الذّكاء العاطفيّ، فهي الأساس لكلّ شيء، لأنّ التّردّد في اتّخاذ القرارات وخاصّة الخاطئة يأتي من قلّة الثّقة بالنّفس، والّتي تُعدّ الأساس لكلّ شيء، ما يجعل لهذا العلم دوراً بالغ الأهمّيّة في تحصيل العلم والثّقافة وكيفيّة التّعامل مع المجتمع، ابتداء بالأسرة، لذا إنّ وعي المرء بذاته وفهمه لنفسه ومعرفته ما يمتلك من نقاط قوّة ونقاط ضعف ومدى معرفته بقيمة نفسه تجعله إنساناً قادراً على تحسين علاقته بالآخرين.

إنّ علم الذّكاء العاطفيّ ليس حكراً على شخص بعينه، إنّما يمكن امتلاكه من قبل الجميع، ولكنّه بحاجة لتدريب وتطوير وتنمية للمهارات السّمعيّة والبصريّة واللّغويّة ومهارات الجسد أيضاً حتّى يسيطر الإنسان على اتّزانه الدّاخليّ والاعتدال، وهناك طرق عديدة يمكن ترسيخها لدى الأطفال منذ نعومة أظفارهم، حتى يكبر معهم هذا العلم من خلال الألعاب التّمثيليّة الهادفة والتّشاركيّة الّتي تدعم كلّ الإيجابيّات داخلهم فيما يتناسب مع أعمارهم، ولا ينحصر ضمن مجال محدّد، بل هو علم واسع دخل كل مجالات الحياة، وبالتّالي من أراد النّجاح لا بدّ أن يجعل علم الذّكاء العاطفيّ مع الثّقة بالنّفس السّلاح الفعّال لتحقيق الأهداف.